مقتطفات من المحاضرة الرمضانية السادسة والعشرين للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 28 رمضان 1444هـ
– يعتبر الهم المعيشي وهم توفير متطلبات الحياة وفي مقدمتها الغذاء والقوت الضروري والاحتياجات الأساسية للحياة هو الهم الأول الضاغط والمؤثر على أغلب الناس، على المستوى النفسي في اهتمامهم وكذلك في تفكيرهم وأعمالهم وتوجهاتهم.
– هذا شيء فطري وطبيعي والمهم أن يبقى متوازنا فلا يطغى على الإنسان حتى يدفعه على أن يخرج عن خط الاستقامة ويتصرف بطريقة خاطئة.
– مع صعوبة الظروف يزداد هذا الهم ويزداد ضغطه على الناس، ولذلك يجب التعامل مع هذا بوعي وبصيرة وثقة بالله، وأن يلتزم بالتقوى باهتماماته ونشاطه العملي.. وإلا فتأثير هذا الهم خطير على الإنسان.
– في حالة الجزع واليأس يترك أثراً خطيرا على الإنسان في تصرفاته وعلاقته مع الله سبحانه وتعالى.. والكثير من الناس يتصرف بطريقة متهورة أو يؤثر عليه اليأس الكبير على المستوى النفسي، وقد يصل بالبعض إلى مستوى المرض النفسي أو جرائم وتصرفات خطيرة على الإنسان.. وكذلك أيضاً في حالة الطمع.
– يتجه البعض من الناس إلى التجارة في المحرمات مثلاً في المخدرات، وتورط كثير من الناس في ذلك بغرض الطمع المادي بكل ما يترتب عليه من إثم وذنب وتبعات عظيمة يتحملون آثامها عند الله سبحانه وتعالى إضافة إلى ما يحصل لهم في عاجل الدنيا قبل الآخرة.
– الكثير من المزارعين قد يتجه إلى استخدام تلك المبيدات بهدف الحصول على المال لأنه يريد أن ينتج يسارع القات في ” البزغة” مثلاً ليجني كثير من المال ولا يبالي ما يترافق مع ذلك من ضرر على الناس.. وهذا نتيجة للطمع الذي يعاني منه بعض الناس.
– حالة الجزع واليأس حالة خطيرة على الإنسان في الهم المعيشي.. حالة الجزع واليأس وصلت بالناس في الجاهلية الأولى إلى أن يقتلوا ابناءهم خافوا من الفقر..{ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}.
– الله سبحانه وتعالى قدم معالجة كبيرة لهذه المسألة، قدم الضمانات لعباده، من أسماءه الحسنى “الرزاق” { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ }. { نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } الله يتكفل بزرق العباد { وَمَا مِن دَآبَّةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِى كِتَٰبٍۢ مُّبِينٍ } وأيضاً رسم لعباده للأخذ بأسباب الرزق والكسب الحلال والذي يعطي فيه الخير والبركة ويهيئ للناس الوسائل الصحيحة والسليمة لاكتساب معايشهم.
– يقول تعالى {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ} الله هو الرزاق هو الذي يعطي.. والقرآن الكريم في مقدمة ما عالجه في هذه الضمانات عالج الحالة النفسية لدى الإنسان كيف سيدبر معيشته وكيف سيوفر لنفسه المعيشة.
– قدم القرآن الكريم لهم معالجة مهمة على المستوى النفسي {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} ، {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}، فالثقة بالله والالتزام بالتقوى في كسب الرزق هو سكينة للنفس إضافة إلى الجانب التربوي، الإسلام يربينا على القناعة ويعالج مشكلة الطمع.
– مع التربية على القناعة يعلمنا الرشد في التصرف والاقتصاد، وهذا مهم جداً، ويحرم علينا التبذير والإسراف، يعلمنا على التصرف في أمولانا بالطريقة الصحيحة {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا}
– وأيضاً في التربية الإيمانية والقرآنية أن تبقى طموحاتنا المادية الكبيرة متجهة نحو مرضاة الله والجنة، نحو معيشتنا في الحياة الأبدية الذي خيرها خالص وعلى أرقى مستوى، تبقى طموحاتنا الضخمة على المستوى المادي نركز على الجنة، حيث الحياة الأبدية، لأن هذه الحياة محدودة.
