“من الواقع”.. اختلالات المحاكم وتأثيرها السلبي في إنجاز القضايا وتحقيق العدالة!
في ظل الاختلالات الموجودة في أغلب المحاكم، سلط برنامج “من الواقع” الضوء على جانب من أبسط اختلالات الجانب الإداري والتنظيمي في عمل المحاكم بأمانة العاصمة صنعاء وتأثيرها السلبي في إنجاز القضايا والفصل بين المتنازعين وتحقيق العدالة.
الحلقة التي بثت الأربعاء، على قناة المسيرة، أعادت فتح ملف المحاكم الذي كانت تناولته قبل 3 أعوام، متسائلة عن أبرز الاختلالات والقصور في إجراءات التقاضي الإدارية وعمل الطاقم الإداري للمحاكم، وكيف تؤثر تلك الاختلالات في سير إجراءات التقاضي والفصل في القضايا المنظورة.
معد البرنامج محمد الحسني أشار إلى أن واقع المحاكم الابتدائية والمتخصصة والاستئناف مأساويا ويحتاج إلى تغيير، بدءًا من البنية التحتية وليس انتهاءً بدور القاضي وتقييم عمل القضاة، قائلا: “نعيد في هذه المرة فتح هذا الملف ليس تتبعا لقضايا المتقاضين التي نرصد من خلالها اختلالات الجانب الإداري وإنما لنضع محددات بالاستناد إلى بعض المتابعين والخبراء ونواجه فيها المحاكم وعملها لا سيما ما يتعلق بالجانب التنظيمي والإداري”.
الحلقة أجرت استطلاعا مع عدد من المتقاضين لتقييد حديثهم عن ملاحظاتهم في عمل الجانب الإداري للمحاكم، حيث أوضح متقاضٍ بأن هناك تأخير وعوائق في عمل المحاكم وتأخير على قطع السندات وأحيانا عدم وجود نظام.
فيما أفاد متقاضٍ آخر بأن أمناء السر هم من يقوم بعرقلة أغلب القضايا والتي ينتهي بها المطاف لتكون حبيسة الأدراج، كما يقومون بمماطلة المتقاضين ذهابا وإيابا لعدة أيام، مطالبا أن يتم ضبط عملهم أو تغييرهم، حيث وبعض القضايا لها نحو 10 سنوات.
المتقاضون شكوا من كثرة الاختلالات في المحاكم والمماطلة وإطالة القضايا وعدم تنفيذ الأحكام، حيث أفاد متقاضٍ بأن لديه 21 حكما ولم يتم تنفيذها، فيما صرح آخر بقوله: “يمكنوني صوّر صوّر، فصورنا الأصول والفصول وقدمناها لهم حسب أوامر القاضي، ولا زال أمين السر والقاضي يمكنونا لعب في لعب، والآن لنا سنتين”.
متقاضٍ آخر أيضا عبر بقوله: “الخلل في المحكمة لأنه لا يوجد حزم للغريم، ولا يتم الإنصاف، يتم العبث بنا ونخسر الأموال ولا يتم تنفيذ الأحكام”، فيما قالت امرأة: “عندما جئت إلى القاضي يقول لي معك مال سنفيدك.. مضيفة: من أين لنا مال لنعطيهم إياه!.
كما عبر المتقاضون عن استيائهم من تأجيل بعض القضاة لقضاياهم شهرا بعد آخر بسبب وبدون سبب، أحد المتقاضين، محمد الزهيري، والذي تابعت الحلقة قضيته خلال ثلاثة أيام، يذكر أن قضيته تأجلت من يوم 09/ شهر يوليو، إلى يوم 04 شهر ، وهكذا تأجيل في تأجيل!
وجوابا على سؤال طرحه معد البرنامج، كم من الوقت الذي يحتاجه تأجيل دعوى لملف القضية، أجاب أحد موظفي غرب الأمانة أنه بالكثير أسبوعين والبعض من أول أسبوع يعمل جلسة.
وخلال متابعة ثالثة مع المتقاضي محمد الزهيري أفاد بأن القاضي قدم إجازة لمدة شهرين، واقتُرح عليه أن يقدم طلبا بنقل قضيته لقاض آخر ولكن طلبه قوبل بالرفض.
في قضية أخرى، قضى بندر الورد في السجن 4 أسابيع والسبب صدور حكم ضده لمصلحة غير ذي صفة، حيث لم يتم التحقق من صفة مقدم الدعوى.
الورد قال: إن “المحكمة قبلت الدعوى ضدي واحتجزتني 4 أسابيع بالرغم من أني طاعن في الحكم، حيث والطعن في الحكم يوقف التنفيذ”، مفيدا أن عقد الإيجار الأول كان مع أبو المدعية أمة الملك التي أجرت منه بيتا، والعقد الثاني باسم خالها، ورفعت دعوى للمحكمة فقبلت المحكمة ذلك وهي ليس لها صفة بتوكيل من أبوها ولا من خالها”. مضيفا: “حكم لها القاضي أن أخلي البيت وأدفع لها الإيجارات”، بعد ذلك قام رئيس المحكمة بإصدار حكم بتقسيط دفع الإيجارات، إلى ثلاثة أقساط، كل شهر 260 ألف، وأنا عاطل عن العمل ولدي 6 أطفال في البيت.
