مُسقِطَ الطائرة !
عين الحقيقة/د/مصباح الهمداني
قبل أكثر من نصف قرن، وحين كانت الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا تحت نير الاستعمار الفرنسي، وتلك الشعوب تعيش أشد أنواع الإذلال والإهانة، يذهب الجنرال الفرنسي سوستيل إلى غابات تلمسان لصيد ((العرب))، لكي يُعلم ولده إطلاق الرصاص والقنص، ثم يكتب إلى زوجته في باريس((كلنا بخير، فأنا بخير،وكلبي بخير، والعرب تبعي بخير)).. ولا أدري كلما قرأتُ هذا النص؛ أتذكر حال إخوتنا وأهلنا في عدن ومارب..
ولن أذهبَ بعيدًا، ولكني سأذكر لكم عبرة ودرس مما سبقَ ذكره، وهو أنَّ حال الناس تحت ذلك الاستعمار كان يسير بطريقة اعتيادية، فالصلاة والزكاة والعبادات كلها قائمة، وكانوا يقرأون القرآن بلا تدبر ولا تأملٍ، وكانت حياتهم مجللة بالذل والعار والمسكنة والإهانة، وحين التفتوا حول القرآن، وحول قيادات حرَّكتِ القرآن في حياةِ الناس، بدأ المستعمرُ يشعرُ بالخطر.. وقال الجنرال سوستيل نفسه:
((إن القرآن ليس كتابًا دينيًا، أنه يدعو العربَ إلى الحرب والنصر …ولا يوجد كتاب يستطيع أن يحرض الجماهير الفقيرة وعامل مؤثر فيه مثل القرآن…ولا يوجد كتابٌ أقدرُ منه على إثارة النخوة والرغبة في الانتقام والهياج السياسي))
وبالفِعلِ؛ فما إن اكتملَ التفافُ الناسِ بالرجال العاملين بالقرآن، حتى ذاقَ المُستعمِرُ وبالَ الحرب، ولم يسعه في النهاية إلا أن يحمل عصا الهزيمة والذل ويرحل خائبًا منكسرا!
ولو تأملتم اليوم القرآن السعودي في أطهر بقاع الأرض مكة والمدينة، فإنه يُتلى آناء الليلِ وأطرافَ النهار، وبأصواتٍ ذهبية وفضية وبرونزية، ولكنه لا يؤثر في وعي الناس، ولم يُخرِّج إلا حكامًا يفرشون السَّجاد لترامب، وخطباء يعتبرون الأمريكي صديق حميم، وحامٍ لبلاد الحرمين!
ومِنْ هُنا قالها محمد سلمان بكل صراحة ووضوح، فلا الدنبوع ولا (الشرعية) ولا قصة المجوس ولا (الغسوس) هي السبب في حربه على اليمن، بل السبب كما قال بعظمة لسانه (لا نريد حزب الله آخر على حدود مملكة …(ترامب)..
ولا نحتاج لذاكرة حديدية لنتذكر، كيف قامت قيامة الاستعمار الأمريكي حين نهض السيد حسين بن بدر الدين يحرك القرآن في عقول وقلوب وحياة الناس، ومنذ اليوم الأول سلط عليه المستعمرين أحد أذنابهم، كما يسلطون سلمان وابنه المهفوف اليوم على قائد المسيرة السيد القائد عبد الملك، ووصفهم له بحزب الله جديد…
ولأن التاريخ يُعيدُ نفسه، ويضعُ لنا علامات ودلالات كثيرة، بأن النصرَ حليفُ من تمسَّك بالقرآن عملاً وتدبرًا ووعيًا لا (ترديدًا وتحسينًا وتجملاً وموسيقى…فقط)..
وربما البعضُ لا يُدرِك أولا يستوعِب، أو يأخذُه الكِبرُ والغرور بعيدًا عن رؤية الحق، واستيعاب الحقيقة؛ فالقائد اليومَ محط أنظار العالم المُستعمِرِ كله، ويحسبون لكل كلمة من كلامه ألف حساب، وقد علموا أنه الصادق الذي لا يكذِب، والواثِق بكتاب ربه الذي لا يُخلِف، والمُتمسِّك بحبلِ الله الذي لا ينقطِعْ..
