من يخرج أمريكا من “ورطة” البحر الأحمر؟- خداع البيانات لا يقي السفن من الاستهداف اليمني
ها هي الولايات المتحدة بعظمتها تبحث عن مخرج سلمي للخروج من ورطة البحر الأحمر بعد فشلها العسكري الذريع أمام قوات صنعاء.
هذا ما يؤكده موقع “المونيتور” الأمريكي بالقول: “الولايات المتحدة تبحث عن مخرج وطرق دبلوماسية لتهدئة الأزمة في البحر الأحمر، بعد فشلها العسكري في إضعاف قدرات اليمن العسكرية”.
وتوضح وكالة “JNS الإسرائيلية” قائلة: “حاولت الولايات المتحدة -عبر الوساطة العُمانية- إيقاف الهجمات البحرية اليمنية، في المقابل ردت اليمن بتوسيع نطاق عملياتها لتشمل المحيط الهندي”.
والحال لا يختلف في “إسرائيل”، ذلك الكيان المؤقت الذي تروّج امتلاك رابع أقوى جيش في العالم من حيث التقنيات العسكرية والمخابراتية، تعترف بصريح العبارات بالتفوٍق الحربي والتقني للصواريخ اليمنية، حيث نقلت وكالة “JNS”، نقلاً عن جنرالات صهاينة أن “قوات اليمن تستخدم بشكل متزايد صواريخ باليستية مضادة للسفن متطورة، ومسلحة بأجهزة استشعار كهروضوئي يمكنها فتح عينها، والتصويب بمجرد وصولها إلى نطاق السفن المستهدفة”.
وتضيف: “اليمنيون يستخدمون تكتيكات التشبع، للحصول على تفوق عسكري من خلال التغلب على القدرات الدفاعية للطرف الآخر، حيث يطلقون عددا كبيرا من الطائرات بدون طيار في وقت واحد”.
وإذ أعلنت اليمن، منتصف مارس الفائت، توسيع نطاق عملياتها البحرية لمنع مرور سفن “إسرائيل” من الإبحار في مياه المحيط الهندي عبر طريق رأس الرجاء الصالح، علقت وكالة “JNS” الصهيونة، قائلة: “الإعلان شجاع بحد ذاته، حتى لو لم تكن هناك قدرات عسكرية”.
وتضيف “JNS”: “منذ ثورة 2014، في العاصمة صنعاء (إشارة إلى ثورة 21 سبتمبر) حذّرت إسرائيل من أن أسلحة اليمنيين ستوجّه ضدها وحلفائها تماشياً مع الشعار (الصرخة)”.
الوكالة الصهيونية أكدت أن العمليات العسكرية، التي تنفذها أمريكا في اليمن، أثبتت عدم فعاليّتها، على الرغم من أن الحرب غير متكافئة.
– التهديد الأصعب
لم يتوقف مسلسل هزائم أمريكا وحليفاتها في معركة البحر الأحمر، باعتراف صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية الشهيرة، التي علقت على انسحاب فرقاطة بلادها من البحر الأحمر، قائلة: “انسحبت الفرقاطة الفرنسية من البحر الأحمر وخليج عدن بسبب وجود مواجهة عسكرية ذي مستوى عالٍ من التهديد والعنف غير المقيّد”.
وتضيف: “الفرقاطة الفرنسية (FREMM Alsace) هي الفرقاطة الأوروبية الثانية، التي تنسحب من البحر الأحمر بعد الفرقاطة الدنماركية (Iver Huitfeldt)”.
قائد الفرقاطة الفرنسية أيضاً يقر بالهزيمة في تصريح لـ”لوفيغارو” قائلاً: “لم نتوقع هذا المستوى من التهديد والعنف غير المقيد في البحر الأحمر وخليج عدن”.
ويضيف الكابتن جيروم هنري: “لا يتردد اليمنيون في استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية على نحو مفاجئ ولافت للغاية”.
ويتابع :”لقد مر وقت طويل منذ أن تعاملنا مع هذا المستوى من الأسلحة والعنف”.
وإذ يؤكد الكابتن البحري هنري، بالقول: “اليمنيون يتقنون أسلوبهم.. فكلما أطلقوا النار أكثر أصبحوا أكثر دقة” ، يوضح أن قوات بلاده استخدمت جميع المعدات القتالية على متن الفرقاطة من صاروخ “أستر” إلى الأسلحة الرشاشة.
وبحسب الكابتن الفرنسي، تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد من “أستر” مليوني دولار.
– خداع بيانات السفن
وفي حين تلجأ أمريكا وحليفاتها إلى التلاعب ببيانات السفن، تقول صحيفة “هيلينك شيبينج نيوز” المختصة بالشؤون البحرية الدولية: “إن لجو واشنطن وحليفاتها إلى التلاعُبِ ببيانات السفن المارَّة من البحرين الأحمر والعربي، وتغيير أنظمة التعريف الآلية الخَاصَّة بها، هي أساليب لا يمكن أن تقي السفنَ المستهدَفة ضمن دائرة الردع اليمنية”.
الخبير النرويجي غابرييل فوينتيس يعتبر، في مقال نشرته الصحيفة، قيام بعض سفن دول العدوان بالتلاعب ببيانات نظام التعريف الآلي الخاص بها طريقة غير فعّالة لتجنّب هجمات اليمن.
ويقول فوينتيس، الذي يعمل أُستاذاً مساعداً في اقتصاديات الشحن، ومحللا في كلية الاقتصاد بالنرويج: “إن العثور على طرق لتخفيف المخاطر، التي تواجه السفن، التي تمر عبر البحر الأحمر، أمر معقَّد للغاية؛ بسبب الطبيعة الديناميكية وغير المتوقعة للهجمات اليمنية”.. في إشارة إلى الإستراتيجية المتطورة التي تستخدمها قوات صنعاء في عمليات الاستهداف المباغتة.
ويضيف: “المشكلة الرئيسة الآن هي استهداف السفن بالصواريخ الباليستية، وهذا أمر يصعب مواجهته”، مؤكداً أن “معدل استهداف قوات صنعاء للسفن المعادية أعلى بكثير”.
في العقيدة الحربية لفونتيس، لجوء “إسرائيل” وأمريكا وبريطانيا إلى عبور سفنها عبر طرق بديلة للبحر الأحمر يعني فشل وقف عمليات اليمن، أو الحد من تهديدها.
– حل الورطة
بكل تأكيد، سيحكم التاريخ على حرب اليمن ضد “أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا وألمانيا والدنمارك وإيطاليا والبحرين…” في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي، التي انتصرت فيها، باعتبارها الأكثر انتصارا وإنجازاً وتكتيكاً وعبقرية، ربما على مر التاريخ العسكري.
لقد صنع اليمنيون التاريخ وغيّروا صفحاته في أشرس معركة حربية في تاريخهم؛ كون المنتصر فيها سيؤكد الحق له في امتلاك القوة، واثبات الوجود، وفرض هيمنته على المنطقة.
فمن كان يتخيّل ما فعلته اليمن اليوم في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدّس”، في البحرين الأحمر والعربي، ضد القوات البحرية الأمريكية، وتدمير أكثر من 90 سفينة “إسرائيلية” وأمريكية وبريطانية، والتنكيل بالقوات المتحالفة؛ نصرة لمستضعفي غزة؛ وتضامناً مع فلسطين؟!!
خلاصة القول: وفقاً لسردية المعادلة اليمنية، التي فرضتها قوة السلاح جبراً، فلن تخرج أمريكا من ورطة البحر الأحمر إلا بوقف العدوان، ورفع الحصار عن غزة، وإلا فالقادم أعظم.