من كربلاء الحسين إلى كربلاء اليمن وما بينهما من فجائع المسلمين.. أي خطأ جسيم ارتكب؟
إبراهيم الوادعي:
تحت النار واستمرار الحصار يحي اليمنيون ذكرى عاشوراء في عشرات الساحات على مستوى العاصمة صنعاء والمحافظات، وحددت اللجنة المنظمة الصباح للرجال وعصرا لتجمع النساء.
تمثل فاجعة كربلاء نقطة سوداء في تاريخ الأمة الإسلامية، وعقب قتل الإمام الحسين وذبح العشرات من آل بيت النبوة، نجح يزيد الطاغية في تعميد حكم بني أمية البعيد عن الإسلام المحمدي.
وإضافة إلى الضحايا من آل البيت الكرام فقد خسرت الأمة عشرات الرجال من الخلص للإسلام المحمدي قضوا مع الحسين في حادثة كربلاء لتعيش الأمة بعد عقودا من الذل والهوان والتيه خسرت فيه عزتها وتطاول عليها أعداؤها وتقلصت أراضيها حتى خسرت القدس إبان الحملات الصليبية نتيجة ذلك الانحراف الكبير وما تبعه من عقود حكم الطغاة فيها وتلاعبت الأهواء بأهم ركن في الدين الإسلامي وهو الولاية ومن يصلح لها.
يؤكد المؤرخون المنصفون بأن ما أوصل المسلمين إلى أن تسفك دماء آل بيت نبيهم بسيوف بعضهم تحقيقا لرغبة المنافقين منهم، هو تخليهم عن تحقيق مبدأ الولاية في يوم السقيفة، وما أمر الله به سبحانه وتعالى نبيه أن يبلغه للناس.
ويقول هؤلاء: كيف للإسلام أن ينظم أمر المسلمين في كل شئون حياتهم إلى العلاقة بين الرجل وزوجته وحتى أبسط الأمور في لبس المخيط وأوقات الزيارة بينهم، ويترك شئون الحكم للأهواء البشرية دونما تنظيم أو ضبط لهذا المسار الذي يعد أساسيا لاستقرار الأمة ورخائها وعلو كعبها أمام أعدائها، بل وبقاء الإسلام ورسوخه جيلا بعد جيل دونما تلاعب كالذي شهدناه لعقود على أيدي الوهابية قبل أن يبدأ صانعوها ورعاتها بالقضاء عليها ويعلنوا ماسموه انفتاح .
ويضيف هؤلاء: طمعا في أرضاء الحكام الباحثين عن مشروعية حكمهم تحت راية الإسلام، تم التنكر لمقتضيات توجيه الله في غدير خم وحرفه عن مساره وسياقه الواضح .
سنوات محدودة فصلت بين أولى خطوات الانحراف في تحت سقيفة بني ساعده، وفاجعة ذبح آل بيت النبوة بتلك الصورة التي استغرب لها العدو قبل الصديق.
وكربلاء لم تكن الفجائع لبيت النبوة والأمة بل سبقها قتل باب مدينة علم رسول الله وولي أمر المسلمين من بعده بمقتضى التوجيه الإلهي في غدير خم ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاده من عاداه ، وانصر من نصره …..” إلى آخر الحديث الشريف
الإمام علي عليه السلام قتل بسيف ادعى أنه من سيوف المسلمين، وكذلك قتل خليفته من بعده الإمام الحسن عليه السلام ، ليصل سيف المنافقين وآلاف من سيوف الضالين إلى رقبة الامام الحسين فيجتزوها في كربلاء ويسوقوا بنات آل البيت سبايا على اقتاب الإبل يطاف بهن الأمصار.
وبعد كربلاء وتعميد الطغاة لحكمهم حلت الفجائع بساحة الأمة فهجم يزيد الطاغية على المدينة وذبح المحايدين من الصحابة ، قالت السير إن عددهم بلغ 4 الاف صحابي واستباح مدينة الرسول صلى الله عليه وآله 3 أيام ، لتتواصل الفجائع تلو الفجائع حتى تلون نهري دجلة والفرات بدماء المسلمين على يد التتار وسقطت بلاد المسلمين قطرا تلو الآخر بيد أعدائهم.
وهنا يقول الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي : لو لم ينحرف المسلمين عن مقتضى التوجيه الإلهي في غدير خم ونحو الإمام علي بن أبي طالب عن حقه بأمر من الله سبحانه ” يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته …” ما قتل بسيوف المنافقين في محرابه وما تولى الفاسق طريد رسول الله مروان بن الحكم السلطة على رقاب المسلمين، وبعده الفُساق حتى عصرنا ويومنا هذا.
لكربلاء اليمن ارتباط وثيق بكربلاء الحسين حيث لا حرمة تحت سيف العدوان السعودي الوهابي الامريكي لرضيع أو عالم جليل أو امرأة أو كهل أو مسجد أو سوق أو مدرسة أو طريق الكل والجميع تحت سكين القتل وعمود النار يشعله طغاة الأمة المستمدين من فسق يزيد وفجوره طغيانهم ويزرعون الورود لليهود الغاصبين في فلسطين.
ولكربلاء الحسين عليه السلام ارتباط وثيق بكربلاء اليمن حيث شعبها صامد مضحى يرفض اعطاء الطغاة من نفسه عطاء الذليل، مهما قسا العدوان وأشتد الحصار وزادت الغربة في عالم منافق غنى للمبادئ ردحا من الزمن وتخلى عنها في برهة منه.
باصطفاف اليمنيين اليوم في ساحاتهم خلف ابن بنت رسول الله فاطمة بنت محمد وابن الإمام علي، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي رسالة بالغة الدلالة للمسلمين أولا في وجوب تلافي الأخطاء التي أدت إلى الانحراف الذي عانت منه الأمة ومكن الفساق وعملاء الاعداء من أمرها، وللمعتدين من تحالف المنافقين وأعداء الأمة من الإسرائيليين والأمريكيين ومن دار بفلكهم، أن الانصار لن يتخلوا عن حفيد النبوة وعلم الهدى من يقود المواجهة الحاسمة مع طغاة العصر وتحالفهم ، وبانتصاراته المتوالية يشفي بلسم وجراح الامة المكلومة منذ قرون ، وهم معه في مواجهة العدوان والحصار صامدون صابرون مقاتلون.
وإلى فلسطين تحمل جموع الأنصار في مثل يوم كربلاء بأن خلاص القدس وشعبها قد دنا، وما تطبيع الكيانات المصطنعة على أرض فلسطين والجزيرة العربية إلا خواء لا يقدم أو يؤخر فالكل بيد الغرب مصطنع وأحجار الدمينو لا تسند بعضها.