مقتطفات من المحاضرة الرمضانية الرابع عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 15 رمضان 1444هـ
– الكبر من أخطر الذنوب وأكثرها خطراً على الإنسان.. الكبر يتفرع عنه الكثير من الذنوب العظيمة، لذلك كان هو أول معصية عصي الله بها، وكان هو ذنب إبليس الذي تورط به، وسبب من خلالها أن يخسر إيمانه ومكانته ومستقبله عند الله تعالى.
– أيضا من المفاسد الرهيبة جدا للكبر هي الصد عن سبيل الله سبحانه وتعالى، كثير من الذين يتحركون للصد عن سبيل الله تعالى هو الكبر، عملهم للتصدي عن هدي الله والتمسك بالحق دافعهم بشكل أساسي هو الكبر.
– في كل التاريخ وفي التصدي للرسالة الإلهية كان الذي يبرز في الواجهة ويتصدر الموقف ويحرك الآخرين للتصدي لرسل الله ومحاربة أنبياء الله والسعي لإبعاد الناس عن نهج الله هم المتكبرون.
– من النماذج السيئة للاستكبار والتكبر فرعون وهامان وملأه، قوم فرعون كان لهم قصة كبيرة وطويلة، تحدث عنها القرآن الكريم، وأن السبب الرئيسي إلى حد كبير هو التكبر {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}.
– التكبر هو حالة خطيرة جدا.. والتعريف كما قال رسول الله ” الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس” عندما تأنف عن تقبل الحق، ترى أنك فوق ذلك، أما الغمط للناس فهو احتقارهم وازدراءهم، ليس هناك ما يبرر للإنسان أن يحتقر الناس.. فالمتكبر يرى نفسه أعلى شأناً أو أن يعطي ذلك الحق لنفسه، أو يكون في تعامله مع الناس يحتقرهم ويزدريهم.
– من أهم ما ورد في القرآن الكريم الذي يبين خطورة التكبر هو موقف الإنسان من هدى الله، لا يقبل هدي الله سبحانه وتعالى، وهو في حالة التكبر.
– عندما لا تقبل بآياته وتعليماته، ترفضها، تُذكَّر بها ثم تستكبر وتصر على ما أنت عليه ولا تقبل بها، هذه الحالة التي أنت عليها حالة تكبر {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا }.
– عندما تذكر بآيات الله تجاه أي شيء لتفعله أنت غافل عنه أو مقصر فيه أو تقبله من خلال آيات الله، أو لتقلع عن شيء من المعاصي أو الذنوب السيئة، فتذكر وتتلى عليك آيات الله تجاه ذلك، فلم تقبل ولم تبالِ واتجهت اتجاه الإعراض والرفض والعناد.. هذه الحالة هي حالة تكبر.
– من مظاهر التكبر في سلوك الإنسان وتعامله وحركته في الحياة، في طريقة تعامله مع الناس، أو في سلوكه العام، فهو ذلك الذي يتعامل مع الناس بسلبية {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} لا تشح بوجهك للناس وترفع رأسك عن الناس ولا تنظر إليهم وتلتفت إليهم؛ هي حالة من حالات التكبر.
– {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} أنت إنسان بسيط، عندما تقارن نفسك مع جبل، اعرف حجمك.. بعض الناس مثلاً في حركة السير لا يلتزم بحركة السير المتعارف عليها، لا يقف في الأماكن التي ينبغي أن يقف فيها، يتجاوز الإشارة في الأماكن المزدحمة لأنه يرى نفسه فوق الناس الذين يجب عليهم أن يلتزموا بذلك.
– من عواقب التكبر وآثاره السيئة، الخذلان وسلب التوفيق، الإنسان إذا أصبح متكبراً باتجاه الحق أو يأنف في تقبل الحق وإعطاء الحق على نفسه لكي لا يتبع أهل الحق لأنه يرى نفسه أعلى شأنا من ذلك هذه حالة خطيرة جداً والعياذ بالله {وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}.
