مُبرِّرات الغارات!
عين الحقيقة/كتب /د/مصباح الهمداني
لو عُدنا إلى الجاهلية الأولى، وقلَّبنا صفحات التاريخ، لوجدنا أن العربَ في جاهليتهم، لم يكونوا يعتدوا على النساء والأطفال، بل يعتبرون ذلك من العيب، وكان أراذل قطاع الطُّرق يُغيرون على قوافِل التجارة؛ طمعًا بما فيها من ثروة.
وبعد الإسلام كانت الحروب تسير على نسقٍ أفضَل، ولم يكن أحد يفكر بالاعتداء على البيوت والأطفال والنساء، ولم يحدث في أي معركة أن يتم إحراق البيوت أو قتل المارة في الطريق، أو قتل النساء والأطفال؛ إلا في معركة كربلاء، على يدِ الملعون، مجرم العصر يزيد.
وقد أجمع المسلمون بطوائفهم على أنه أكثر المنافقين إجرامًا وعدوانا، وظنَّ الكثير أنه بمقتل يزيد، قد تم قتلَ السقوط والانحطاط والخسة والحقارة والدناءة في طريقةِ الحروب، والتعامل مع النساء والأطفال.
لكن التاريخَ يأبى إلا أن يُعيدَ نفسه، وقد وجدَت روح يزيد، في آل سلول ضالتها المنشودة، ومن يُشاهِدَ هذا الإجرام، والإصرار على القتل، لا يمتلِكْ إلاَّ أن يستحضِرَ منهجَ يزيد في قتل الأطفال وتعذيب النساء، وإحراق الخِيَام.
لم أجِدْ في الحروب الصهيونية والصليبية، أن تقوم الطائرات بقصف المكان، سواءً كان منزلاً أو سوقًا أو مزرعةً ، وتنسفه نسفًا، ثم تعاودُ القصفَ بعدَ دقائق، وبعدَ أن اجتمع العشراتُ أو المآت للملمة الأشلاء وإنقاذ الجرحى، ويتجدد القصف ثالثة ورابعة وخامسة ووصلَ في بعض الأماكِن إلى غارةٍ سابعة لنفس المكان.
هذه الرذيلة المُضافة لسلسلة الرذائل التاريخية تتميز بها مملكة آل سعود الترامبية الشيطانية، والتي لم يسبقها سابق، ولا أظن سيلحق بها لاحق، لأنه حتى الصهاينة برغم كل قُبحهم وإجرامهم؛ إلاَّ أنهم لا يخلِطون دماء الضحايا بدماء المُسعفين، مرَّات ومرَّات.
إن هذه المجازر والتي تجاوز عدد الضحايا المآت، في سوق التعزية بتعز لوحدها أكثر من 150شهيد وجريح، وتُسفِر عن إبادة أسرة الريمي كاملةً في صنعاء11 فردًا، وأسرة أخرى كاملة؛ 14 فردًا في التحيتا بالحديدة؛ ومثل هذه الجرائم أيضًا في ذمار وصعدة، إنما تدل على حرب إبادة.
ويجبُ ألاَّ تمرُّ علينا مرور الكرام، وتستوجِبُ ردودًا كثيرة، لا تتوقَّفُ عند الجانب العسكري فقط بل يجبُ استحضار التالي:
أولاً: قَتل هذا الفِكرْ الوهَّابي وتجريمه، وحرق كُتب القَتَلة الثلاثَة(ابن تيمية/ابن القيم/ابن عبد الوهاب)
وتبيين شرِّهم وخطرهم وكشفُ ألسنتهم وثيابهم وصفحاتهم المليئة بالتكفير والدِّماء، وسيرتهم الطافحة بالقتل.
ثانيًا: توعية الناس بالعودةِ إلى اليمن الأصيل بمذهبيه النقيين الرائعين المُتسامِحين(الشافعي والزيدي)
ثالثًا: تنقية المناهِج وتعديلها بسرعةٍ وقوة وبدون مجاملة ولا محاباة، فالتعديل سيُنقِذُ آلاف الضحايا المُحتملين لأن يُصبحوا يومًا ما قتلة.
رابِعًا: أخذ الدروس والعِبَرْ ممن أخذتهم المملكة كمُرتزقة، حيثُ كانت البِذرة الأولى لتحضيرهم لهذه المُهمة هي الفِكر، وما تسمعونه من الأسرى في كل الجبَهات تكادُ ألسنتهم تتحدَّث وكأنها قُطعت من جلدةٍ واحدة.
خامسًا:الإسراع بإيجاد وسيلة تجنيد اختيارية أو إجبارية.ليشتركَ الجميعَ في الدِّفاعِ عن الأرضِ والعِرض، فالطائرات لا تُميز بين حارس مبنى ريمي، ولا متسوقين من تعز، ولا مزارعين في الحديدة، ولا مسافرين من صعدة، ولا مُراجعين من ذمار.
سادِسًا:لا أشك بأن مصادر الإحداثيات لأكثر الغارات الأخيرة قد تكون من الخونة الجُدُدْ، وبطريقة ارتجالية واندفاعية ليُثبتوا أنهم نِعال جديدة، تستحِق الانتعال، ولكن الله أراد فضيحتهم فجميع الأهداف مدنية، ودامية، وستتبرأ منها دول الاستكبار، حين يحصحص البيان، وتتضح الصورة. ولهذا فيجِب التركيز على الخونة الذين لم يهربوا بعدَ، أو لم يجدوا أصلاً من يحتضنهم، وستعرفونهم في لحنِ القول، وفي معارضة ثلاث نقاط مهمة (القضاء/التعليم/التجنيد)
سابعًا: لا أستبعد أبدًا أن يقوم الغزاة أو مرتزقتهم بارتكاب جريمة في تعز أو غيرها وإلصاق التهمة بالجيش واللجان، ليُخففوا الضغط الدولي الحاصل بعد غارات الأمس واليوم، ولابد من مواجهة ذلك إعلاميًا قبل وقوعه.
والخلاصة:
هذا القصف وهذه الوحشية إنما هي دليل ضعفٍ وعجزٍ وفشلٍ وخواء،
فكلما رأيتُ مملكة الشيطان تُعربدُ بالقصفِ في المناطق المدنية والأسواق والبيوت، أُدركُ يقينًا أن فخرنا وعزنا ومجدنا وفرساننا؛ رجال الرجال يُمرِّغونَ أنفها في التراب، ويُلاحقون جنودها الفارين، في جيزان ونجران وعسير، وأتيقن تمامًا بأن الجبالَ التي على الجبال، والأوتادَ التي على الرمال، سواءً في نهم أو صرواح، أو الجوف أو الخوخة، وكذلك ميدي والمخا؛ يلقنون من باعوا عرضهم وأرضهم ودماء أهلهم؛ دروسًا ستتحَدَّثُ عنها الصخور والرمال والمياه.
ويجب علينا عندَ كل قصف، وعند كل قطرةِ دماء؛ ألا نتحدَّث إلا عن النصر، لأن الله معنا،
وقد قال مؤكدًا” وكان حقًا علينا نصر المؤمنين”