– كل هذا يساعد الإنسان على أن ينطلق من واقع نفسي متوازن وليس بحالة ضغط نفسي شديد، لا ضغط الجزع ولا ضغط الطمع، هذا يساعد الإنسان على الأخذ بالكسب الحلال وفي إطار التقوى وتجنب الحرام مع الوعي بمسألة البسط والتقدير في الرزق من الله سبحانه وتعالى.
– كل هذا يساعد الإنسان على أن ينطلق من واقع نفسي متوازن وليس بحالة ضغط نفسي شديد، لا ضغط الجزع ولا ضغط الطمع، هذا يساعد الإنسان على الأخذ بالكسب الحلال وفي إطار التقوى وتجنب الحرام مع الوعي بمسألة البسط والتقدير في الرزق من الله سبحانه وتعالى.
– علينا الوعي أيضاً بأن هناك في مستوى البسط والتقدير أو مستوى معين قد يكون واقع الإنسان في مستوى بؤسه وظروفه دون ذلك المستوى لعامل من العاملين أو كلا العاملين الأول ظلم الظالمين ونهبهم للناس.. قد يكون ذلك سبباً في فقر الناس.. بمعنى لو سلم الناس من ذلك الظلم لما كان حالهم ذلك.
– العامل الثاني هو مسألة الأخذ بأسباب الزرق والنجاح، وهذا له دور كبير، الإنسان إذا كان لا يريد أن يعمل، سيكون هناك ضرر بالتأكيد في مسألة الرزق الحلال، وأيضا طريقة العمل ومجالات العمل لها علاقة في مستوى بؤس الإنسان ومستوى معاناته.. ولذلك يجب على الإنسان الأخذ بأسباب الرشد والكسب الحلال.
– الأرض الصالحة للزراعة، عندما نتعامل معها ونزرعها مع الشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة يتغير الكثير، ومتوجها من المحاصيل الزراعية المختلفة هي غذاء نحتاج إليه وثروة مادية ضخمة وتجارة أيضا يتحرك الناس فيها.. يقول تعالى {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}.
– ومع ذلك البلدان العربية وبلدنا اليمن من أقل البلدان إنتاجا للزراعة، مع أن البعض كما هي السودان متوفر فيها الأنهار والأرض الخصبة جداً ومن المفترض أن تكون من الدول المتميزة في الزراعة، ومع ذلك السودان من الدول البائسة جداً والتي تعيش في حالة حروب مستمرة.
– يذهب كثير من الناس إلى المدن ويتركون الريف الصالحة للزراعة، يذهبون بالملايين إلى المدن التي لا توجد فيها زراعة، وهذه أحد العوامل التي تعطل الزراعة.
– مما ساعد على ذلك مع الهجرة إلى المدن هو السياسات الخاطئة للحكومة والأنظمة العميلة للخارج على مدى الزمن، وليس هناك أي اهتمام على الإطلاق بالاهتمام على الزراعة والإنتاج والزراعي بل هناك اعتماد لسياسة الاعتماد على الخارج ضمن ارتباط الحكومات بأعداء الأمة الذين لا يريدون الخير لنا ولا لأمتنا والذين يريدون لنا أن نكون سوقاً استهلاكياً لبضائعهم.
– لذلك حصل ما حصل، وصل الوضع إلى مستوى الكارثة، انتشار البؤس إلى مستوى شديد، غير التقدير الطبيعي الذي هو مكتوب في حياة الناس الذي هو بينهم وبين الله، وصل إلى مستوى الخطر إلى مستوى الأمن الغذائي.
– تراجع إنتاج الحبوب عندنا في البلد في مراحل معينة، زمان كان إنتاج الحبوب وفيراً في البلد، وبالذات الذرة الرفيعة، تراجع إنتاج البن في البلد وأصبح يستورد من الخارج.. وتحول الاعتماد على الاستيراد في كل المحاصيل الزراعية وتضرر الشعب كثيراً.. مع أن بلدنا من أحسن البلدان في تنوع المحاصيل الزراعية.
– لذلك من الضروري العودة للعناية بالزراعة والعناية بالمقومات المساعدة والضرورية وفي مقدمتها التنمية الريفية، الجهات الرسمية مع المبادرات الاجتماعية والاهتمام الشعبي والرسمي والتي يجب أن يلتقي ويتعاضد من الحد من الهجرة إلى المدن التي ينتج عنها تعطيل تام للزراعة والثروة الحيوانية.
