من بلد المليون شهيد .. الإعلامي أسامة وحيد يكتب : “بايدن” في طريقه إلى منفى التاريخ.. الصمود “يَمنٌ” والغطرسة “صهيون” والخيانة.. “أعرابية”!
“بايدن” في طريقه إلى منفى التاريخ.. الصمود “يَمنٌ” والغطرسة “صهيون” والخيانة.. “أعرابية”!
عالم اليوم بطبعة لغة “الغاب” التي لم يعد فيها مكان لأي قيمة وقيم إنسانية أو أخلاقية أمام “دين” وحرب المصالح والتكتلات، ذلك العالم، تتسارع دقات فنائه، كما تتواتر متغيراته وتحولاته بشكل جعل من التحليلات والقراءات السياسية ليوم واحد، بل لساعات قادمة فقط، بمثابة ضرب لخطّ الرمل أو قراءة في فنجان، فلا شيء ثابت، كما لا منطق يتحكّم في التحولات، حيث بين اللحظة وأختها، تتغير المعطيات رأسا على عقب.
وكأنموذج حَيٍّ على “فوضى” الأشياء والأحداث، المفاجأة التي فجَّرها البيت الأبيض بالإعلان عن انسحاب الرئيس الأمريكي الحالي “جون بايدن” من السباق الرئاسي أمام غريمه “دونالد ترامب”، وذلك في ضرب لكل التكهنات الإعلامية والسياسية والمجتمعية، التي راهنت على أن السباق الأمريكي المحموم حول عرش البيت الأبيض، يتّجه نحو معركة فاصلة وساخرة بين عجوزين، أحدهما “خرف” والأخر “مجنون” بوثائق رسمية وبتوقيع من “قناص” وهميٍ، قِيل قبل أيام أنه أراد قتل “ترامب” من “أذنه”!
المعادلة السياسية الأمريكية، وما تداعى من بنيانها بعد انسحاب “بايدن” من حلبة التنافس الرئاسي، لم تكن وحدها الحدث غير المتوقع الذي فاجئ المتابعين، وخاصة، أن إصرار “بايدن” على مواصلة مهامه رغم عجزه “الذهني”، كان بمثابة معركة شخصية ضد “ترامب” أكثر منها رغبة حُكم، قُلنا، تلك المعادلة لم تكن وحدها الحدث الذي لم يخطر على بال أحد، ولكنها جزء من حدث “عظيم” وكبير، جرت أطواره تحت جنح الظلام إلى عرش الملكة “بلقيس” لتقصف سيادة أرض هي التاريخ كما هي الملكة “بلقيس”، التي لا زالت تُعلِّم العالم من خلال أحفادها الراسخين، معاني الثبات والصمود، فرغم أن الكيان الصهيوني مُمثّلا في سلاحه الجوي، اخترق الأجواء اليمينية، وفعل فعلته في مواقع “مدنية” من مصانع ومستشفيات كاستعراض للقوى، وكانتقام من “يَمَنٍ” لا زال يصنع استثناء العرب وقوفا موقفا، نُصرَةَ وانتصارا، إلا أن غزوة “صهيون” اصطدمت بأن “اليمن” يمن، وأن “إسرائيل” مجرد “بعبع” من ورق، كما ستظل الكيان البائس الذي يتسوّل حمايةً من أمريكا والغرب، كما يتسول حصانة من “خونة” من ممالك العار “الأعرابي”، التي فتحت أجواءها أمام عبور طائرات الاعتداء الإسرائيلي الغاشم والجبان ، لتتسلّل الخيانة تحت جنح الظلام مُعلنة، أنه إذا كانت “الغطرسة” هي “إسرائيل”، فإن الخيانة كما الغطاء ممالك وأعراب، لم يكتفوا بخذلان غزة وبيعها في أسواق “الشالوم” والتطبيع، ولكنهم زايدوا بالعار بعد أن أصبحت خيانتهم، أجواء مفتوحة لمُقنبلات الكيان الصهيوني تجاه “يمن” الرجال..
“إسرائيل” التي تعيش حالة من الموت الإكلينيكي، بعد أن أصبحت “عار” المجتمع الدولي، بدءا من شعوبه ووصولا إلى هيئاته الأممية التي أصدرت أوامر دولية بالقبض على “مُجرميها” من مسؤولين.. إسرائيل تلك، وفي “صدمة” كهربائية لإيقاظها من موتها “الإكلينيكي” ، اختارت أن تُغيِّر مساحة وساحة حربها ومذابحها، لتكون “المحطة” هي “اليمن”، وكل ذلك بحثا عن “الصدى”، لكن الواقع والنتائج أثبتا أن العملية برمَّتها، لم تكن إلا سباحة في مياه متجمدة، فاليمن ومن خلال صموده أولا ثم رده العملي ثانية، أبلغ رسالته إلى العالم ثم إلى الكيان الصهيوني، أن اللعبة في أرض “بلقيس” صاع يقابله “صاعان” وعشر من “يمن” الرجال، وهو الأمر الذي تجسّد في وعود أن “البرّ” الذي كان خرج من لعبة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، قد أصبح جزءا من ساحة حرب عنوانها الثابت، أنه مقابل “الغطرسة” الصهيونية، يوجد “يمن” الصمود، “يمن” إذا قال فعل، وإذا وعد وفى، وإذا هدّد فعلى المقصود سلام الغابرين..
