منظمة رايتس ووتش: هناك حاجة ملحة لاعادة التحالف السعودي الى قائمة “العار” للأمم المتحدة
أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، ان الغارة الجوية للتحالف بقيادة السعودية قرب مدرسة شمال اليمن في 10 يناير 2017م، والتي ادت الى قتل طالبين وإداري بالمدرسة وأصابت 3 أطفال، يعزز الحاجة الى اعادة هذا التحالف الى قائمة العار الصادرة عن الامين العام للامم المتحدة والخاصة بالانتهاكات ضد الاطفال في النزاعات المسلحة.
كما أكدت ان هذا الهجوم غير القانوني يعزز الحاجة المُلحّة إلى تحقيق دولي في انتهاكات قوانين الحرب المزعومة في اليمن، وإنهاء مبيعات الأسلحة للسعودية، وفقا لبيان نشرته اليوم على موقعها الالكتروني – اطلع عليه “المستقبل”.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “مقتل فتاة عمرها 11 عاما جراء القصف، وهي في طريقها إلى المدرسة، يُظهر لأي مدى لا يبالي التحالف بقيادة السعودية بضمّه لفترة قصيرة إلى “قائمة العار” الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة. كم من أطفال المدارس يجب أن يموتوا ويُشوّهوا قبل أن ترد الأمم المتحدة؟”.
وأضاف التقرير ” حوالي الساعة 8 صباح 10 يناير ضربت غارة جوية للتحالف محطة وقود أهلية في قرية بني معصار بمديرية نهم، في محافظة صنعاء، ما أودى بحياة 3 مدنيين مع إصابة 5 آخرين. بحسب شهود، هشم الهجوم عددا من نوافذ المدرسة القريبة وأضرّ بوصلات الكهرباء ومكبّر الصوت بها. توفر مدرسة الفلاح، على مسافة 150 إلى 200 متر من محطة الوقود، التعليم الابتدائي والثانوي لنحو 900 صبي وفتاة. عادة ما يبدأ اليوم المدرسي بالمدرسة شتاءً بين الساعة 8 و8:30 صباحا. كان الطلاب إما في طريقهم إلى المدرسة أو يتجهزون للذهاب إليها وقت وقوع الهجوم”.
قال محمد معصار – مدير مدرسة الفلاح منذ أكثر من 20 عاما – لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان في البيت مع أسرته يجهز لحضور طابور الصباح عندما وقع الهجوم. قال: “سقطت القذيفة شمالي جدار المدرسة، إلى جوار بعض المتاجر ومحطة وقود أهلية. كانت ستقع كارثة لو سقطت القذيفة على المدرسة”.
كان أحمد معصار في بيته على مسافة نصف كيلومتر تقريبا من المدرسة عندما سمع الانفجار. كان طفلاه، في الصفين الخامس والسابع، قد خرجا إلى المدرسة. هرع فورا إلى موقع الهجوم وقد اعتراه القلق في البداية خشية أن تكون القذيفة قد سقطت على المدرسة إذ رأى سحب الدخان وكأنها تتصاعد من المبنى. ساعد في جهود الإنقاذ حين وصل.
قُتل في الهجوم وكيل المدرسة علي مظفر. قال محمد معصار إن مظفر كان يقف أمام المدرسة “ليطمئن الطلاب وهم يدخلون أن الغارة [التي وقت بالفعل على المنطقة] كانت بعيدة وأن المدرسة لم تتضرر”. قتلت الغارة أيضا إشراق المعافا (11 عاما) وكانت في طريقها إلى المدرسة، وشامخ سعسوع، وكان عمره 19 عاما والتحق بمدرسة الفلاح بعد إغلاق مدرسته السابقة بسبب قتال كان يدور قربها. أصابت الغارة أيضا فتاتين، 8 و12 عاما، وصبيا عمره 16 عاما.
كان محمد الرضى – مُعلم الرياضيات في المدرسة – على وشك مغادرة بيته ويقع داخل مجمع المدرسة، ومعه ابنه البالغ 9 أعوام، عندما انفجرت القذيفة. قال: فجأة أدركت بسبب الدخان والتراب وشظايا الزجاج الذي اعترانا أن غارة وقعت أمامنا، أمام المدرسة… ركضت زوجتي مع الطفلين، إلى خارج المدرسة، لأننا كنا نخشى أن تقع ضربة ثانية. تملكنا الفزع.
قال الرضى إنه ومعه 10 أشخاص على الأقل هرعوا لمساعدة المصابين:
رأينا أشلاء متناثرة على الأرض، ورأينا إشراق، وقدمها المبتورة. من آثار الدماء على الأرض يبدو أنها زحفت… إلى الجانب الآخر [من الطريق]، وكانت ممسكة بحقيبتها، لكن عندما وصلنا وجدناها ماتت.