وفي زيارة لرئيس قلم الكتاب بمحكمة غرب الأمانة أحمد أبو الرجال وردا على سؤال: كم عدد الدعاوى التي يتم إرجاعها على أساس استكمال وثائق او ملفات، أجاب بأنها دعاوى كثيرة، موضحا أن المكتملة والجاهزة بنسبة 30%، فيما 70% من الدعاوى تحتاج إلى فحص ومراجعة لعدم استيفائها الإجراءات القانونية اللازمة.
أبو الرجال بيّن أن فحص الوثائق هو مطابقتها مع أصلها، ويتم عن طريق القضاة وفي الجلسات، أما الصفة فمن خلال المطابقة بالبطاقة الشخصية أو الوكيل المختص، ولا يقدم الدعوى إلا ذو صفة أو وكيلا عنه، مؤكدا أن أغلب الدعاوى يتم فحصها والتأكد منها.
معد البرنامج الحسني نوه بأن محكمة غرب الأمانة تم زيارتها قبل 3 أعوام وكان هناك إشكال في عقد الجلسات لقلة القاعات، لافتا إلى أنه تم في هذا العام إضافة قاعات جديدة، بينما بقي الطاقم الإداري كما هو قبل ثلاثة أعوام، حيث لم يجر أي تدوير أو نقل لهذا الطاقم الإداري.
وفي زيارة لمحكمة بني الحارث تابعت الحلقة مدى توفر وسلامة الإجراءات الإدارية والتحقق من ملف الدعاوى واستكمالها للوثائق وكذا الشروط الشكلية والتحقق من صفة المتخاصمين إلى جانب عدد من الأمور التي تتعلق بالجانب الإداري والتنظيمي للمحكمة وإجراءات التقاضي في المحاكم.
عضو هيئة التفتيش القضائي القاضي الدكتور مجاهد الشامي، ذكر أنه يجب على القاضي الاطلاع على ملفات القضاء المنظورة قبل عقدها، فإن كان لديه جلسات يوم غد على سبيل المثال، (10 جلسات – 15 جلسة)، وهذا هو الوضع الطبيعي، يجب على القاضي أخذ هذه الملفات إلى منزله والاطلاع عليها، ومعرفة ما هي الاجراءات التي يجب عليه أن يقوم بها في الجلسة القادمة، أما إذا لم يطلع القاضي على الجلسات مسبقا، فذلك من شأنه أن يؤدي إلى ارتباك القاضي أمام الخصوم ولا يعرف كيف يسير القضية، بل يسيره الأطراف، وهذه تعتبر إشكالية.
القاضي الشامي، في سياق حديثه لبرنامج “من الواقع” أشار إلى أن عدد القاعات غير كاف، ما يضطر القضاة للتناوب في القاعات بسبب ضيق المبنى، مردفا بأن عدم توفر القاعات يؤدي إلى إطالة أمد التقاضي.
وأضاف: “نتيجة الازدحام في أقسام المحاكم المختلفة لا يتمكن المتقاضي حتى من الحصول على إعلان طوال اليوم، وبالعكس من ذلك لو كان لدينا مبان واسعة وكافية يتمكن القضاة من عقد جلساتهم بشكل يومي ويسرع في إصدار الأحكام.
وإلى محكمة شرق الأمانة، توجه مقدم الحلقة إلا أنه لم يسمح له بالدخول.
ثم توجه إلى محكمة شمال الأمانة، لتقييم ساعات العمل في الدوام، حيث أوضح متقاضون أن ساعات العمل هي في الحد المقبول لكن بسبب ازدحام القضايا وكثرتها من المهم زيادة ساعات الدوام حسب تعبيرهم.
الحلقة خلصت بأنه تم زيارة 4 محاكم ابتدائية في أمانة العاصمة، رفضت محكمة شرق الأمانة دخول طاقم المسيرة، من المرجح أن يكون لدى المحكمة ما تخفيه عن عدسة كاميرا البرنامج، كما خلصت الحلقة إلى وجود اختلالات تتعلق بمبادئ العمل الإداري في المحاكم وهي متكررة وتؤثر إلى حد كبير في مجريات التقاضي وتحقيق العدالة.
وذكرت الحلقة نموذجين لاختلالات المحاكم، النموذج الأول يتمثل في قضية الزهيري الذي يشتكي من إخلال أمينين شرعيين بمسؤوليتهما والمماطلة من جانب المحكمة في انعقاد أولى الجلسات، والنموذج الثاني في قضية المستأجر بندر الورد الذي وفقا لمحاميه سوف يتم تشريده وأسرته من منزله بسبب أحكام باطلة.
المحاكم التي تم زيارتها كانت في أمانة العاصمة، فكيف سيكون الحال خارجها، ما يتطلب إجراء معالجات جذرية وعاجلة لهذه الاختلالات البسيطة التي تعري جسم القضاء وتطعن في جانب العدالة.
رابط الحلقة: