مقتطفات من المحاضرة الرمضانية الخامسة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي – 5 رمضان 1446هـ 5 مارس 2025م
مقتطفات من المحاضرة الرمضانية الخامسة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 5 رمضان 1446هـ 5 مارس 2025م
- هناك الكثير من المجتمعات، بالرغم مما فيها من قادة، ومفكرين، وفلاسفة… وغير ذلك، وأمم لها حضارات كبرى على المستوى العمراني في الحياة، ولكن حضارةٌ جوفاء، قامت على أساس الظلم والطغيان، وعلى أساس الكفر والشرك، لم تستفد لا من ما تمتلكه من مقومات مادية؛ لأنها ليست كافية في أن تكون مهتدية، وقد انحرفت عن خط الرسالة الإلهية.
- القرآن الكريم هو كتاب هداية، ليس كتاباً للاستقصاء التاريخي، وبالتالي هو يختار لنا نماذج مهمة جداً فيها هداية، وتُلَخِّص لنا الموقف بكله.
- نبي الله إبراهيم تحرك في محيطه الأسري، ليحارب هذه الظاهرة، وللدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولإنقاذ أبيه آزر مما هو فيه؛ لأن الشرك ظلمٌ عظيم، وخطرٌ كبير.
- مع ما في الشرك، فهو ظاهرة تُعبِّر عن انحطاط- كما قلنا- انحطاط فكري وثقافي إلى أسوأ مستوى، عندما يأتي الإنسان ليعتقد في صنم من المنحوتات التي يصنعها، أو أي كائن من المخلوقات أنه إله، ويعتبر نفسه عبداً له، هذه إساءة كبيرة إلى الله؛ لأنك عبدٌ لله، مِلكٌ لله، فكيف تجعل الله شريكًا في الملك لك، وفي تعبيد نفسك له، إساءة كبيرة إلى الله، الرب، المالك، الخالق، المنعم، الإله الحق،
- تنتشر ظاهرة الشرك في الواقع البشري والمجتمعات البشرية إلى حد رهيب جداً، مع أننا في هذا العصر، في عصر التقدم على مستوى التكنولوجيا، وعلى مستوى الصناعات، وعلى المستوى العلمي، مع ذلك هناك تخلُّف في هذا الجانب
- الإسلام وحده هو دين التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى، والمسلمون هم الأمة الوحيدة بين كل أمم الأرض، وهم أمة محدودة في عددها، يعني: ليسوا هم الأغلبية في المجتمع البشري، هم الأمة الوحيدة على أساس الانتماء للإسلام، يدينون بالتوحيد لله سبحانه وتعالى، والإسلام يقدِّم لنا الدين الخالص والحق في التوحيد لله سبحانه وتعالى، والإيمان برسالته.
- المجتمعات التي تقدِّم نفسها أنَّها داعيةٌ للحُرِّيَّة، مثلما هو حال الغرب الكافر في أمريكا وأوروبا، هي مجتمعات تعتقد بالشرك، وتُعبِّد نفسها لغير الله سبحانه وتعالى
- في عصرنا هذا، في زماننا هذا، في عصر التقدم العلمي والنهضة الحضارية، النسبة الغالبة بين المجتمعات البشرية تعتقد بالشرك، بالألوهية لكائنات مخلوقة، ويشركونها مع الله في الألوهية
- الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي يُقدِّم التوحيد لله خالصاً نقياً، فتلك الفئات الأخرى هم يحاولون الاستهداف للمسلمين، الذين يعيشون هذه النعمة: نعمة التوحيد، وشرف التوحيد لله سبحانه وتعالى
- في سياق الاختراق للمسلمين يعملون على صناعة طوائف جديدة، تتحرك بين أوساط المسلمين؛ للردة بهم عن الإسلام، مثلما هو الحال بالنسبة للبهائية، والأحمدية… ونحوهما من المِلل التي أُنشِئت، وأنشأها أعداء الإسلام، وصنعوها بفكرٍ جديد، يقوم على الارتداد عن الإسلام مع الخداع للمسلمين، وكأنهم باقون على الإسلام، لكن يفتحون المجال لأنبياء جدد من عندهم زوراً وبهتاناً، ولتعطيل شرائع الإسلام، وللخروج عن ثوابت الإسلام، وعمَّا عُلِم من الدين ضرورة
- اليهود لهم دورٌ أساسي؛ لأنهم كانوا هم من عملوا على الزيغ بالنصارى والانحراف بهم إلى درجة الشرك، اخترقوهم، ويعملون أيضاً في الوسط الإسلامي في أسلوبهم الخطير جداً للإضلال، وللتحريف والانحراف بالمسلمين، الله قال عنهم:{وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} يقول عنهم:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.
