موقع عربي :المرأة اليمنية: ما أوهنها قصف ولا أخضعها حصار
انقضى أكثر من ثلاثة آلاف يومٍ من العدوان والحصار، واليمن متجلد وصامد. ثلاثة آلاف يومٍ فيها من المآسي ما فيها، وعالمنا الذي لم يعد يفهم سوى الحسابات، حتى أرقام أوجاع اليمن المهولة لم تحرك فيه شيئًا.
عاشت اليمانية في ثلاثة آلاف يومٍ وما تلاها أقسى الآلام والجراحات، في أسوأ كارثة انسانية شهدها العصر. الجرائم متعددة، والاحصائيات لا تنصف، إلا أنها تدنو من الواقع. تجاوز عدد الضحايا من النساء ١٣ ألفًا و٦٤١ قتيلةً وجريحة. وارتكبت قوى التحالف في منطقة الساحل الغربي وحدها ٧١٢ جريمة اغتصاب أطفالٍ ونساء، فيما بلغت جرائم الاختطاف 430 جريمة، وتم الإبلاغ عن 452 جريمة اغتصاب في محافظة عدن.
ارتفع عدد النازحين إلى 6.4 ملايين نازح حتى آذار/مارس 2023م في 15 محافظة جراء العدوان المستمر منذ أكثر من 8 سنوات، ووصل عدد الأسر النازحة إلى 740 الفاً و122 أسرة، كما أن أكثر من 8 ملايين امرأة وفتاة في اليمن كنّ خلال العام الجاري بحاجة لتوفير الخدمات المنقذة للحياة.
تقول المديرة العامة لإدارة المرأة والطفل بوزارة الاعلام في حكومة الانقاذ الوطني الأستاذة سمية الطائفي في تصريح خاصٍ بموقع “العهد” الإخباري: “خلّف العدوان وضعاً كارثياً وظروفاً استثنائية تأثر نتيجتها ملايين اليمنيين، وكانت المرأة في مقدمة الضحايا والمتضررين، سواء كضحية مباشرة للقصف الجوي أو البري أو البحري من قبل دول تحالف العدوان، أو ضحية للوضع المأساوي الذي يفرضه العدوان على المدنيين من خلال حصاره المطبق على كافة أوجه الحياة في اليمن”.
اليمانية تقاوم الحصار.. والعالم صامت
أدى الحصار إلى زيادة معدلات سوء التغذية. هناك أكثر من 1.5 مليون امرأة من الحوامل والمرضعات يعانين من سوء التغذية، منهن 650 ألفاً و495 امرأة مصابات بسوء التغذية المتوسط. في حين أن امرأة وستة مواليد يموتون كل ساعتين بسبب المضاعفات أثناء فترة الحمل أو أثناء الولادة، ويقدر عدد النساء اللاتي يمكن أن يفقدن حياتهن أثناء الحمل أو الولادة بـ 17 ألف امرأة تقريباً. وهناك حوالي 12.6 مليون من النساء بحاجة إلى خدمات منقذة للحياة في الصحة الإنجابية والحماية.
من جانب آخر تفاقمت معاناة الأمهات والنساء الحوامل، وتحتاج نحو 8.1 ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب للمساعدة في الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية.
معدلات الإعاقة ارتفعت إلى ٤.٥ ملايين ومن المتوقع أن يكون العدد الفعلي أعلى بكثير، و16 ألف حالة من النساء والأطفال بحاجة إلى تأهيل حركي.
وهناك 31% من فتيات اليمن أصبحن خارج نطاق التعليم نتيجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وعدم قدرة الأسر على توفير احتياجات التعليم الأساسية.
بحسب الطائفي: “تعيش المرأة اليمنية معاناة قاسية، حيث لا أمن ولا سلام، تنتهك حرمتها وكرامتها وتحرم من أدنى حقوقها بسبب العدوان المستمر منذ أكثر من 3000 يوم، والذي جعل من المرأة اليمنية نازحةً، وجعل منها أرملةً، وجعل منها معيلةً للأسرة، جعل منها امرأة يجب أن تعمل كل شيء، فقد أصبحت في كثير من الأحوال هي المعيلة، وباتت تتحمل أعباءً إضافية مع الرجل في المعاناة ومواجهة ظروف الحياة الصعبة، وكون النساء يشكلن أكثر من نصف تعداد سكان اليمن فهن يعانين من تهديد الأمن الغذائي والصحي، وشح المياه الذي يعد تحدياً كبيراً، وحملاً ثقيلاً يصعب عليهن تحمله”.