أرسلت منظمة “مواطنة” – منظمة حقوقية يمنية بارزة – فريقا إلى القرية لفحص موقع الهجوم في 16 يناير/كانون الثاني. صوّرت مواطنة مخلفات المقذوفات التي خلّفتها الغارة. فحصت هيومن رايتس ووتش الصور وتوصلت من سُمك الشظايا أنها مخلفات لوحدة موجهة ووحدة منظومة ذيل من قنبلة ملقاة جوا، لكن لم تكن الصور كافية للتعرّف على نوع الذخيرة المستخدمة بشكل دقيق.
ضربت غارات التحالف المنطقة المحيطة بالقرية قبل ذلك، وهي تقع على مسافة 8 كم تقريبا من موقع القتال بين القوات اليمنية التي يدعمها التحالف والقوات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح. سبق أن أمدت محطة المحروقات مركبات عسكرية عابرة بالبلدة بالوقود، على حد قول مواطنة وشاهد عيان. قال 3 شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن التحالف دأب على ضرب أهداف عسكرية في المنطقة، ومنها مركبات عسكرية، لكن لم تكن هنالك مركبة عسكرية في محطة المحروقات وقت الهجوم.
ينطبق القانون الإنساني الدولي – أو قوانين الحرب – على كافة الأطراف المتقاتلة في اليمن. تُحظر الهجمات المتعمدة أو العشوائية ضد المدنيين والأعيان المدنية. تطالب قوانين الحرب أطراف النزاع باتخاذ الحيطة الدائمة أثناء العمليات العسكرية، لتجنيب السكان المدنيين آثار القتال و”اتخاذ جميع الاحتياطات العملية” لتفادي أو تقليص الخسارة في أرواح المدنيين أو الإضرار بالأعيان المدنية.
رغم أن استعمال المركبات العسكرية لمحطة المحروقات من حين لآخر ربما يجعلها هدفا عسكريا مشروعا، إلا أنه لا توجد ضرورة مُلحة ظاهرة لضربها وهي قريبة من مدرسة وقت بداية اليوم المدرسي. كان على التحالف تقديم إنذار مسبق فعال بالهجوم واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين، بما يشمل على سبيل المثال تنفيذ الغارة في غير ساعات اليوم المدرسي.
نفّذ التحالف بقيادة السعودية منذ مارس/آذار 2015 عمليات عسكرية في اليمن، بدعم من الولايات المتحدة، ضد قوات الحوثي وصالح. هاجم التحالف بصفة غير قانونية بيوتا وأسواقا ومستشفيات ومدارس ومحلات تجارية مدنية ومساجد. توصل تقرير الأمين العام السنوي لعام 2016 بشأن الانتهاكات ضد الأطفال في النزاعات المسلحة أن 785 طفلا على الأقل قُتلوا وأصيب 1168 طفلا آخرين في اليمن في عام 2015، و60 بالمئة من الخسائر تُعزى لعمليات التحالف. توصل التقرير أيضا لأن التحالف مسؤول عن نحو نصف 101 هجمة على المدارس والمستشفيات.
في 2 يونيو/حزيران 2016 ضمّ الأمين العام السابق بان كي مون التحالف بقيادة السعودية إلى “قائمة العار” السنوية التي يُصدرها بشأن الانتهاكات الخطيرة ضد الأطفال أثناء النزاعات المسلحة. بعد أيام من نشر التقرير أصدرت السعودية وحلفاؤها تهديدات بسحب مئات الملايين من الدولارات التي تقدم كمساعدات للأمم المتحدة. في المقابل، أعلن بان كي مون أنه سيسحب التحالف بقيادة السعودية من القائمة “في انتظار نتائج استعراض مشترك”، وأقر علنا بأن التهديدات المالية أثرت على قراره.
بعد إخراج التحالف بقيادة السعودية من قائمة العار، استمرت هجمات التحالف في قتل وتشويه الأطفال وتدمير المدارس والمستشفيات. في ديسمبر/كانون الأول على سبيل المثال ضرب هجوم للتحالف بذخائر عنقودية منطقة قرب مدرستين محليتين في مدينة صعدة شمالي اليمن، ما أودى بحياة مدنيين اثنين وإصابة 6 بينهم طفل. قيل للأطفال ألا يذهبوا إلى المدرسة في اليوم التالي للهجوم، إذ بدأ البحث في المدرستين عن أية مخلفات متفجرة، ومنها الذخائر الصغيرة غير المنفجرة.
قالت ويتسن: “الأطفال اليمنيون من بين من دفعوا أغلى ثمن خلال هذه الحرب المستمرة منذ عامين تقريبا. على التحالف بقيادة السعودية والقوات اليمنية من طرفيّ النزاع تحسين حماية الأطفال من القتال”.