من لبنان الى اليمن وفلسطين: التاثير المتبادل في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي
الحقيقة/حميد رزق التاثير المتبادل بين الشعوب العربية والاسلامية واقع لا يمكن انكاره وكان ذلك التأثير المتبادل هو الملهم الأول لتشكل محور المقاومة وتموضعه المؤثر على الصعيد الإقليمي والدولي حالياً.
البداية كانت في نهاية سبعينيات القرن الماضي باندلاع الثورة الشعبية الإسلامية في إيران التي كان لها ولرمزية قائدها الامام الخميني(قده) تأثير عميق في وجدان كافة الشعوب العربية والإسلامية.
صحيح ان الولايات المتحدة الامريكية تحركت لاحقا للحد من تأثير الثورة الإسلامية الإيرانية في محيطها العربي والإسلامي باعتماد أساليب قذرة وخسيسة تعتمد على اثارة الكراهية الطائفية والمذهبية قبيل الذهاب نحو قرار تفجير الحرب العراقية الإيرانية وخلق اصطفاف عربي مع نظام صدام حسين وصولا الى تسخير مقدرات دول النفط الخليجية بقيادة ال سعود لمعركة الكراهية والفرز المذهبي والطائفي لخلق جدار عازل يحول بين تأثير الثورة الإسلامية في ايران وبين بقية شعوب المنطقة، لكن في واقع الامر كان تأثير الأحداث وسقوط نظام الشاه الحليف لأمريكا والغرب بايدي رجال الدين المستنيرين في ايران بقيادة الامام الخميني(قده) قد حفر عميقا في وجدان الشعوب بالوطن العربي والإسلامي على اختلاف المذاهب والانتماءات السياسية والفكرية.
مرت السنوات والعقود وبرغم ما خلفته الحرب العراقية الإيرانية من جروح وندوب في العلاقات بين دول وشعوب المنطقة، وبرغم القسوة والقمع التي قابلت بها الأنظمة العربية كل من يعبر عن التعاطف او الاعجاب بثورة الشعب الإيراني المسلم وقيادته التاريخية، لكن بذرة الحقيقة ظلت تحتفظ بالقدرة على البقاء في وجدان الاحرار فظهرت في بداية التسعينيات المقاومة اللبنانية بعنفوان أضاف زخما جديدا الى مسار التحرر والكرامة، في الوقت الذي ما تزال فلسطين قضية الشعوب الاولى وكان للمقاومة الفلسطينية دورا هاما في التصدي للاحتلال الاسرائيلي برغم الظروف الصعبة والكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني المظلوم.
مرت السنوات وجاء التحرير والانتصار في لبنان في 25 أيار/مايو من العام 2000، فكان حدثا فارقا وتاريخيا طغى بتأثيره الإيجابي على مجمل الساحة العربية والإسلامية وبعث الامل من جديد بقرب الخلاص وإمكانية هزيمة الكيان الصهيوني وتحرير الأراضي العربية المحتلة، الانتصار التاريخي في لبنان كان له تأثير معنوي ولا شك داخل فلسطين المحتلة فعززت حركات المقاومة من جهودها وفي العام 2005 انسحب الجيش الصهيوني من قطاع غزة تحت ضربات المقاومة.
وفي هذه الاثناء وبتأثير من الاندفاعة الامريكية لاحتلال البلدان العربية والإسلامية تحت شعار محاربة الإرهاب شهدت اليمن تطورات جديدة وظهرت مؤشرات ثورة شعبية عميقة التأثير وكان العام 2002 بداية التحرك الاستنهاضي التوعوي الثقافي لمؤسس انصار الله الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي كان يخاطب أبناء الشعب اليمني بالقول “لسنا اقل قدرة على صنع التحولات ولا اضعف في الإمكانات من اخوتنا في لبنان ولا ايران او فلسطين”، لم يكن الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي لوحده من يحمل نظرة انصاف للتجربتين الإيرانية واللبنانية فالشعب اليمني بغالبيته يحمل روحا قومية وإسلامية تتوق الى التكامل والتواصل مع احرار الامة للإسهام في بناء مشروع حضاري واحد يعيد للعرب والمسلمين اعتبارهم ودورهم التاريخي وينتصر لمظلوميتهم ويحرر مقدساتهم واراضيهم المحتلة.
انطلق في اليمن شعار “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل” وخاض النظام الحاكم مدعوما من أمريكا والغرب ودول الخليج على راسها السعودية ستة حروب ضد انصار الله للحد من تحركهم الثقافي والشعبي وفي العام 2014 شهد اليمن ثورة شعبية عارمة التحم فيها الشعب اليمني بأنصار الله الذين صدروا بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي واجهة الاحداث السياسية والثورية ومنذ ذلك التاريخ التحم اليمن بمحور المقاومة وبدأ مشواره المباشر في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي اثر اندلاع العدوان السعودي في آذار/ مارس 2015، وبرغم المخاوف من خطر سقوط اليمن تحت الاحتلال الا ان المفاجئة التي اتحف بها اليمانيون اشقاءهم من احرار الامة انهم صمدو برغم فارق القوة والإمكانات، وحولوا مظاهر الضعف فرصة لبناء الذات وتغيير موازين المواجهة فصنعوا بثباتهم وصبرهم ملحمة غير عادية شكلت إضافة جديدة ودفعا قويا يلهم الشعوب ويعطيها درسا هاما وجديدا لانتصار الإرادة على منطق البطش والغطرسة والقوة. الصمود والثبات اليماني خلال ستة أعوام من المواجهة والتضحية والحصار كان نموذجا جديد وعمليا يؤكد للشعوب المقهورة في الوطن العربي والعالم أن لا مستحيل امام إرادة الجماهير الواعية المتوحدة خلف القيادة الصادقة والمؤتمنة، ومن تجربة الصمود اليماني لا شك ان الشعب الفلسطيني استلهم دروسا هامة في انتفاضته الأخيرة انتفاضة القدس وحي الشيخ جراح وهذا ما أشار اليه الامين العام لحزب الله في اكثر من مناسبة عندما تحدث ان صمود وثبات الشعب اليمني صار قضية الهام وقدوة لبقية الشعوب. وهكذا وبعدما استفاد الشعب اليمني من تجربة اشقاءه من المجاهدين في لبنان وإيران وفلسطين جاء الزمن الذي صار اليمانيون في موقع من يستلهم منهم أشقاءهم والاحرار في العالم دروس التضحية والصبر والتحمل في سبيل الانتصار للمظلومية وكسر شوكة المعتدين ودحرهم وتعطيل مخططاتهم الشيطانية والقذرة.