– {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} كل هذه الحالات الثلاث: عندما يكون الإنسان خاضعاً لله سبحانه وتعالى مسلماً تسليماً تاماً لله تعالى موطناً نفسه للطاعة لله سبحانه وتعالى، ليس عنده اعتبارات معينة.. هو يتقبل من الله سبحانه وتعالى أوامره وتوجيهاته بدون قيود أو أنفة، فالخضوع التام لله سبحانه وتعالى يبعد الإنسان من حالة الكبر.
– التسبيح لله والتحميد لله والتقديس لله سبحانه وتعالى له أهمية كبيرة لإبعادك من حالة التكبر.
– المتكبر دائما يسبح بحمد نفسه، بدلاً من أن يعظم الله في نفسه، تعظم نفسه في نفسه أما الإنسان المؤمن فهو المسبح بحمد ربه، الذي يعظم الله في نفسه، الذي كلما تحققت له نعمة أو أعطاه الله سبحانه وتعالى فهو يسبح بحمد ربه، يعظم الله في نفسه أكثر وأكثر.
– الموقف من أعداء الله فيما هم عليه من المجرمين الظالمين السيئين ليس من التكبر المحرم، هو موقف حق، فيما هم عليه من كفر وطغيان وصد عن هدى الله.
– الترفع عن مجالس السفهاء السيئين والأعمال الرديئة أيضاً هو من قول الله تعالى: {إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} ليس من قبيل التكبر.
– {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} مختال مغرور بنفسه معجب بنفسه، هو ممقوت عند الله سبحانه وتعالى، لأنه لم ينظر لنعمة الله، نظر لنفسه هو، بل اغتر بنفسه وكأنه هو المنشئ لما تحقق لنفسه، إن تحقق له شيء.. {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } فخور، كثير الافتخار بنفسه، دائماً يتحدث عن نفسه.
– الحالة الصحيحة بالنسبة للإنسان المؤمن أنه عندما يمن الله عليه بشيء من التوفيق أو النعم هو يرى أن الفضل والحمد والثناء لله سبحانه وتعالى، ويعظم الله في نفسه، ويدرك أن ما أنعم الله عليه يصاحبه التزامات في الواقع.
– حالة التكبر خطيرة كبيرة ومفاسدها خطيرة جداً.. والإنسان المؤمن يرى أنه مهما عمل لا يزال مقصراً جداً.
– الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه محمد صلوات الله عليه وآله {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} في ذروة الإنجاز العظيم الذي لا يضاهيه إنجاز، إنقاذ الناس وهم على شفا حفرة من النار، الانتقال بهم على ما كانوا عليه من باطل إلى شرف الإسلام ونعمة أخلاقه وسمو الإنسانية الحقيقية، والنصر العظيم واقتلاع جذور الكفر والطغيان، فالمقام تُجاه ذلك الإنجاز الكبير ما هو؟.. {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.
– الإنسان عليه أن يتواضع، أن يتذكر أنه من نطفة، أن يتذكر على ما هو عليه من عجز وضعف في كل أحواله، وأن يتذكر على ما هو عليه من المستوى الأخلاقي، وأن يتواضع في تعامله مع الناس، وأن يكون عنده توطين لنفسه في تقبل الحق دون أنفة من أي أحد.. هذه مسألة في غاية الأهمية.
– أما عاقبة التكبر في الدنيا، في عاجل الدنيا هناك عقوبات في إذلالهم، يعيشون حالة الذل، أما في الآخرة فمصيرهم جهنم.
– الكبر داء خطير جداً وكل ممارسات الإنسان المعبرة عن التكبر خطيرة جداً وهي من تحبط الإنسان عن الأعمال الصالحة.
– أما الإنسان المؤمن فهو المسبح بحمد ربه، الذي يعظم الله في نفسه، الذي كلما تحققت له نعمة أو أعطاه الله سبحانه وتعالى فهو يسبح بحمد ربه، يعظم الله في نفسه أكثر وأكثر.