مُعَادَلات خِطَابَ الصَّرْخةِ.. اَلْحَرْبُ مَحْكُوَمَةٌ بِالفَشَلِ وحِسَابُها عَسِير!
رَسَم قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – في خطابه يوم أمس، بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجهة المستكبرين – معادلة جديدة في مواجهة تحالف العدوان الذي تقوده السعودية وأمريكا قوام المعادلة أن استمرار العدوان والحصار وحرمان الشعب اليمني من ثرواته، يعني أن مملكة العدوان السعودية لن تجلب لنفسها السلام والاستقرار ولن تتحقق الطموحات الاقتصادية التي يسعى لها السعودي من وراء رؤية 2030.
بالإضافة إلى أن الخطاب الذي ألقاه يوم أمس كان شاملا استرسل فيه السيد القائد من بدايات الانطلاق للمشروع القرآني وما واجهه من تحديات وتشويه ودعايات وستة حروب كبرى، وعشرين حربا أخرى، وبعد أن طرق السيد القائد الركائز الأساسية للمشروع القرآني الذي تمثل في الصرخة كموقف وسلاح، والمقاطعة تحرك عملي، وحصن الأمة في مواجهة الأعداء، أشار إلى فشل المشروع الأمريكي في المنطقة والانحدار الذي بات يعصف بأمريكا جراء الأزمات العميقة وأهمها أزمة الديون العاصفة بالبنوك والاقتصاد في أمريكا، ثم تحدث عن مرحلة الحرب والسلام بين الشعب اليمني وتحالف العدوان.
وإذا كنا في مناسبة الذكرى السنوية للصرخة، التي انطلقت في العام 2002م، أي قبل 20 عاما، وواجهت حروبا عنيفة كانت أمريكا وراء إشعالها وشنها بدفع السلطة العميلة في صنعاء لشنها، ولم تستثن النظام السعودي من المشاركة فيها بالانخراط بشكل مباشر في الحربين الخامسة والسادسة وبشكل غير معلن في ما قبلها، وبحروب أخرى كانت مملكة العدوان السعودية تخوضها بأدواتها في اليمن، وبالوكالة عن الإدارة الأمريكية.
بالعدوان على اليمن، نقلت مملكة العدوان السعودية حربها على المشروع القرآني، من حروب بالوكالة كانت تحرك فيها القاعدة والدواعش وحزب الإصلاح، إلى المواجهة المباشرة، في تلك الحروب كانت مملكة العدوان السعودية تمول وتسلح وتدرب المرتزقة والأدوات وتتفرج من بعيد على النتائج، حتى تساقطت تلك الجبهات واحدة تلو أخرى بما حققه المجاهدون من انتصارات تعاظمت فاتسعت خارطة المواجهة حتى وصلت إلى الحرب المباشرة بالعدوان الذي تحالفت فيه أكثر من عشرين دولة.
في المثل يقول الناس «الغبي هو من لا يتعظ بغيره»، أما الأغبى فهو من لا يتعظ بنفسه، مملكة العدوان السعودية التي خاضت حروبا متعددة ضد المشروع القرآني وخسرت وتهاوت جبهاتها وتساقطت أدواتها لم تستفد من دروسها، وهي كذلك لم تدرك خطأ رهاناتها بالمآلات التي تمخضت عن حرب الثمانية أعوام التي شنتها ومعها تحالف الشر أمريكا وبريطانيا والإمارات وعشرون دولة، والأكثر غرابة أنها لم تدرك بعد أنها بحربها لم تزد هذا المشروع إلا المزيد من الصلابة والاقتدار حينما وضعت الشعب اليمني أمام آفاق مواجهة حتمية كان لابد أن يقرر مصائرها على النحو الذي جرى خلال السنوات الثمان، ومع كل يوم يمر مع بقاء العدوان والحصار، تغرق السعودية أكثر وتتسع ورطتها وتتعاظم مخاطر بقائها غارقة في هذه الحرب المهزومة.