ولقد حيَّرهم القائِد وهو يخاطبُ القبيلة اليمنية، ويستنهضُ منها المهندسون العظماء، والمخترعون الحُكماء، والمقاتلون الأشداء، والأحرار الأقوياء؛ بقوله:
أوجه كلامي إلى قبائل اليمن قبيلة قبيلة؛ أنتم الأحرار، أنتم الصامدون، أنتم كنتم على مدى التاريخ الذين كان لكم النصيب الأوفر في التصدي لكل مستعمر وكل محتل وكل غشوم وكل طاغية، معنيون اليوم أن تتحركوا أكثر فأكثر وأن يرعى هذا التحرك وأن يحسب له ألف حساب..
واحتار المستعمرون أكثر وهم يشاهدون القبائل اليمنية بمشائخها ورجالها وكبارها وأشبالها تخرج ملبية النِّداء، بالمال والرجال، وبالزاد والعتاد، وبالحضور والحشد، في مواقفٍ مذهلة، وصورٍ نادرة..
ولقد حسب المحتلون لكلامه يوم 14 سبتمبر ألفَ حِساب، بينما كانَ يسخرُ منها، عملاءَ المحتل، ولاعقي نعاله الصغار، وقد قال القائد ذلك اليوم:
هناك عمل جارٍ لتطوير منظومات دفاع جوية تتصدى للطائرات الحديثة وللقدرات الحديثة الأمريكية التي تشتغل فوق سماء بلدنا وهذا سيعتبر انجاز كبير جدا كلما حققنا إمكانات، وتطوير قدرات في مواجهة التقنية الحديثة الأمريكية.
وهانحن اليوم نُسَبِّح ونكبر، ونحمد الله ونشكره، فقد رأينا كل كلمةٍ يقولها القائد تتحقق، وكل وعدٍ يعدُه يُنجز، والعالم اليوم يقفُ مشدوهًا حائِرًا، وهو يُوقِفُ كبار علمائه، ومراكِزَ أبحاثه، وملياراتِ إنفاقه؛
وهو يشاهِدُ أشبالُ اليمن المُحاصرين من البرِّ والبحرِ والجوِّ،
يصنِّعون الطائراتِ بلا طيار، والقناصات المخترقة للمجنزرات،
ويُسقطون أحدث طائراته بلاطيار (إم كيو)،
وتأتي بالأمس قاصمة الظهر، حيث تمَّ إسقاط الطائرة التايفون (اليوروفايتر) الأمريكية الحائزة على الرقم الثاني في القوة القتالية والتخفي عن أي رادار..
وحتى هذه اللحظة ما تزال شُعيراتُ رؤوس كبار عُلماء وخُبراء أمريكا وإسرائيل وأوروبا واقفة!
وبينما صاروخ الفجر الباليستي قاهر تو إم، يعجن ويخبز جنود مملكة الشيطان في نجران، والذي ليس بينه وبين إسقاط طائرة التايفون سوى ساعات!
يصرِّح والد المهفوف، وحوله علماء البلاط المنافقين، وقد جثمَ فوق صحنِ كبسة كبير، متأملاً هذا الانجاز ويقول:
نحن في عصر الاست…راء!
وكما أنطق الله ألسنتكم الملوثة، بأنكم في عصر الإست…راء!
فإن قائد رجال الرجال، وعدنا!
ورأينا ما وعدنا حقَّا، فالانتصارات لا نكاد نحصيها، والأسرى البريين والبحريين؛ من كل جنسٍ وجنسية، ومن كل عرقٍ ولون، وقد امتلأت بهم صالات الاستقبال!
واليوم تسجل صواريخ الإيمان يمان، حضورها لجلب الأسرى من الجو!