نائب رئيس تحرير جريدة الاهرام المصرية يكتب عن زيارته لليمن ولقاءه برئيس اللجنة الثورية :
قبل أن أغادر إلى صنعاء في فبراير الماضى , كنت أتعجب بشأن هذا الشاب الثلاثينى الذي يدير شئون دولة بوضع اليمن التى اختطف تنظيم القاعدة ثلث مساحتها ,ويجرى قصف الثلثين المتبقيين من السماء بعشرات الألاف من طلعات أحدث المقاتلات وتفجيرها من الأرض بالرصاص والأحزمة الناسفة , وتعيش حكومتها التي قامت الحرب من أجل شرعيتها خارج الحدود رغم أن رئيسها هادى منصور يقول أنه تم تحرير 80% من أيدى الإنقلابيين ( الحوثى وعفاش ) .
فوجئت بما ذكره لي السيد محمد على الحوثى (أبو أحمد ) رئيس اللجنة الثورية العليا فى اليمن التى تدير شئون المحافظات التى تخضع لسيطرة اللجان الشعبية (الحوثية ), بأنهم يرسلون المرتبات الحكومية للموظفين وضباط وجنود الجيش اليمنى فى المناطق التى لا تخضع لسلطتهم فى الجنوب والوسط حتى من يقاتلوهم مع مع التحالف والفصائل الموالية له في الجنوب تصلهم المرتبات بطائرة خاصة !
و فوجئت عندما قال أن أخوان اليمن مرروا للأجهزة المصرية معلومات مغلوطة وقد تمكنوا من ذلك عندما تنفذوا فى الجيش والمؤسسات المدنية , ولكنه لم يفاجئني عندما قال إن مصر أمن قومى لليمن وأنها أمة قوية ولديها وعى أكثر من الآخرين , سبب عدم دهشتى هو أنني لمست مدى إيمان اليمنيين العميق وكل من قابلتهم من كافة المستويات العلمية والاجتماعية بما قاله( أبو أحمد ) الذى يسكن أحد القصور الرئاسية ويمارس عمله الادارى فيه .
كنت فى الفندق فى صنعاء عندما مر على صديقى وهو اعلامى يمنى كنت قد التقيته فى زيارتى قبل عام فى صنعاء وطلب منى أن أصاحبه إلى للقاء رئيس اللجنة الثورية العليا الذى علم بوجودى فى صنعاء وعلى الفور ذهبت معه. بعد دقائق وعقب المرور على عدة كمائن كلهم سألونى هل أنت مصرى ؟ بعضهم تسعده اجابتى بالايجاب وآخرون أبدوا دهشتهم وأحيانا غضبهم , وقد تكرر ذلك معى كتيرا فى كل أيام زيارتى التى وصلت إلى ثلاثة أسابيع قضيتها تحت القصف ومع ذلك فى كل مرة كانوا يقولون : منور اليمن ويرددون كلمات الترحيب باللهجة المصرية ,كنت أرد عليهم بكلمات تعبر عن الشكر والامتنان لكلماتهم الطيبة .
على باب القصر لاحظت دخول وخروج العشرات من الناس بزيهم اليمنى التقليدى وآخرين بأزياء عادية ولفت نظرى تلك الأعداد الكبيرة للداخلين والخارجين , وعندما دخلت إلى صالون جانبى لاحظت أنهم كانوا يتناولون الطعام ( حفل استقبال لعدد من ممثلى قبائل إحدى المحافظات ) بعد وقت قليل وجدت امامى السيد محمد الحوثى وهو شاب فى الثلاثينات من عمره وأدهشني ببساطته الشديدة وأيضا بخفة الدم وحفظه الكثير من النكات المصرية ورأيته يسلم على المشايخ الكبار فى السن ويقبل أياديهم . أمسك بيدي بقوة ومر بى بين العشرات من الضيوف حتى جلسنا على الارض مع الناس لنتناول الغذاء . وبعد الانتهاء ذهب إلى مكتبه بينما انتظرته أنا فى غرفة مجاورة .