- {إِنـِّي أَرَاكَ وَقـَوْمَـكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} الضلال هو الذي يصل بالناس إلى أن يدينوا بالباطل، حتى الباطل المكشوف، السخيف، الواضح البطلان، الذي لا يحتاج إلى دليل.
- الضلال، هو يفعل هكذا بالبشر، يجعل الإنسان يتقبَّل ما هو في منتهى السخافة والبطلان، ما هو في أعلى مستوى من وضوح بطلانه، فيعتقده ويتشبث به ويُصرّ عليه، لو أمكن للبعض أن يعتقدوا أنه ليس هناك في الأرض لا ليل ولا نهار، لفعلوا ذلك يعني، يمكن للضلال ان يصل بالإنسان إلى مثل هذه الدرجة من التنكر لأوضح الحقائق وأجلاها وأبينها، فالمشكلة الخطيرة جداً على الكثير من المسلمين هي: التلقي الفوضوي والعشوائي من القنوات الفضائية، من الإنترنت.
- أكثر دولة من بلدان المسلمين فيها حالة ارتداد عن الإسلام هي السعودية، حسب الإحصائيات التي تُقدَّم، فيها ارتداد صريح عن الإسلام.– هناك أيضاً في اليمن، وفي مختلف البلدان، من يحصل لهم مثل هذه الحالة، مما يتحول إلى البهائية، أو الأحمدية، أو غيرها من الملل الأخرى.- الكثير منهم يتأثر بماذا؟ لأنه يقوم بمتابعة قنوات فضائية تدعو لذلك الضلال والباطل، وهو ليس محصناً بالهدى، ليس لديه لا اليقين، ولا المعرفة الكافية، فيتأثر بشبهاتهم.
– هم يفلسفون للضلال والباطل بزخارف القول، التي يتأثر بها من لا يمتلك الوعي، ولا المعرفة، ولا الفهم، ولا اليقين، فينخدع.
- كثيرٌ ممن ضلوا وارتدوا وانحرفوا عن طريق الإنترنت، والبعض عن طريق دعاة، دعاة للضلال.– لأن للضلال دعاةٌ ورعاة:دعاة: يدعون إليه، يُقدِّمون للناس الشُّبه، يتفلسفون له، لإقناع الناس ولخداعهم وينفق عملهم في الخداع بزخارف القول والشبه، على من لا يمتلك لا وعياً، ولا معرفةً، ولا يقيناً، ولا بصيرةً في دينه، وهو مضطرب ومرتبك.
وهناك رعاة: وهم المستفيدون من مثل سلطات ظالمة، قوى نافذة، ترى أنها مستفيدةً بنفوذ سياسي، أو مستفيدةً مادياً، أو بنفوذ اجتماعي، أو مقامات معنوية.
– شرحنا عن هذه النقطة، وعن بعض الملوك: كيف كان فرعون، وكيف كان النمرود، الذي يُقدِّم نفسه على أنه من آلهتهم، ويُدَجِّنون له الناس إلى هذه الدرجة، هو ارتاح على الموضوع، فالمسألة خطيرة جداً.
– من أهم الأشياء التي تقي من التأثر بذلك الضلال هو: المقاطعة، المقاطعة للقنوات الفضائية، للمواقع المضلة، القنوات الفضائية المُضِلَّة التي تنشر الضلال، لا تتابع أي قناة تنشر الضلال، قاطعها.
– لا تتابع أي مواقع على الإنترنت تروِّج للباطل وتُقدِّم الشُّبه، اعمل على مقاطعتها، هذه مسألة مهمة.
– المقاطعة هي حل لأكثر الناس؛ لأن أكثر الناس لا يمتلكون من الوعي والمعرفة والفهم ما يتحصنون به من الشبه، وبالتالي يتأثرون بالشبه.
– المقاطعة كذلك من دعاة الضلال، دعاة الضلال أينما كانوا، فالمهم هو مقاطعتهم، عدم الإصغاء لهم، عدم التقبل منهم، وهذه مسألة مهمة جداً.
