“اكتفاء 1” نقلة نوعية يمنية:”نحارب بما نصنع ونأكل مما نزرع

بعد فرض الجيش اليمني معادلات عسكرية، انطلق الشعب نحو إيجاد البدائل، وتأمين عوامل الصمود الرئيسية، وتوفير أكبر قدر من الأمن الغذائي، فبات “يحارب بما يصنع ويأكل مما يزرع”.

يبرهن الشعب اليمني يوماً بعد يوم عن شكيمةٍ سجّلها للتاريخ بأحرفٍ مرصّعة بالقيم والمبادئ. صمودٌ أسطوري، وتكافلٌ اجتماعي يحتذى به، وتمسّك بالثوابت، مع قيادات شابة مبدعة في مواجهة حصار وتجويع وارتكاب للمجازر وحرب معلنة على المدنيين.

بعد الإنجازات التي حقّقها اليمنيون في مواجهة آلة حرب التحالف السعودي المدججة بأحدث أنواع الأسلحة من مختلف بلدان العالم، من خلال ابتداع أساليب خلاقة قلبت المعادلة لمصلحتهم، بدأنا نرى إنجازات في ميادين أخرى، تتصل بصلب حياتهم، كنوع من الصمود في مواجهة الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي.

ومن هذه الإنجازات، تصنيع حراثة (جرار زراعي) تحمل اسم “اكتفاء 1” بأيدٍ وخبرات يمنية خالصة.

تأمين البديل في ظل الحصار

نتيجة حرب التحالف السعودي على اليمن والحصار الذي يفرضه عليه منذ 7 سنوات، “كان لِزاماً على الشعب اليمني الانطلاق نحو إيجاد البدائل وتأمين عوامل الصمود الرئيسية، وهي امتلاك القوة العسكرية وتأمين أكبر قدر من الأمن الغذائي. وقد بات يحارب بما يصنع، ويأكل مما يزرع، وانطلقت مشاريع التكافل الاجتماعي بوتيرة أعلى، ما وفر فرص عملٍ، وأعان الكثيرين على تجاوز صعوبة الضغط المتولد نتيجة ظروف الحرب والحصار”، بحسب المحلل والباحث الأكاديمي اليمني الدكتور أحمد المؤيد.

المؤيد تحدث إلى الميادين نت بعد إزاحة الستار في محافظة الحديدة عن أول حرّاثة زراعية صُنعت في اليمن عبر قسم الإبداع في جمعية “اكتفاء” الزراعية.

وكرّم محافظ الحديدة محمد عياش قحيم، يوم أمس الإثنين، مبتكري حراثة “اكتفاء 1” من أعضاء جمعية اكتفاء الزراعية في مديرية “المراوعة” بالشهادات التقديرية والدروع، وبمبالغ نقدية.

القحيم أوضح خلال إزاحة الستار أن “إنتاج الحرّاثة الزراعية “اكتفاء 1″ التي تعمل بالبنزين تمثّل باكورة إنتاج فريق الجمعية في القطاع الزراعي”.

ووجّه قحيم الوحدة التنفيذية للتمويل الزراعي بإعطاء قرض للجمعية لإنتاج عدد أكبر من الحرّاثات، بما يسهم في دعم الجمعية، ودعم مدخلات الإنتاج الزراعي، وتوزيعها على المزارعين بأقل تكلفة.

وأشار إلى أن “إزاحة الستار عن هذه الحرّاثة تأتي في الوقت الذي لا تزال دول العدوان مستمرة في قتل الشعب اليمني بصواريخها وأسلحتها، وبحصارها البري والبحري والجوي، وتمنع دخول الغذاء والدواء والمستلزمات الضرورية للحياة”.

حكومة صنعاء حشدت الطاقات منذ اليوم الأول

يقول المؤيد إن “حكومة صنعاء كانت تعرف ما ينتظرها نتيجة هذه المعركة، فحشدت الطاقات منذ اليوم الأول لتأمين عوامل الصمود، وبادرت إلى جمع العلماء والخبراء وأعيان المجتمع، كل في مجاله، فالمجتمع كل لا يتجزأ، وعماده القبيلة اليمنية. لذا، كان الاهتمام بها رافداً أساسياً لتماسك المجتمع”.

ويوضح: “لأن المشروع الذي تحمله حركة “أنصار الله” هو مشروع مشرّف، فقد انطلق الجميع وفق إحساسٍ بنداء الواجب، كلّ في مجال عمله، وكانت النتيجة صموداً أسطورياً تحت أصعب الظروف التي تنهار أمامها دول، وتركع أمامها أنظمة، ولكن حُسن إدارة المعركة عسكرياً ومجتمعياً ساهم في تحويل الصمود إلى انتصارات رآها العالم على أرض الواقع”.

ويذكّر المؤيد بأن “الشعب اليمني عُرف منذ القدم بالإبداع والصناعة والبناء وتحويل المعاناة إلى فرص، فهو لا يستسلم. وقد تعلّم من الظروف الصعبة التي يعيشها، سواء بفعل أطماع الغزو التي تتالت على أرضه، أو بفعل عوامل البيئة الصعبة في جغرافيته التي جعلته جاهزاً دائماً لأصعب الظروف”.

“يدٌ تبني ويدٌ تحمي”

وقد تفاعل اليمنيون في وسائل التواصل الاجتماعي مع هذا الإنجاز الحيوي، فقال أحدهم: “برغم العدوان والحصار على اليمن واليمنيين، محافظ محافظة الحديدة محمد عياش قحيم وفريقه يكشفون الستار عن أول حرّاثة زراعية يمنية الصنع. ترجمة عملية لمقولة الشهيد الرئيس صالح الصماد: يدٌ تبني ويدٌ تحمي”.

وقال آخر: “العقل اليمني ما زال يقاوم العدوان. صناعة حّراثة زراعية خطوة في طريق التحرر وبحجم متوسط. لن تهزم أمة بدأت خطوات التنمية بخطى ثابتة”.

كلما ازداد الضغط.. زاد الإبداع

وكانت المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب في اليمن عرضت نماذج من المعدات والحرّاثات الزراعية والآلات الزراعية التي تم إنتاجها محلياً بدعم من المؤسسة في كلٍّ من كلية الهندسة في جامعة صنعاء وبعض المعاهد المهنية التقنية.

ويختم د. المؤيد بقوله: “إنّ الصناعات العسكرية أو المدنية، كما رأينا في النموذج الأولي للحراثة اليمنية التي صنعت في اليمن بأيدٍ يمنية أو بالبالستيات والمسيّرات المصنوعة أيضاً بأيادٍ يمنية، تقول للعدو إنَّ هذا الشعب عصيٌّ على الإخضاع، وهو شعب يمتلك عوامل الصمود والبقاء، لأن الصمود لديه هو ثقافة يرثها جيلاً بعد جيل. وكلما ازداد الضغط زاد الإبداع والابتكار، حتى يتحقق النصر بإذن الله”.

 

  •  
  • المصدر: الميادين نت
قد يعجبك ايضا