من الذاكرة الوطنية تجربتي في اللجنة الثورية العليا…. كتب / أحمد الرازحي
من الذاكرة الوطنية تجربتي في اللجنة الثورية العليا.… كتب / أحمد الرازحي
الذكريات ليست كالمذكرات التي تدون اليوم والتاريخ وتسلسل الاحداث وتعاقب الأزمان ، بالرغم الشاهد حاضر والاحداث بكل تفاصيلها من اجتماع أونشاط أو انجاز مدون ساعة بساعة ولحظة بلحظة في ارشيفنا الذي يحكي تاريخ قومِ أداروا الدولة في أصعب المراحل التي مر بها اليمن الجمهوري ، وفي ظروف إستثنائية لم يسبق لها التاريخ مثيلاَ في تاريخ وجغرافيا اليمن ، لكن في هذا المقام أحببت أن أحاكي أوراقي بماهو محفور في ذاكرتي وذاكرة الوطن التي عشتها مع رفاق النضال والثورة ومواجهة العدوان على اليمن ، لكنني سأحكيها من ذاكرتي أنا وليس من مقام كاتب التاريخ فلست مؤرخاً فالتاريخ يتطلب لكاتبه التجرد والموضوعية وعدم تغييب الأحداث والمواقف مهما كان ناتجها على المتلقى وتأثيرها على العلاقات . فهناك أحداث عصفت بالثابت والمتغير في زمن اللجنة الثورية العليا ، وحفاظاَ على مهنية وسرية العمل الذي تحملت مسؤوليته كسكرتير خاص للجنة الثورية العليا حملنا الأمانة في أعناقنا ورؤوسنا على أكفنا ومضينا في رحلة الكبرياء لا نخشى عدوان الأمم المتحدة علينا في تحالف البغي والعدوان . والى أن نلقى ربنا سنظل نحمل الأمانة وسأتحدث فقط عن ما يجب أن يعرفه كل الناس من أسباب ودوافع ومواقف ومخاطر وتحديات ولحظات صعبة هانت أمام عزم وإرادة الشعب اليمني العظيم ..
بالرغم من اختلاف الدور والمهمة الرئيسية للجنة الثورية العليا لحظة تأسيسها عن ما قامت به بسبب الظروف والمتغيرات المفاجئة ، فبدلاً من حماية سلطة القرار الوطني لمدة شهر يتوصل فيه الحوار السياسي بموفنبيك الى بدء مرحلة إنتقالية يتأسس فيها مجلس رئاسي ومجلس وطني وحكومة شراكة وطنية تقود مشروع التغيير في اليمن وفق قاعدة الشراكة والتوافق الوطني انتقلت بسبب العدوان على اليمن إلى مهمة قيادة وإدارة الدولة ومواجهة العدوان الأمريكي السعودي . فبدلاً من تأسيس المجلس الوطني والسلطة التوافقية تأسست الجبهة الداخلية وأعلنت اللجنة الثورية العليا التعبئة العامة واستعدت لمواجهة العدوان في كل الجبهات . فبعد أربعين يوماً من العدوان وبلوغ الحجة إبتدينا الرد منطلقين من حق الحياة بكرامة وعزة وسيادة واستقلال . فكان ما كان ولا يزال الشعب والجيش واللجان الشعبية المعادلة الصعبة التي أرهقت كل طواغيت العالم الذين تكالبوا علينا بغاةً معتدين وعن سلطة العمالة والفساد مدافعين ، ومن لم يتعلم من الزمان علمته اللجان .
من هنا .. من على صفحتي سأحكي ما جادت به ذاكرتي من تلك الأحداث التي عشناها لحظة بلحظة . شهدنا أحداثها ومجرياتها ومتغيراتها ، وزخم المعطيات والنتائج التي استحال برهنتها نظريا وأقتضت المواقف التعاطي معها بحزم وعزم وارادة عظيمة تترجم هذه المواقف إلى واقع حقيقي يصنع المتغيرات وفق استراتيجية شاملة للتعامل مع الأحداث يتحول فيها اليمنيون من موقع رد الفعل إلى الفعل بتركيزهم على النتائج مع الاهتمام بسلسلة القيمة والالتزام .