– التنمية الريفية بالعناية بالطرق في الأرياف والخدمات الصحية والتعليمية مسألة مهمة جداً، هناك تجارب ناجحة في بعض المناطق تبعث الأمل وتنبه إلى إمكانية فعل الكثير إذا كان هناك توجه رسمي وشعبي.
– ثانياً، العناية بمسألة المياه، وله الحمد والشكر أن الغيث في هذا الموسم كان بشكل غزير في مختلف أنحاء البلد، لكن كيف نستفيد من هذه النعمة بالشكل المطلوب؟ كما قلنا في محاضرات كثيرة كثير من مياه الأمطار يذهب في الوديان إلى أن يصل إلى البحر.
– في بعض المناطق هناك استفادة محدودة، لكن متاح أمام الناس أن يعملوا أكثر وأكثر بكل هذه المستويات، على مستوى البرك والخزانات هي ضرورية جداً خاصة في الأرياف.
– القطاع الخاص بحاجة إلى تشجيع وتسهيلات رسمية، حتى لا تبقى الجهات الرسمية معيقة، إضافة إلى بعض القوانين التي تحتاج إلى تعديل باتجاه دعم الزراعة والتصنيع الزراعي.
– أيضاً من المهم السعي لتفعيل الجمعيات الزراعية القديمة والحديثة، هناك الكثير من الجمعيات الزراعية ورعاية وتصويب نشاطها، بعض الجمعيات عندها إخفاقات ومشاكل معينة يتوجب معالجتها من أجل تحريكها بالشكل المطلوب.
– عادة ما يكون الزراعة في البلد مكلفاً، طريقة العمل وأسلوب العمل مكلفة تحتاج إلى أموال كثيرة وعندما يأتي المحصول يحسب كلفته ويجدها كبيرة جداً، ويرى أنه لا يغطي تكاليفه إلا برفع السعر، فيروج لمنتجه بسعر مرتفع.
– بالإمكان تخفيف الكلفة في الإنتاج من جوانب كثيرة، البعض في أسلوبه والبعض في الوسائل، تتنوع الأسباب ويمكن معالجة الأسباب حتى تخف الكلف ويتوفر الإنتاج بشكل أفضل، ومع ذلك يلحظ جانب الجودة، في طريقة جنيه وتعليبه وتسويقه.. كما يحصل في العالم
– يجب أن نتجه إلى الاستثمار في الجانب الزراعي في مقدمة ذلك الحبوب والبقوليات.
– كذلك التعليم في المجال الزراعي، يجب أن يتقوى وأن يحظى بالاهتمام أكثر وأن يتم ربطه بالمجال التطبيقي والعملي، حتى خلال مراحل التعليم.
– المزارعون عليهم أن يتقوا الله تعالى، لأنهم عندما يستخدمون تلك المكافحات من أجل الحصول على المال وطمعاً في المال فهم يتحملون الوزر الكثير بما يوصلونه من أضرار للمجتمع.
– من أصول النعم المتاحة للناس وهي مصدر مهم جداً للزرق هي نعمة الثروة الحيوانية (الأنعام، الإبل، البقر، الغنم، الماعز والضأن، الأسماك، الدجاج، البيض) هذه من أصول النعم ويتفرع منها أرزاق كثيرة يقول تعالى {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}.
– للأسف أُهمِلَ هذا الجانب واتجه الناس في تصرفاتهم بالطريقة التي تؤثر على المحصول، منها ذبح الإناث والصغار، وهذه مسألة غريبة بعيدة عن الرشد والوعي والمصلحة العامة.
– النحل نعمة كبيرة، وإنتاج العسل من أحسن مصادر الرزق، وثروة مهمة وممتازة.
– من أكبر ما أثر على إنتاج العسل في بلادنا هو الغش، وبالذات عندما يعتمد العسالين على السكر.
– إنتاج العسل ثروة ضخمة للنحالين، وفي نفس الوقت فائدة كبيرة للمجتمع، ويحتاج هذا الأمر إلى عناية واهتمام وإلى إرشاد زراعي.
– هناك نعمة أخرى متاحة إلى حد ما، “البحر” يقول تعالى { اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هناك أهمية كبيرة لتطوير إنتاج الأسماك والعناية بالصيادين وحل مشاكلهم.
– يتطلب الاهتمام بها، بدافع المسائل المهمة من جانب جهادي وتحرر وفي إطار الرزق الحلال، مع الحذر من أن يطغى الهم المعيشي على الإنسان فيخرجه عن خط الاستقامة فيخسر آخرته من أجل حياة محدودة.