كثيرون جدا رحبوا بى إلى أن انتهى من عمله وعندما دخل لاحظ ابتسامتي فسأل عن السبب فنظرت إلى كيس القات الذى يحمله وبدأت استفسر منه عن بعض الملاحظات . قلت لما تقولون الموت لأمريكا ؟ فأجاب إن ما يجرى فى اليمن اليوم هو التطبيق العملى لفيلم قواعد الاشتباك الأمريكي الذى عرض قبل سنوات وفيه يقاتل الأمريكيون فى اليمن بالشكل الذى تراه . وأضاف إن الأخوان المسلمون هم عملاؤها فى اليمن وليؤكد وجهة نظره أضاف , أنه كما ورد فى كتاب سر المعبد فان التنظيم العالمى للإخوان يعتبرون اليمن أرض النصرة , لذلك هم حريصون على السيطرة عليه والاستيلاء على مقدراته بدليل هروب بعضهم الى تركيا بالأموال اليمنية التى جمعوها خلال السنوات الماضية . وقال إن وسائل الإعلام الأخوانية تتحدث دائما عن الخصم وتتهمه بالأفعال التى يرتكبونها هم, فحياتهم تقوم على الكذب والتزييف( هكذا قال ) .
كنت قبل زيارتى لليمن قد شاهدت مقطع فيديو لأبو أحمد وهو يقود موتر ( موتوسيكل ) في مدينة الحديدة وعندما ذكرت له ذلك ضحك كثيرا وقال أنه قد يشارك الأطفال لعب كرة القدم لو صادفهم فى أى جولة يقوم بها , وقال الشعب مثقل بسبب الحصار ويرى أن أمريكا تعاقب اليمن لأنه رفض الأخوان والقاعدة وداعش , واندهشت لأنه لم يذكر أى دولة عربية مشاركة فى التحالف بسوء وعندما ذكرت له ذلك قال : عدونا هو أمريكا واسرائيل أما العرب فنحن أخوة نختلف ونتفق ونتحارب و سنتصالح .
سألته عن المعونات الأجنبية وعمل المنظمات الانسانية فى اليمن فقال : كلامهم كثير وأفعالهم قليلة وضعيفة , نحن لا نريد مساعدات ونقول لهم اتركوا اليمن وشأنه وفكوا الحصار ولن تكون لدينا مشكلة . وقال : نحن مفروض علينا حصا رين : الأول على الغذاء والدواء والسلع , والثانى على العملات الأجنبية لأنه ممنوع دخول أى أى مساهمات من اليمنيين فى الخارج بأى عملة , كما تم منع التعامل مع البنك المركزى اليمنى ووقف بيع البترول تماما , إنهم يقتلوننا .
وقال عندما سألته عن علاقة جماعة الحوثى بحزب المؤتمر الذى يتزعمه الرئيس السابق على صالح : نحن شركاء سياسة ولسنا شركاء قتال وبيننا وبين من يرفضون الحرب حورات ومفاوضات ومستعدون للجلوس على أى مائدة تفاوض فى أى مكان لوقف نزيف الدم وفك الحصار . وسألته لماذا لا تقدمون مبادرة لحل الأزمة اليمنية قال : موقفنا معروف ومقترحاتنا أكدناها فى مسقط وجنيف وقبل ذلك فى محادثات جرت اليمن برعاية الأمم المتحدة , ومع ذلك نرى أن الوضع الراهن يحتاج إلى دبلوماسية عربية قوية , لأننا نحتاج إلى مبادرة يساندها الإعلام وهو ما يتوفر فى مصر شقيقة كل العرب , كما نتمنى أن تراعى المبادرة العربية إذا تمت مبدأ ( لا ضرر ولا ضرار ) .
وعندما سألته ما هو تصوره للمدى الزمنى الذى ستنتهى فيه الأزمة اليمنية فقال : قريبا لأننا دخلنا معركة مباشرة ونحن قادرون على الصمود لسنوات , كنت قد انتهيت من استفساراتى وعندما ودعته قال لى : نحن نحب مصر وهى فى ضمير كل اليمنيين والعرب لا لشئ إلا لأنها مصر المبنى والمعنى .