لقد قامت الدنيا ولم تقعد منذ الخطوة الأولى للثورية العليا وتكالبت على شعبنا قوى الشر والاستكبار العالمي من فرض عدوان غاشم وحصار جائر ، قتلِ وتدمير . وقيود إقتصادية وعزلة دولية استطاع الشعب اليمني العظيم والقيادة الحكيمة أن يحطموا سقف الوصاية على اليمن ويتحرروا من سلطة الاستبداد والفساد فصار الشعب يحكم نفسه بنفسه لنفسه . وهنا كشفت اللجنة الثورية النفاق الدولي وسقطت أمريكا ودول العالم المتحضر في إختبار الديموقراطية التي تدعي وتروج زوراً وفضحت الارادة الشعبية هدف الأمريكيين ومن يدور في فلكها .
في ذاكرتي أحداث محفورة بإزميل النار والجنون لطالما تحدثت بها بيني وبين نفسي ، أرقتني كثيراَ ، أثارت في نفسي الحيرة واليقين كما أثارت الألم والأمل معاً . وبعد أن تيقنت بالنتيجة وعرفت ما لم يعرف غيري من الناس تأملت من حولي فوجدت الكثير من الأحداث لاتزال غامضة ولكي لا يظن الناس بالله الظنون وتبقى التساؤلات هماً يؤرق كثير منهم كما حدث معي ذات يوم ، سأحكي لكم عنها خلال الأيام القادمة في سلسلة مقالات رأي أقدمها للقارئ الكريم هدية تكشف الغموض وتوصله لليقين . فمن حق كل الناس أن يعرفوا كيف تم ادارة الدولة في زمن الثورية العليا ..
والتي سنتناولها على بعضاً منها على النحو التالي : على سبيل المثال لا الحصر ، فمازال بجعبتي الكثير خارج هذه العناوين : حماية سلطة القرار الوطني ، منهجية اتخاذ القرار ( مركز القرار، آلية اتخاذ القرار، هيكل اتخاذ القرار ، دعم اتخاذ القرار) ، السياسات العامة وانواعها ، الاتصالات الرسمية ( مذكرات ،خطابات ، اجتماعات رسمية ، مقابلات، لقاءات على مستوى القطاع، زيارات ونزول ميداني ، خطابات جماهيرية …الخ) والاتصالات غير الرسمية ، مؤسسات الدولة السيادية ( الحفاظ على المؤسسات السيادية “كيان الدولة” ، حماية الأصول الثابتة للدولة ومؤسساتها، إدارة المالية العامة للدولة ، الالتزام بالدستور والنظام والقانون التي جسدها الاعلان الدستوري ، تعزيز سلطات الدولة . قيادة العمليات وادارة الازمات ( برنامج اللجنة الثورية العليا لادارة الازمات ، خطة ادارة الازمات على مستوى كل قطاع ، فريق ادارة الأزمات والشراكة في القرار والمسؤولية ، استمرار الخدمات العامة ، حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار ، صرف المرتبات لكل الناس بمافيهم العملاء ). التعبئة العامة لمواجهة العدوان : قيادة الجبهات الداخلية ، الانحياز للشعب وخياراته ومصلحته ، إحترام إنسانية الانسان ورعاية المستضعفين وحمايتهم ، الاقتراب من المجتمع والاستماع الى النصيحة ، كسر الحصار وايجاد البدائل وادراة الازمة ، تعزيز الصمود الأسطوري للجيش واللجان الشعبية والجبهة الداخلية ، … إلخ .
كل هذا وأكثر سيتم الحديث عنه إن حالفنا الحظ والتوفيق في سلسلة حلقات آمل أن تقدم المعلومة بالأسلوب الأجمل الذي يفضله القارئ ، وقبل أن نتطرق الى العناوين السابقة سنتناول كثير من الاحداث والقضايا منذُ بداية البداية للجنة الثورية العليا ، وسأجيب على كثير من الأسئلة التي وجهت إلينا من كثيرين : من هم أعضاء اللجنة الثورية العليا ؟ كيف تم اختيار الاعضاء ومن اختارهم ؟ لماذا توارى بعضهم وبقي البعض ؟ لماذا بدأت اللجنة الثورية العليا بدون رئيس ثم أختارت لها رئيساً