من شكر النعم توظيفها في ما يرضي الله لا في ما يسخطه
من شكر النعم توظيفها في ما يرضي الله لا في ما يسخطه
حينما تتذكر بأن الله هو الذي أعطاك سمعك، أعطاك بصرك، أعطاك حواسك كلها، منحك صحتك، وأنك تعرف أن هذه هي الآليات التي بها تطيع الله، وقد تتصرف بها تصرفاً خاطئاً فتعصي بها الله الذي منحك إياها وكرمَّك بها، وتفضل عليك بها.
تذكر أن بصرك هو نعمة من الله كبيرة؛ ولهذا من منا مستعد أن يبيع إحدى عينيه بمليون دولار؟ هل أحد يرضى؟ لا أحد يرضى حتى ولو لم يكن يملك عشاء ليلة واحدة. فهذه الأعين وسيلة الإبصار المهمة بها تشاهد مظاهر قدرة الله، مظاهر حكمة الله، مظاهر رعاية الله، تشاهد بها الأشياء الكثيرة التي تعمق إيمانك, وتوسع معرفتك, تشاهد الأشياء الكثيرة المرتبطة بشئون حياتك، بها تستطيع أن تتقلب في حياتك في مختلف الأعمال لتوفر لنفسك كل متطلبات الحياة.
البصر مهم جداً جداً، إذا فقد الإنسان بصره عاش مسجوناً في هذه الدنيا كأنه سجين. تذكَّر دائماً بأن بصرك نعمة عظيمة من الله عليك، إذاً فاستحِ من الله، استحِ من الله أن تعصي ربك بالنعمة نفسها التي تفضل عليك بها، وأنت تعلم بأنك في أمس الحاجة إليها، استح منه أن تقلّبها في ما حرم الله عليك من النظر المريب إلى النساء، من النظر إلى كل ما حرم الله النظر إليه، ثم هكذا بالنسبة لسمعك، ثم هكذا بالنسبة لحواسك، ثم هكذا بالنسبة لمالك.
المال من الذي منحك إياه؟ من الذي تفضل عليك به؟ من الذي خلق التربة وجعل فيها هذه الخواص القابلة للإنبات؟ من الذي خلق هذه الأشجار التي نجني من ورائها مبالغ كبيرة من الأموال؟ نوفر بها كثيراًَ من متطلبات حياتنا، من الذي منحها؟ أليس هو الله سبحانه وتعالى؟.
استحِ من الله أن تصرف ريالاً واحداً في معصية من معاصيه، هذا كفر بنعمة الله, كفر بالله، نعمته العظيمة التي أنعم بها عليك فجعلك منشرح الصدر بها، قرير العين بها، مطمئن النفس بها، أنت مرتاح، نفسك هادئة، فلوس متوفرة .. ما بتكون نفس واحد مرتاحة ومطمئنة؟ هذه النعمة العظيمة هي التي أضفت على روحيتك هذا الاطمئنان والشعور بالسكينة، فاستحِ من الله أن تصرف ريالاً واحداًَ في الباطل، استحِ من الله أن تصرف ريالاً واحداً في موقف تتحرك فيه من مواقف الباطل، استحِ من إلهك الذي منحك هذه المبالغ الكبيرة، وهي كلها نعمة لا تستطيع أنت أن تقول: [ما شي اما تيّه ما هي من الله هي مني] لا تستطيع أبداً {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}(النحل: من الآية53).