مقتطفات من المحاضرة الرمضانية الرابعة والعشرين للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 26 رمضان 1444هـ
– الإنسان إما أن يكون شاكراً ويحسن استخدام هذه النعمة ويعبر عن ذلك في إيمانه وطيب نفسه ونظافة قلبه وسريرته، وإما أن يسيء استخدام هذه النعمة.. كما قال المثل “كل إناء بما فيه ينضح” يعبر عن سوء نفسه وخاطره.
– مجالات الاستخدام السيء لنعمة النطق والبيان واسعة جداً.. بدءا بالكفر بنعمة الله تعالى بالإساءة إلى الله المنعم الكريم الرب الرحيم ذي الفضل العظيم، المقدس المنزل الذي يسبح له ما في السماوات وما في الأرض بلسان الحال والمقال.
– تحدث القرآن الكريم عن إساءة الكافرين والضالين بما يعبرون عنه في عقائدهم في مقولاتهم وأفعالهم المسيئة لله تعالى.. فقد تحدث في القرآن الكريم حديثاً واسعاً جداً، مما قالوه والرد عليها والتوضيح لها، وهو تعالى مقدس عن ما يقولون علواً كبيراً.
– في القرآن الكريم أيضاً نجد الحديث على المستوى التفصيلي في نسبتهم إلى الله الولد والربوبية وكان أعظم ما نسبوه إلى الله اتخاذ الولد و كلمة فيها إساءة كبيرة وباطل رهيب جداً، لذلك فهم تجاوزوا بها الحق وأساءوا بها عظيم الإساءة إلى الله تعالى { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا (88) لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا (91)}.
– ما أخطر أن يجازف الإنسان بكلامه بدون تنبه، مقولاتهم بشأن البعث والمعاد، مقولاتهم بشأن أنبياء الله، كم أساءوا إليهم يقولون ساحرٌ كذاب إلى غير ذلك، مقولاتهم عن الملائكة، مقولاتهم في التكذيب لله تعالى، مقولاتهم في الصد عن سبيل الله.
– من سوء ما هم عليه من كفرهم وظلالهم فيما يقولونه ويعبرون عنه ويتكلمون به، جزء كبير من ظلالهم وكفرهم وباطلهم وسوؤهم وقبيح أعمالهم هو كلام، لكنه يسيء إلى الله وأنبياءه وكتبه ودينه وعباده المؤمنين، يسعون من خلاله إلى الصد عن الله سبحانه وتعالى.
– جزء كبير من حربهم هو كلمات وتعبيرات ومقالات يحاربون بها دين الله سبحانه وتعالى يقول الله عنهم { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍۢ وَٱلْأَحْزَابُ مِنۢ بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } كيف كان عقاب، كانوا يكذبون الرسل والأنبياء والرسالة الإلهية التي كان يأتي بها الرسل يكذبون بها، وكانوا يجادلون بالباطل، جدال يستندون إلى شبه باطله، ويحاولوا أن يسقطوا الحق “ليدحضوا الحق”.
– جبهة من جبهات الكفر والظلال والباطل هي جبهة الكافرين من أهل الكتاب، جبهة كبيرة اليهود والنصارى وتحركهم في الباطل في محاربة الحق وإضلال عباد الله من خلال التزييف.. فقد عملوا على لبس الحق بالباطل.
– وصلت إلى أن يقولوا {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} يتهمونه بالبخل، قالوا أيضا {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} تكلموا عن الله بالكثير من الكلام السيء وإلى رسله وأنبياءه { وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
– يقول عن أهل الكتاب {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} من وظفوا تلبيس الحق بالباطل بالتدليس ضد الحق، وهم من أكثر الناس نشاطاً في هذا الجانب من خلال النشاطات الفكرية والثقافية، وهم من أكثر البشر إساءة إلى الله سبحانه وتعالى.
– من الفئات التي حذت حذو الكافرين وأهل الكتاب في سوء استخدام نعمة النطق والبيان وفي توظيفها واستخدامها في خدمة الباطل والإساءة إلى الله وأنبياءه ودينه، والعمل على التأثير السيء في أوساط المسلمين في خدمة أعداء المسلمين وإخضاع الأمة لهم.. فئة المنافقين، وهم من أسوأ البشر استخداماً لهذه النعمة بشكل سيء.
– { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } دوافعهم في النفاق متنوعة واتجاههم واحد { يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ } يحاولون أن يدفعون الناس إلى ما هو منكر، وينهون عن المعروف.
– يقول في صدهم عن سبيل الله { اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يستخدمون حتى الأيمان الفاجرة، يحلفون الكذب وهم يعلمون، يكثرون من الأكاذيب، دعايات كاذبة، يحاولون أن يدفعون الناس إلى الباطل بأساليب باطلة، يثبطوهم عن الجهاد في سبيل الله وأعمال الخير التي تستقيم بها حياة الله على أساس تعاليم الله تعالى.
