موقع عربي شهير :جرائم تحالف العدوان: ما تعجز عنه الأمم المتحدة يفعله الردع اليمني!
عام 1996، وبحجة تدمير منصة صواريخ كاتيوشا أطلقتها المقاومة، استهدف كيان الاحتلال مقراً لقوات الطوارئ الدولية الأممية UNIFIL في قرية قانا بجنوب لبنان، والتي كان يختبئ فيها المدنيون الهاربون من وحشية القصف الذي لم يتوقف لأكثر من 16 يوماً. ورغم علمها المسبق بوجودهم، قتلت 106 شهيداً، وأصابت حوالي 150 شخصاً بجروح. وهو ما يصنف في القانون الدولي الإنساني جريمة حرب.
كانت ردود الفعل خجولة جداً لا تتعدى المطالبة بوقف إطلاق النار، ليس فقط غربيّاً بل عربيّاً أيضاً، حتى مجلس الأمن لم يستطع انتزاع الإدانة الدولية لهذه المجزرة.
في سيناريو مشابه، وتحت ذريعة استخدام مطار صنعاء لشن هجمات عسكرية، استهدفت السعودية مرافق مدنية وأحياء سكنية محمية بحسب القوانين الدولية، بغارات عنيفة تسببت بأضرار فادحة بما تضمن الجسور والطرق في مدينة مكتظة بالسكان. غير ان المستهدفين جراء هذا القصف الذي تكرر مرات عديدة طيلة السنوات الماضية لم يقتصر على أبناء تلك المنطقة فقط، بل طال أكثر من 30 مليون يمني كون هذا المرفق يستخدم لاستقبال المساعدات الإنسانية لتخفيف وطأة الحصار الذي فرضته الرياض أيضاً. ومرة أخرى ضمن سلسلة الانتهاكات التي لا تلقى منبراً للإدانة الدولية، وقفت الأمم المتحدة موقف المتفرج لا أكثر.
تتعدد أوجه الشبه بين الجريمتين، بقصف الأعيان المدنية بحجج واهية وخرق القانون الدولي، وعدم تحقيق أي مكاسب عسكرية، إضافة لوحدة المشروع والتكافل بين الجهات المرتكبة لهاتين الجريمتين والتعاون المباشر في الحرب على اليمن. اما التعرض لحادثة قانا بالتحديد فكان لأجل التذكير بأن استهداف إحدى المقرات التابعة للأمم المتحدة بشكل مباشر وقتل المدنيين العزل فيه لم يحرضها حتى أخلاقياً على الإدانة.
الرياض مدانة بجرائم حرب
تضاف هذه “الجريمة المزدوجة” كما وصفها عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، التي جمعت بين القصف وتشديد الحصار مع اخراج مطار صنعاء عن الخدمة، إلى سلسلة جرائم الحرب التي تنفذ بأمر مباشر من العائلة المالكة في السعودية والامارات، حيث انها تخرق المواثيق والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني بشكل لا لبس فيه ولا يحتمل الشك أو التأويل.
إذ نصّ، تقرير لجنة المسؤوليات التي أنشئت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في العام 1919على أن “تعمّد تجويع المدنيين” يشكّل انتهاكاً لقوانين وأعراف الحرب، ويعرّض من يقوم به للملاحقة الجزائية. وقد قُنّن حظر التجويع كأسلوب من أساليب الحرب في المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول. وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإنّ “تعمّد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب” يشكّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.
حيث رصدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان أكثر من 66% من سكان اليمن يعانون أزمة غذائية ويعيشون أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما يحتاج أكثر من 70% من السكان إلى المساعدات الإنسانية ويفتقر حوالي 20.1 مليون شخص إلى خدمات الرعاية الصحية، نتيجة الحصار الذي يفرضه التحالف على كل الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، الأمر الذي تسبب بأكبر أزمة إنسانية في العالم حسب توصيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
تدرك السعودية هذا الأمر جيداً. وهذا ما دفعها نحو إنهاء “تفويض فريق الخبراء الدوليين للتحقيق في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان في اليمن قبل انتهاء الحرب”، حيث نجحت في ذلك بدعم أميركي، كما كشفت صحيفة غارديان البريطانية عن ان ” السعودية تستخدم “الحوافز والتهديدات” كجزءٍ من الضغط الذي تُمارسه من أجل إيقاف تحقيقٍ للأمم المتحدة.. ومن أمثلة الضغط الخفية التي فعلتها السعودية هي أنّها حذّرت إندونيسيا؛ أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان في العالم، من أنها ستخلق عقبات أمام سفر الإندونيسيين إلى مكة إذا لم يصوّت المسؤولون ضد قرار 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي”.
مع الخسارة الميدانية المتزايدة التي تتكبدها القوات التابعة للرياض خاصة في جبهات مأرب والمناطق المحاذية لها، وما يرافقها من نفاذ بنك الأهداف لديها، ما يجعلها تستخدم سياسة “الأرض المحروقة” وإعادة قصف ما كانت قد قصفته سابقاً، قد يكون اليمن أمام حفلة جنون جديدة تحاول فيها الرياض لملمة صورتها التي اهتزت دولياً. خاصة ان كل مزاعمها باستهداف الترسانة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية سرعان ما يتبين زيفها مع تجديد قصف قوات صنعاء للعمق السعودي بالصواريخ الباليستية. وهذا ما سيفتح الباب أمام خيار اتخاذ اليمن نفسه -في ظل الصمت الأممي- زمام المبادرة لفرض معادلة ردع جديدة لكف يد التحالف عن استهداف المنشآت الحيوية والأعيان المدنية.
وكانت السعودية قد شنّت حربًا على اليمن في آذار عام 2015 دعماً للرئيس المنتهية ولايته منصور هادي، أُطلق عليها اسم “عاصفة الحزم”، وقد شارك فيها العديد من الدول الخليجية والعربية ضمن تحالف تقوده الرياض، إضافة للدعم اللوجستي والاستخباري من الثلاثي الأميركي- البريطاني-الإسرائيلي، حيث انتهك التحالف خلالها القوانين الدولية والإنسانية، وارتكب فظائع وجرائم حرب بحق المدنيين