تؤكد الطائفي أن “الدور الأمريكي يعد أساسيًا، بل وقياديًا لدول تحالف العدوان”.
وتسنتكر الطائفي غياب دور الأمم المتحدة إزاء ما يحدث من انتهاك صارخٍ وفاضحٍ لحقوق الانسان باليمن، حيث تشير لموقع “العهد” الإخباري الى أن “دور الأمم المتحدة ومنظماتها يغيب عما يجري في اليمن، بل تطور الأمر إلى أن تخلت عن مسؤولياتها وسحبت الدعم عن معظم القطاعات الحيوية، بما فيها أهم قطاع وهو القطاع الصحي”.
وتجاهلت كل الانتهاكات بحق المدنيين وعلى رأسهم النساء، مع أنها صاحبة العهود والمواثيق والحملات التي من المفترض أن تحفظ للمرأة حقها، وأن تحميها من كافة أشكال العنف الموجه ضدها، والتي من ضمنها حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، الأمر الذي جعل الكثيرين يفقدون ثقتهم في الأمم المتحدة ومنظماتها، والتي لم تحرك ساكناً تجاه كل ما يرتكب بحق أبناء ونساء اليمن”.
ما أوهنها القصف.. ولا أخضعها الحصار
لم تقف اليمانية مكتوفة اليدين أمام جبروت وطغيان التحالف، بل واجهت وجاهدت وصنعت النصر في كل جبهة وميدان.
وفي ذات السياق تتحدث الطائفي لموقع “العهد” الإخباري عن “عظمة المرأة اليمنية التي تجلت في تحمل مسؤوليتها كربّة منزل تدير شؤون أسرتها وترعى أطفالها، وضاعفت جهودها ومارست مهامها في المجال الطبي والإنساني في المستشفيات والمراكز الصحية، بكل إخلاص وتفان رغم شح الإمكانات جراء العدوان والحصار. كما برعت في تسخير إمكاناتها ومهاراتها لتأسيس مشاريع صغيرة في مجالات عدة، كفلت لها مردوداً مالياً أسهم في تحسين وضعها المعيشي، وحماها من العوز والحاجة الذي فرضه الحصار وانقطاع الرواتب. وتمكنت من خلال هذه المشاريع من النهوض بالواقع الاقتصادي وجعلت من المعاناة التي تمر بها اليمن فرصة لإثبات نجاحها والتوجه للتصنيع والارتقاء بأدائها والاكتفاء بذاتها وأسرتها”.
وتضيف الطائفي “إلى جانب ذلك كان للمرأة اليمنية الدور الفاعل في المجال السياسي، فقد شاركت عدد من الناشطات الحقوقيات في المحافل والمؤتمرات الدولية كمجلس حقوق الإنسان، كما أن حكومة الانقاذ قامت بتعيين المرأة في مراكز صناع القرار كوزيرات ورئيسات لجان وعضوات في مجلس الشورى، واللجان والفرق التي يتم تشكيلها من قبل القيادة في صنعاء. وقد أنشأت المرأة اليمنية عدداً من الجمعيات والمؤسسات الأهلية والمنظمات الحقوقية وغيرها، في ظل ما تتعرض له اليمن من انتهاكات من قبل دول التحالف. وبرزت المرأة اليمنية في العديد من الأنشطة والأعمال الجهادية خلال أكثر من 3000 يوم للعدوان، فكانت الثقافية والاجتماعية والأمنية والاعلامية والمالية والسياسية ومندوبة الشهداء ومنسقة الأنشطة كالمعارض والفعاليات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية، وأقامت آلاف المجالس الثقافية، والموالد في كل المناسبات، ونصرت المستضعفين وساعدت المحتاجين ماديًا ومعنويًا، ورفدت الجبهات بالقوافل والمال والعتاد، ونظمت العديد من الأنشطة كإعداد المقاتل، وشراء الملبوسات الصوفية والأحذية للمجاهدين، ودعمت بالحلي والذهب والمجوهرات للجبهات، وأنفقت الغالي والنفيس”.