مقتطفات من المحاضرة الرمضانية السابع عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 18 رمضان1444هـ
– الإنسان بطبيعة الحياة مبتلى ومختبر، ويبتلى بالغنى والفقر وسعة الرزق، هذا الاختبار كان مؤثراً لدى كثير من الناس وحساساً لديهم.. الله سبحانه وتعالى يختبر البعض بسعة الرزق ويختبر البعض بقدر الرزق.
– كل هذه الحالات هي اختبار، الإنسان في حالة الفقر هو اختبار، هل سيصبر، هل سيعف عن المحرمات، هل سيبقى راجياً لله، يحمل اهتمامات أكبر، نظرته واهتماماته إلى ما بعد هذه الدنيا وإلى ما وعده به الله من الجنة.
– الإنسان في حالة سعة الرزق هل سيشكر.. ولله في هذا حكمة هي ضمن تدبيره الواسع.
– الإنسان في هذا الاختبار هو في إطار حكمة الله سبحانه وتعالى في تكامل البشر فيما بينهم، فيما وهبهم الله إياه، وبذلك تعمر الحياة وتوفر متطلبات الحياة.
– يقول الله سبحانه وتعالى {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ} الله سبحانه وتعالى قادر على أن يبسط الرزق لكل عباده، وأن يكون متوفراً بشكل كبير جداً للكل، لكن الله هو الخبير بعباده كان سيترتب عليه بغيهم في الأرض بغي وظلم.
– في إطار الظروف الحياتية للناس المعيشية وفي مسألة تقدير الرزق، هناك نظام في الإسلام يخفف من حالة البؤس ويمنح الرعاية والمساندة من خلال الزكاة والصدقات وسبل الخير التي أمر الله بالإنفاق فيها، وحمل الأغنياء مسؤوليات والتزامات بهذا الجانب.
– يقول الله سبحانه وتعالى {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} إضافة إلى ذلك أن المسؤوليات على الجميع فيما يتعلق بالأمور المالية بحسب استطاعتهم وبحسب ظروفهم ما يستطيع توفيره.
– ثم يرشد الإسلام إلى الاقتصاد والحذر من الترف والتبذير، الذين يسعون إلى الترف والوصول إلى كل المشتهيات الملذات، وكل ذلك يدخلهم في المعاصي ويخسرون من دينهم وأخلاقهم وقيمهم، ثم الإسلام يرشد إلى أن يكون اهتمام الناس من دافع المسؤولية.
– في مسألة الاختبار باليسر وسعة الرزق من جهة يقول الله في القرآن الكريم {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا } يبين الله في هذه الآيات المباركة من سورة الفجر أنه يختبر الإنسان، والاختبار هذا يترتب عليه التزامات ومسؤوليات.
– المشكلة عندما يحب الإنسان المال زيادة عن الحب الفطري الطبيعي في إطار النظر إليه كحاجة كوسيلة للحياة، فيجعل الإنسان يخل بالتزاماته وهذه حالة خطيرة جداً.. ولهذا أكد الإسلام التوجه في إطار المسؤولية.
– {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} إذا كان كل اهتمامك إلى هذه الحياة نحو متطلباتها وزينتها وليس لديك أي اهتمام لمستقبلك في الآخرة فأنت ستحصل من هذه الدنيا على ما يكتب لك ولكن ستخسر مستقبلك الأبدي.
– يقول الله سبحانه وتعالى{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} من كانت كل إرادته نحو هذه العاجلة لهذه الدنيا متعها وليس عنده أي اهتمام بما يحصل له في الآخرة عجلنا له ما يريد، ولم يكن له في الآخرة إلا العذاب ونار جهنم، وبمجرد دخوله جهنم سينسى كل ما حصل عليه في الدنيا.
– يقدم الله العرض بالرعاية والخير في الدنيا والآخرة، ترضى بما أعطاك في الدنيا وتقنع، لأنك ترجو ثواب الآخرة.. يعلمنا الله في الدعاء أن ندعو {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
– إذا اتجه الإنسان في كل اهتماماته نحو هذه الدنيا، فهناك الكثير من المفاسد الخطيرة جداً، في مقدمتها بيع الدين بالدنيا والاشتراء بآيات الله ثمناً قليلاً، هذه واحدة من المفاسد الكثير من الناس يقعون في هذا المحذور.
– من المفاسد أيضاً الوقوف في صف الباطل ضد الحق، هذا من بيع الدين بالدنيا.
– من أمثال ذلك أيضا الصد عن سبيل الله، سواء بلسانك أو بأفعالك أو بقتالك أو بأي شكل من الأشكال بالدعاية أو بالموقف أو بالمال.
– تزييف الحقائق والافتراء على الله سبحانه وتعالى، مثل ما يفعله علماء السوء عندما يفترون على الله سبحانه وتعالى مقابل رصيد مالي لتأييد أعداء الله ويشرعنون لهم لما يفعلون من جرائم وانحرافات وظلال وفساد وعدوان.. ويراكم مبالغ مالية.
– يقول الله سبحانه وتعالى {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ} يقول جل شأنه {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ} من يصد عن سبيل الله ويتحرك ضد هدى الله {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} من يفتري على الله من أجل مصالح مالية يقول الله {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} يقول عنهم هكذا إنهم اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ويخسر الجنة، يخسر نعيم الجنة بما فيها، ثم يكون مصيرهم جهنم والعياذ بالله.
– من المفاسد أيضاً جرائم القتل لأخذ شيء من الدنيا، عندما يدفع بك الطمع بالحصول على أخذ شيء من المال في موقف هو ظلم وعدوان وباطل.
– الله سبحانه يقول { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} نرى وعيداً شديداً في القرآن الكريم لمن يرتكب هذه الجريمة، فكيف بمن يرتكب هذه الجريمة بهدف الحصول على المال.. البعض طمعه قد يقتل شخصاً لأجل الحصول على المال، جمع بين جريمتين الظلم والسرقة.
– من المفاسد أكل أموال اليتامى { وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا } البعض من الناس يأكلون أموال نسائهم أو أقربائهم من الإرث وهو حقهن، فنتيجة للطمع يرى أنهن ضعيفات ولا يردن أن يشاجرنه فيعمل على نهب أموالهن.
– وعندما يكون هناك يتامى سواء إناث أو ذكور فيظلمون سواء في الأخذ من أموالهم أو الاستبدال { وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } إثماً دنيئاً فضيعاً، من كبائر الذنوب أن تأكلوا شيئاً من أموالهم وتضموها إلى أموالكم أو تتبدلوا الخبيث بالطيب، وقد يكون الأخ الأكبر يظلم أخواته الصغار.
– يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء { وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } وهذا وعيد صريح وخطير وعلى الإنسان أن يحذر، لأن المسألة في غاية الخطورة.