يوم القدس العالمي هذا العام ليس كأيّ يوم من أيام القدس…
يوم القدس العالمي هذه السنة يحمل بصمة حي الجرّاح وباب العمود الذي هو باب دمشق التي تؤدّب الأعراب وتجعلهم يطأطئون الرأس عند بوابات الشام ويطلبون تأشيرة العبور الى عرين الأسد…
يوم القدس العالمي هذه السنة هو يوم حاجز زعترة وبلدة عقربة وجبل النار وكلّ بلدات الرباط التي تخبّئ المقاومين في ثنايا قلوب أبنائها فرداً فرداً..
إنه يوم انتفاضة أهل الأقصى دفاعاً عن كلّ شبر من ديارهم المقدّسة…
انه فعلاً يوم القدس العالمي الذي دعا إليه الإمام روح الله الموسوي الخميني العظيم وتمنّاه ليكون علامة فارقة في تاريخ الأمة وجغرافيّتها…
فها هو يتحوّل الى يوم ولا كلّ الأيام، يوم من أيام الله حقاً، كما ينبغي…
إنه اليوم الذي سنحييه جميعاً نحن أبناء الحاج قاسم والحاج عماد وأبو مهدي المهندس والصماد وبدر الدين وزهر الدين.. بكل ما أوتينا من قوة لنرسّخ في أذهان كلّ أجيال الأمة بأن هذا اليوم بات عملياً يوم الإعداد للتحرير وإعلان أنّ القدس كلّ القدس عاصمة لفلسطين كلّ فلسطين وعاصمة العرب كلّ العرب وعاصمة المسلمين كلّ المسلمين وعاصمة لكلّ أحرار العالم بامتياز…!
ومع ذلك ففي هذا اليوم التاريخيّ العظيم الذي يلخص ملحمة الإنسانية في الدفاع عن الحق والحقيقة لا بدّ من اليقظة والانتباه جيداً لما قد يعدّه العدو لنا…!
حذار ثم حذار ثم حذار من الوقوع في فخ الصهاينة من جديد..!
فقد يلجأ الصهاينة إلى إطلاق موجة مضللة جديدة من الدعاية الرخيصة لحفظ وجه كيانهم الغاصب القائم على الظلم والتضليل والزيف والخداع والمخاتلة والاختباء وراء مشهديات مزيفة..!
وقد يكون العنوان كما متوقع دائماً: اتهامنا بالعداء لليهوديّة او للساميّة!
فحذار من هذا الفخ، ففلسطين تمّ غصبها في تاريخ معيّن وفي وضح التاريخ، عنوة وغيلة وغدراً، ويجب أن تعود حرباً او سلماً لأهلها والسلام..!
ولا علاقة لهذا بأيّ أمر آخر، من أمور الخداع والزيف والتضليل بأيّ مظلة تستر هذا المحتلّ الغاصب أو تحتها اختبأ..!
وانّ محاولة الصهاينة في هذه الأيام الاستنجاد ببعض المطبّعين من الأعراب بهدف تحريف خريطة أو تاريخ العرب أو كسب تعاطف دولي مزوّر وغير مشروع، لن يغيّر من حقيقة صارخة ألا وهي:
انّ فلسطين الجغرافيا والسكان والحقوق والتاريخ والثقافة والهوية قد تمّ غصبها ومصادرتها عنوة على يد المستعمر الغربي وبرعاية الصهيونيّة العالميّة في غفلة من تاريخ عالمنا العربي والإسلامي…
وأن يكون الحاكم الغاصب الفعلي آنذاك او الآن محسوباً على “اليهود” حقاً أو كذباً وزوراً لا يغيّر من الأمر شيء قطعاً..!
حتى لو أعلن حكام تل أبيب إسلامهم الآن أو انتماءهم للجامعة العربية المطبّعة معهم مثلاً… فإنّ ذلك لن يغيّر من الأمر شيء، فعندها سيكونون في أحسن أحوالهم مثل صهاينة الداخل المتغطين بعروبة كاذبة او بإسلام كاذب، وهم المعروفون تاريخياً بالرجعية العربية، والذين هم من جنسهم ومن معسكرهم المعادي أصلاً لنضال الشعوب والأمم الحرة منذ النشأة بل منذ النطفة…!
وأمر تفكيك وإزالة هذا الكيان الغاصب سلماً او حرباً هو واجب وطني وقومي وديني وثقافي وإنساني، تحقيقاً للعدالة الكونيّة عند كلّ الأحرار وعند المتديّنين منهم تحقيقاً لمقولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الأمر الذي لا يتغيّر مع مرور الزمن وهو واجب من واجبات وثوابت الفكر الإنسانيّ عامةً أيضاً..
وبعد كل ما مضى على أمتنا وعلى العالم من حروب وارتكابات، فإننا نستطيع القول بكل ثقة إننا نعيش لحظة وعي إنساني مصيرية تقترب من نضجها ولا بدّ للسنن الكونيّة والحتميّة التاريخيّة ان تفعل فعلها وفلسطين يجب ان تصبح وستصبح قريباً حرة مستقلة عربية وجزءاً لا يتجزأ من أمة مشرقيّة وعربيّة قوية وعزيزة وجزءاً من محور عربي وإسلامي مقاوم وقويّ صار له امتداد عالمي مضاد للاستكبار العالمي والاستعمار والامبريالية والأحادية الأميركية الهيمنيّة الجائرة…!
وحقيقة أنّ القدس يجب أن تعود لأهلها كما كلّ فلسطين باتت حقيقة لا مهرب منها بعد أن أصبحت مظلوميتها وأحقية أهلها بها أوضح من الشمس في رابعة النهار ولا يمكن تغطية هذه الحقيقة بالغربال…!
فلسطين عائدة لأهلها، وأهلها عائدون لها، هذا حق لن يشمله تقادم الزمان ولا بناء المستوطنات غير الشرعية أصلاً كما نظامهم العنصري في تل أبيب وإصرار أهلها اليوم الذين يخرجون كلّ ليلة من بين أوجاعهم ومطاردات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين لهم، إنما يُرسّخ ويعزّز هذه المعادلة المنتصرة…
باختصار شديد نقول لمن تبقى من حماة الإسرائيليين دولياً ولحكام تل أبيب أنه وبعد استعادة الأمة وعيها وقوّتها بكلّ أشكالها العلنية المعروفة منها، وتلك التي سيتفاجأون بها في معركة يوم القيامة المقبلة تجعل تحرير القدس أقرب جداً مما تتصوّرون..!
حتى مُنظريكم بدأوا يتحدّثون عن الخراب الثالث الذي ينتظركم وعن “إسرائيل” التي بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة..!
أنتم محاصَرون في يوم القدس العالمي الراهن من كل الجهات بالصواريخ الدقيقة و”الشاردة” ولم يعُد أمامكم إما حزم حقائبكم والرحيل عبر البحر أو انتظار موتكم المحتوم على أيدي رجال محور المقاومة الذين يطوّقونكم من كلّ الاتجاهات…!
كنا نطوّقكم من ست جهات شمالاً وجنوباً وضفةً وعراقاً ويمناً واليوم من قلب القدس.. حي الجرّاح شوكة جديدة ستقلع آخر ما تبقى من أنيابكم ايها القتلة الغزاة المحتلين..!