الملاحظ في العملية “الإسرائيلية” في سماء اليمن السعيد، والتي استغلت حكومة “نتنياهو” تنفيذها بالتزامن مع خبر انسحاب “جو بايدن” من الرئاسيات وتعالي أسهم “صاحب الأذن المجروحة” في بورصة البيت الأبيض، ككابوس قادم عنوانه “ترامب” يعود من بعيد.. قُلنا، الملاحظ أن العملية الاستعراضية، لم تكن اعتباطية ولا لعبة “هوس” صهيوني بالقتل، ولكنها مخطط مدروس، لتوسيع رقعة الصراع ليس تجاه مساحة «البرّ” اليمني، ولكن تجاه لعبة “البحر” التي تَحَكّم حتى الآن أبناء “الملكة بلقيس” في أمواجها، فيما “إسرائيل”، ووفق منطق، أنه لم يعد لديها ما تخسره، أرادت استفزاز المارد اليمني ليوسِّع غزوات البحر ويورط العالم كله في طوفان و”غرق” عنوانه: لا بحر أحمر لكم بعد اليوم..
والقرار، لن يعني هذه المرة، السفن المتوجهة إلى “إسرائيل” فقط، ولكن كل سفن الغرب، وهو ما يعني حرب “كونية” تريدها “إسرائيل” اليوم قبل الغد.. النتيجة في المغامرة الصهيونية، أن “نتنياهو” وبقفزته الغبيّة إلى الأسفل بدلا من الأعلى، اهتدى إلى استراتيجية “فليغرق الجميع” ما دامت “إسرائيل”، وفق معطيات اليوم، لم تعد إلا ذلك الكيان المنبوذ عالميا.. كيان، تخلّى عن دعمه حتى من عجنوه في مخابر “بلفور” و”وعد بلفور”، بدءا من بريطانيا، ففرنسا، وصولا إلى أمريكا المنشغلة بحرب العجزة والعجائز..
حين تُقرَّر أن تضرب اليمن، وأنت تعلم أن آبار السعودية والإمارات والبحرين النفطية، ناهيك عن القواعد الأمريكية والغربية المنتشرة في الخليج، على مرمى “حجرة” من “المعقال”.. فإنّك في الواقع لا تضرب اليمن، ولكنك تضرب في المصالح والقواعد الأمريكية والغربية!
لذلك، فإن اختراق سلاح الجو “الإسرائيلي” لسيادة “اليمن” وقصف أهداف مدنية فيه، لم يكن المُستهدف منه بضعة موانئ أو عددا من سفن صيد “التونة” أو تجمعات عسكرية، ولكنها مصالح غربية وأمريكية راسية بالمنطقة، وخطة الكيان الصهيوني، المحاصر في “عقر” احتلاله، إن “عمّم” الطوفان، تخفّ آثار التداعيات بعد أن تشمل الجميع، وبعبارة أدق وأشمل وأكثر وضوحا، “إسرائيل”، لم تفعل شيئا، سوى أنها ابتزّت حلفاءها بأن قالت لهم، عبر عملية “اليمن”، أنها لن تتردد في حرق الجميع معها، وتوريطهم في طوفان “يمن” هذه المرة لن يستثني “غرقه” أحد، والرسالة طبعا وصلت، لكن ما غاب عن الكيان الصهيوني في لعبته الجديدة، أنها ليست “اليمن” من يمكن أن تمارس على ساحة رجاله لعبة “تجارب” الفئران، فاليمن له من الصاع عشر، وسيادته، ليست توازنات دولية ولكنها تاريخ من الحروب الوجودية، التي تحمل وشم: “تتعدى حدودك ينتهي وجودك”…
“إسرائيل” أرادت أن تورّط العالم بعربه وعجمه في حرب عالمية شاملة، شرارتها “اليمن”، لكن الوجه المغيَّب في خطة “نتنياهو”، أن أحفاد “بلقيس”، راسلوا “السامري” بشحمه ولحمه، ليقولوا له، أن الغاية كما الهدف هي “عجله” وأن مساحة “رعيه” أضحت اليوم هي المستهدفة، وطبعا، فإن خط السير الذي مرّت من خلاله حوافر العجل لتتسلل إلى قلاع “اليمن”، أضحى ساحة حرب..
وسواء كانت الأجواء التي حلّقت من خلالها قوات الجو “الإسرائيلية” هي الأجواء ذلك البلد أو غيره، فإن “براقش” قد جنت على “أهلها”، فمن فتح أجواءه للعدوان، هو مشارك فيه بالضرورة..
آخر الكلام في هكذا منوال، توارثت الأجيال عن أساطير “اليمن”، أنه حين اقترب الأجل من الملكة بلقيس، سألها قومها: ماذا نفعل بعدك؟ فكان ردّها: اليمن لا يحكمه إلا “نبي”، ومن يومها فإن “النبوة” حُكم وسلطان، عنوانه “اليمن” السعيد..