مقتطفات من المحاضرة الرمضانية العاشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 11 رمضان 1444هـ
– في واقع الحال حتى لو لم يكن هناك شيطان من الجن، فالإنسان بطاقاته وقابليته، لديه قابلية للاتجاه في طريق الخير أو الشر.. وربما كثير من الناس سيتجهون بالاتجاه السيء حتى لو لم يكن هناك شيطان من الجن، وقد يكون هناك شيطان من الإنسان.
– في نفس الوقت من المهم بالنسبة لنا أن نعرف أن الشيطان الرجيم لا يعلم الغيب فهو لا يعلم عن الإنسان ما توسوس به نفسه، ولا يعلمون عنه ما يتعلق بمستقبله من المغيبات، وإنما يعلمون بالمؤثرات التي تؤثر عليه عادة.
– عقدة الشيطان على الإنسان وحقده على الإنسان شديد جداً، وكبير جداً، ولذلك فهو يتحرك باهتمام وجد ويستغل فرصته على أي إنسان إلى أقصى حد، ومن المهم الانتباه لذلك.
– الشيطان يعتبر الإنسان سبباً في خسارته الكبيرة، وخسارة الشيطان هي خسارة رهيبة جداً، خسارته على المستوى المعنوي من المكانة التي قد وصل إليها رغم أنه من الجن إلا أنه قد ارتقى إلى مصاف الملائكة يتعبد معهم، وبقي على ذلك الحال آلاف السنين، لكن مشكلته في نفسه لم تزكُ نفسه، وأصبح عنده خلل كبير جداً، كشف ذلك الخلل من خلال الاختبار العملي الذي أمر الله به الملائكة: السجود لآدم.
– عندما عصى الشيطان أمر الله، وهي تقريباً أول معصية عصي الله بها، وخالف توجيهات الله سبحانه وتعالى، لعن وطرد وذم، وخسر كل ذلك المقام الذي كان قد وصل إليه، وطرد من السماء الذي كان يعني استيطانه لها يدل على المقام العالي الذي وصل إليه.
– الشيطان يتجه في كل مؤامراته وأعماله وتصرفاته من خلال ما هو عليه من سوء وكفر ورجس وخبث ودناءه والعياذ بالله، تغير شامل في واقعه، فهو يحرص على أن يوقع الناس في الفساد والكفر والضلال، يحرص على أن يصدهم عن صراط الله المستقيم، أن يثبطهم عن طريق الخير والقيم الفاضلة والإيمان.
– بكل ما هو فيه من حقد وما تحول إليه من خبث وشر وكفر أعلن حربه على آدم وذريته على الإنسان على البشر قال {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} رأى أن تكريم الله لآدم هو تكريم عليه، وهو تكبر وطغى {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} يعني لأسيطر عليهم ولأقودهم إلى نار جهنم.. وطلب المهلة من أجل أن يوظف كل ذلك العمر الطويل أن يوظفه في حربه على البشر، بدافع عقدة الحقد والكبر، بعد أن وصل إلى الحضيض من المقام المعنوي الكبير.
– الشيطان يتحرك في إطار هدفين في مواجهته للإنسان، الهدف الأول تجريد الإنسان من كرامته الإنسانية، من قيمته الإنسانية وتجريده من التكريم الإلهي، وتحويله إلى إنسان مذموم سيء، كما حصل له.
– تختلف حالة البشر فيما هو مؤثر على نفسياتهم بحسب ظروفهم واختلافهم وحياتهم وبحسب توجهاتهم، فهو يبحث في واقع الإنسان عن ما هي نقطة الضعف والثغرة التي ينفذ من خلالها للتأثير عليه، إما من خلال الرغبات والشهوات وعلى المستوى المادي والمعنوي.
– الأطماع والأهواء والرغبات المادية كم يدخل تحتها من التصرفات والممارسات التي هي سيئة تعتبر من المعاصي من ظلم وسرقة ونهب ومن تعدي ومعاملات في الحرام والربا ونهب للإرث، تصرفات كثيرة تأتي تحت الرغبات والشهوات المادية.
– الرغبة الجنسية كم يستغلها الشيطان على الناس للدفع بهم لممارسة الحرام وإبعادهم عن الحلال.
– المخاوف أيضاً، الشيطان يركز على المخاوف لدى الإنسان، الخوف من الموت أو الفقر أو فقدان المنصب، الخوف على المقام، أنواع المخاوف التي تؤثر على نفسية الكثير من الناس يحاول أن ينفذ من خلالها.
– في قصة آدم عليه السلام حاول أن يستخدم في أسلوب الإغواء لآدم حالة الترغيب وحالة التخويف، ولهذا عندما حاول أن يزين له أكل الشجرة التي نهاه الله عنها {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ} هو يعرف أن الإنسان بغريزته يحب الحياة وينفر من الموت والفناء.. فأتى ليحقق له هذه الرغبة، مع أنه لا يستطيع أن يحقق ذلك.. الشجرة ليست شجرة خلد، ليس هناك شيء على وجه الأرض له هذه الخاصية، {وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ} حياة للأبد.
– من المؤثرات التي ينفذ من خلالها للتأثير على كثير من الناس هي حالة الغضب والانفعال، البعض من الناس انفعالي أكثر، يغضب بشدة، فالشيطان ينزغ بين البشر في حالة الغضب والانفعال، يستهدف الإنسان بالنزغ بإثارة الشر والتهييج فيه إلى درجة تدفع بالإنسان إلى اتخاذ موقف خاطئ، ولهذا يقول الله تعالى {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يجب أن يكون لدى الإنسان فهم وقناعة مسبقة بأن الإنسان يجب أن يسيطر على نفسه أثناء الغضب.
– الله سبحانه وتعالى يحذر من هذه الحالة، حالة النزغ الشيطاني في حالة الغضب والانفعال، ويوجه بالاستعاذة بالله، استعذ بالله ليجيرك من تلك الحالة.
– يقول الله سبحانه وتعالى {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} يعني أن الشيطان يركز على هذه المسألة، ولذلك يحاول أن يستغل ما يقوله الناس من الكلام الجارح أو الكلام المستفز ليثير الشر بينهم، ليؤجج حالة الغضب بينهم، يعقدهم على بعضهم البعض، يزرع في قلوبهم الكره الشديد على بعضهم البعض، كم هي الحوادث التي تحصل بين الناس بسبب الانفعال من المعاملة السيئة والظلم والتعدي نتيجة لحالة الغضب والانفعال، هي من التي ينتج عنها جرائم يومية في واقع البشر، جرائم قتل بشكل يومي، جرائم اعتداء بشكل يومي، جرائم إساءات بشكل يومي.
– لذلك يقول الله {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يقولوا العبارات التي هي أحسن، وتجنب العبارات السيئة التي يستغلها الشيطان لتأجيج الغضب.
– الدفع بالحسنة هي الطريقة الصحيحة {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} إذا كان الإنسان الذي أمامه سليم الفطرة، فالدفع بالتي هي أحسن سيؤثر به.
– حالة الغضب والانفعال وحالة الرغبات والمخاوف هي من الحالات التي ينفذ الشيطان إلى الانسان من خلالها ليجرده من كرامته وإنسانيته من خلال أفعالهم وتصرفاتهم ليلحق بهم أقسى الضرر من خلال إذلالهم وإدخالهم جهنم.