– كل تلك الفئات فئات المظلين، الذين يعتمدون على تزييف الحقائق وتقديم الشبه التي يؤثرون بها على من ليس لديهم معرفة صحيحة ليضلوه.
– أتى أيضاً التحذير للمؤمنين من سوء استخدام هذه النعمة حتى لا يتورطوا كما تورط غيرهم من الفئات المنحرفة عن منهج الله في الحق.
– أتى التحذير في القرآن الكريم من اليمين الفاجرة، يمين الغموس، والإنسان لماذا قد يستخدم اليمين الفاجرة؟ بسبب الطمع، يريد أن يقتطع من حق الآخرين، هذا وزر وإثم ويجمع بين عدة جرائم، والبعض كذلك من أجل أن يمضي باطلاً.
– لا يستخدم اليمين الفاجرة والحلف الكذب إلا لغاية سيئة ومعاصي كبيرة {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.. من الكبائر التي تحبط أعمال الإنسان.
– أيضاً من سوء استخدام هذه النعمة هو الكذب، الكذب من أسوأ ومداني الصفات، الإنسان الذي يعتاد على الكذب ويتعمد على الكذب إنسان دنيء النفس، لا يعتبر لنفسه ولا يحرص على كرامة نفسه.
– الكذب درجات متفاوتة الافتراء على الله والقضايا التي ينتج عنها ظلم وتزييف الحقائق { إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.
– من مساوئ الاستخدام هو البهتان، عندما تتكلم عن الآخرين بالبهتان، تنسب إليهم ما ليس فيهم، يعتبر كذباً وبهتاناً ووزراً كبيراً {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
– البعض موهوب في حدة اللسان، وهو بذلك يسيء لنفسه يتحمل الإثم.
– البعض يتحول عنده هذا إلى سلوك يومي إما في كتاباته أو مجالس القات أو في حركته في الحياة وهو في الباص أو المتجر في أي مكان عود لسانه على تلك الصفة السيئة، ويساعد نفسه على خبث النفس.
– من سوء الاستخدام السخرية، السخرية بالعبارات أو الإشارة التي تعبر عن الاستخفاف بالآخرين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ}.
– الغيبة أيضاً من أسوأ المظاهر التي تعبر عن خبث النفس الله يقول {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} تتكلم عن الآخر في غيابه بما تنتقص منه، بما تعيبه به، بما تحاول أن تحط به من عيون الآخرين، تتكلم عنه بما تراه نقصا فيه، إن كان فيه فأنت اغتبته، وإن كان ليس فيه فقد بهته.
– النميمة أيضاً من السلوكيات السيئة، من الاستخدام السيء للسان، والبعض أعتادها، البعض يسمع كلمة مستفزة لآخر، يبادر نقلها إلى الآخر ليثير الكراهية والبغضاء {مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} الذين يحاولون إثارة الفرقة بين الناس، قد يسببون جرائم القتل أو خراب لأعمال مهمة.
– يقول الرسول “لا يدخل الجنة نمام” فما أسوأ أن تتحول تلك الطريقة السيئة إلى سلوك للإنسان، البعض يعجبه ذلك ويرتاح عندما ينقل كلمة من شخص إلى آخر.
– الله سبحانه وتعالى يحذر في جلسات الناس ومقايلهم وجلساتهم الخاصة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
– في المقايل الأخرى، مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت ذات وقع أكثر من المقايل، والتي أصبحت بؤراً للشائعات، أكبر مكان للكذب والزور والبهتان، كل هذه المعاصي هي موجودة هناك أكثر من أي موقع آخر.
– من الاستخدام السيء أيضاً الوقوف مع الباطل، يقول تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
– هذه وسائل أراد الله تعالى أن تكون متحرياً من خلالها ولا تكن مجازفاً فيها لأي شيء دون تحر وتبين وانتباه يقول تعالى { إِذْ تَلَقَّوْنَهُۥ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُۥ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ}.
– مسألة هذا العصر في هذا الزمن، الدعايات في كل مكان في الأسواق ومواقع التواصل الاجتماعي في المقايل في الباص دعايات، أين ما ذهبت تجد الدعايات، يجب أن يكون موقفك موقف العدل والحق.
– في هذه المرحلة الصراعات ساخنة بشكل كبير جداً.. كل شيء يوظف توظيفاً عاماً { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } عليك أن تتحرى بشكل جيد.
– يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} لا تتسرع بتبني أشياء باطلة، تتحرى الحقيقة والطريقة الصحيحة لتقديم الموضوع في إطار اهتمامك الواسع، ثم تحرص أن ما تقدمه تقدمه بشكل صحيح.