وكما لم يتراجع هذا المشروع العظيم أمام حروب التشويه والإرادات والضغوط والمحفزات والترهيب والقتل والقصف ومضى يعزز من انتصاراته وقدراته، نهض هذا المشروع بالشعب اليمني في مواجهة أخطر الحروب وأفتكها وأكبرها حشودا وتحالفات عسكرية واستخبارية ومالية وسياسية، حيث صمد في حرب السنوات الثمان أمام العاصفة التي تحالفت فيها عشرون دولة بأمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات ودول أخرى، ورغم القصف والتدمير والقتل والتجويع والأسلحة الجرثومية والبيولوجية، ورغم القوامات الهائلة للجيوش التي احتشدت وألوف المرتزقة والمأجورين، ورغم امتلاك أخطر الأسلحة وأفتكها والاستخبارات والرصد والعتاد المتطور، ورغم أساليب الحرب التي شنت من قصف موحش وحصار وتجويع، إلا أن الشعب اليمني تماسك وصمد بقوة الله، ورغم ما كان عليه هذا الشعب من وضعية عسكرية لم تكن تكفي لخوض حرب صغيرة إلا أنه وبفضل الله وللانطلاق بهذا المشروع العظيم، استطاع أن يعزز قدراته واجترح البدائل وابتكر السلاح وصنعه وطوره حتى بات يمتلك أقوى ترسانات باليستية ومسيرة، نوعية ومتطورة، ونجحت ثورة الشعب اليمني في الصمود واجتراح البدائل السياسية وامتلاك زمام المبادرة، واللافت أن كل هذا حدث وجرى خلا السنوات الثمان، وما زالت مملكة العدوان السعودية غير مدركة لحجم الانقلاب في معادلات الحرب والقوة والردع، وما زالت تكرر رهاناتها وأخطاءها القاتلة بالاستمرار في العدوان والحصار.
الطريق أمام خروج مملكة العدوان السعودية من هذه الورطة ليست مغلقة، وقد أوضحها قائد الثورة في خطابه أمس، بقوله طريق الخروج المنصف والصحيح واضح بوقف العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال ومعالجة ملفات الحرب وأضرارها والتعويض عن ذلك، على أن الثمن الذي يمكن للسعودية أن تخرج به اليوم لا يمكن أن تخرج به غدا، وكلما طال أمد عدوانها وحصارها، كلما تعاظمت أكلاف الحرب والخروج منها.
اليوم بات واضحا من خطاب السيد القائد، يوم أمس، أن الاستمرار في المراهنات على إبقاء الوضع في حالته هذه لن تستمر، وواضحا ألا رؤية 2030 م وطموحات ابن سلمان ستتحقق، وألا سلام وأمان واستقرار سيتحقق للسعودية ما دامت الحرب والحصار والاحتلال قائم على اليمن، موسعا المعادلة أن الثروات اليمنية كافة بما في البحر والبر من كنوز ومعادن لم تعد مباحة.
التذاكي السعودي على ما يجب أن يلتزم به ويتحمله لن يجدي اليوم أمام المعادلة الحاسمة التي وضعها قائد الثورة، لا يجب أن يستبطن السعوديون الرغبة في التهدئة مع استبطانهم النوايا والمؤامرات على اليمن، لا يجب على السعوديين أن يراهنوا على وعود أمريكية أو بريطانية أو حتى صهيونية، فما حدث أثبت أنها وعود كسراب بقيعة، الفشل الأمريكي الممتد من سوريا إلى العراق إلى لبنان إلى فلسطين إلى إيران، مع الاستمرار في العدوان والحصار على اليمن يعني أن بانتظار مملكة العدوان السعودية هزيمة استراتيجية مدوية ومصيرية..والحليم من ينقذ نفسه قبل الغرق.
إنه العدوان على شعب مؤمن لا يستكين، ومن لم يتدارك نفسه بإيقافه والخروج منه، سيدفع الكثير في المعادلات القادمة..وعلى الباغي تدور الدوائر.
كتب- عبدالرحمن الأهنومي