مناورات يمنية شمالاً : صنعاء للرياض: الجدُر العازلة ليست ضماناً
Share
صنعاء |
توازياً مع استمرار مساعيها لتعزيز نفوذها في المحافظات الجنوبية والشرقية من خلال استحداث تشكيلات عسكرية جديدة تحت اسم «درع الوطن»، وتصاعد عملياتها العسكرية في المناطق الحدودية الواقعة في محافظة صعدة كرازح وشدا ومنبه والتي أدّت إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين، تُواصل السعودية محاولاتها لإنشاء جدار عازل بطول 900 كلم على حدودها مع اليمن.
محاولاتٌ ارتأت صنعاء الردّ عليها بتنفيذ مناورة عسكرية في محافظة الجوف المحادِدة لمنطقة عسير، حملت رسائل متعدّدة إلى الرياض، أهمّها أن المعادلات العسكرية تغيّرت جذرياً بعد ثماني سنوات من الحرب، حيث باتت لدى صنعاء «قوّات برّية منظّمة وقوية اكتسبت مهارات قتالية عالية، وكذلك قوّات جوّية متطوّرة»، وأن «أيّ أعمال عسكرية سعودية تمسّ السيادة الوطنية ستقابَل بالردّ العسكري الحاسم»، وفق ما تقرأ في المناورة مصادر «الأخبار». وتشير المصادر إلى أن تدريبات الجوف تتزامن مع دخول اليمن العام التاسع من الحرب، في ما يعيد الذاكرة إلى مطلع العام الأول، حينما اتّهمت السعودية حركة «أنصار الله» بتنفيذ مناورة عسكرية في محور كتاف في محافظة صعدة الواقعة على الحدود مع جيزان، وشنّت حملتها العسكرية في أعقاب ذلك تحت ذريعة تهديد أمنها القومي. ويتعارض إصرار المملكة على إنشاء جدار فصل على امتداد حدودها مع اليمن، مع الاتفاقيات الدولية الموقَّعة بين الدولتين بشأن الحدود (اتفاق الطائف 1934 واتفاق جدة 2000)، والتي ألزمت الطرفَين إبقاء الحدود مفتوحة أمام المسافرين، وعدم إعاقة دخولهم أو فرض قيود على تحرّكاتهم. وسبق للسعودية إنشاء منطقة عازلة بعرض 5 كلم في حدودها الجنوبية مع اليمن عام 2003، وهو ما أدى إلى توقّف اللجان المشتركة بشأن ترسيم الحدود وفقاً لاتفاق جدة، الذي كادت تلك الممارسات تعيد إشعال الأزمة بين البلدين بعد ثلاث سنوات فقط من توقيعه. أمّا تحرّكات الرياض الأخيرة، فيَجري تبريرها بحماية الأراضي السعودية من أيّ هجمات قادمة، فيما تَعرض صنعاء، على لسان كبار مسؤوليها، استعدادها لضمان أمن المملكة في حال أوقفت الأخيرة الحرب ورفعت الحصار وعوّضت الأضرار وأعادت الإعمار والتزمت بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لليمن.
تعمّدت صنعاء القيام بمناورة عسكرية في محافظة الجوف بالقرب من الحدود اليمنية مع منطقة عسير جنوب السعودية
والظاهر أن السعودية تحاول استباق أيّ اتّفاق يوقف إطلاق النار بشكل كامل، ويُلزمها احترام سيادة اليمن، بتثبيت المنطقة العازلة على الأرض. وفي هذا الإطار، كشف وكالة «ستاندرد آند بورز S&P» الأميركية، قبل أيام، اعتزام الحكومة السعودية تنفيذ مشروع عملاق لبناء جدار بطول 900 كلم لإغلاق حدودها مع الأراضي اليمنية تماماً. ووفقاً لتقرير أعدّته الوكالة، فإن المملكة تسعى إلى إنشاء قواعد عسكرية خلف الجدار، وتعزيز دفاعاتها الجوية للحدّ من تأثير أيّ هجمات مستقبلية على أراضيها. وأثارت إماطة اللثام عن هذه المعلومات دعوات يمنية جماعية إلى إجهاض أيّ مساعٍ سعودية من هذا النوع عبر تحريك الاتفاقيات السابقة، وخاصة أن التحرّك السعودي الأخير يأتي في ظلّ اقتطاع المملكة مجدداً مساحات واسعة من اليمن شمالاً وجنوباً، باستغلال ظروف الحرب التي مثّلت السيطرة على أهم المحافظات الاستراتيجية والثرية بالنفط والغاز أحد أبرز أهدافها.