- الإنسان بحاجة إلى أن يرتبط بالهدى، وبالهداة، وطريق الهداية، وأن يحاول أن يستبصر، أن يكون واعياً، أن يكون فاهماً، أن يكون على معرفة بدينه، بالأسس المهمة لدينه، بالمبادئ الأساسية.
- يجب أن يعرف الإنسان أين هي قنوات الهداية ومصدر الهداية، وطريق الهداية؛ ليرتبط بها.
- الهدى والضلال هما الأساس: مسيرة الإنسان في حياته إما أن تكون على هدى، وهذا فيه النجاة، وإلا فلن تكون إلا على ضلال، وفي هذا الهلاك والخسران والعياذ بالله.
- الله علَّمنا حتى في الصلاة، كيف نعي أهمية هذه المسألة، في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّين}[الفاتحة: 6-7].
المرحلة الثانية لتحرك نبي الله إبراهيم عليه السلام كانت مع قومه، ليدعوهم إلى الإيمان بالله، وإلى التوحيد لله، ولينقذهم من الشرك.
نبي الله إبراهيم عليه السلام يحتاج إلى إعداد وتهيئة بمستوى التصدي لتلك العوائق والصعوبات، التي تعترضه في سبيل أداء مهمته، وهذه مسألة مهمة.
التعقيدات التي كان يعاني نبي الله إبراهيم عليه السلام منها في واقع مجتمعه:
– سلطة طاغية، ظالمة، متكبرة، مجرمة جداً، على رأسها رجلٌ متكبرٌ، وصل به الغرور والكبر والطغيان إلى أن يدَّعي الربوبية.
– مجتمعٌ شديدٌ في تشبثه بالباطل، متشدد، يعني: متدين بالباطل بشدة، ونبهنا عن خطورة الضلال عندما يتحول إلى معتقدات دينية.
– الباطل عندما يتحول إلى معتقدات دينية؛ لأن البعض أيضاً يكونون عندما تكون المسألة تديناً، متشددين عليها، متمسكين بها بشدة جداً، بتقديس كبير، وتشدد كبير.
– هناك أيضاً جهات نافذة، كمستفيدة مادياً، أو مستفيدة معنوياً.
– ويعاني حتى في محيطه الأسري.
إضافة إلى أن الموضوع بنفسه، موضوع التوحيد ومحاربة الشرك يلامس أكبر معتقداتهم أهميةً وقدسيةً لديهم، يعني: الموضوع محاط بحساسية شديدة.
عادة ما تكون مثل هذه المواضيع في تلك المجتمعات محاطة بحساسية على مستوى العقدة النفسية، بحيث لا يتقبلون أن يطرح عنها أي كلام.
– من جهة العقوبات، التي أحياناً تكون محددة في بعض المجتمعات، كانوا يحددون العقوبة على من يعارض الشرك، أو يظهر منه أنه لا يدين به، الإحراق بالنار عقوبة رسمية محددة، أن يشوونه بالنيران ويحرقونه بها.
الوضع مُعَقَّد أمام نبي الله إبراهيم، وهذا يتطلب درجة عالية من العزم، والثقة القوية بالله سبحانه وتعالى، وبما هو عليه، وبالطريقة التي هو فيها، وبالمنهجية التي يتحرك عليها.
يحتاج إلى أسلوب يتمكَّن من خلاله إلى أن يوصل لهم الحقيقة، وأن يجعلهم يفهمون المسألة هذه: أن تلك الأصنام التي يعبدونها ليست جديرةً بالألوهية، وأنه ليس هناك جديرٌ بالألوهية والعبادة له إلا الله وحده.
ليست المسألة مجرد أن يحتك بهم، ويستفزهم، ويدخل في مشكلة معهم من أول يوم؛ لأنه يريد أن يفهموا أولاً، يريد أن يعوا الحقيقة أولاً، يريد أن يسعى لهدايتهم.
هو في غربة أيضاً، والبداية صعبة، تحتاج إلى أسلوب حكيم جداً.
مهمة الأنبياء – ما يميزها عن غيرها – فعلاً أكثر تعقيداً من أي شيءٍ آخر.
لو كانت المسألة أن يسعى الإنسان لإقامة سلطة مثلاً، أو حكومة، أو دولة، هذا أسهل بكثير، مسألة فيها سيطرة سياسية، عسكرية… وغير ذلك، وتأثير على الرأي العام في مستوى معيَّن.
مهام الرسل والأنبياء أكبر مهمة، هي أكبر المهام، وأقدس المهام، فيها تعقيدات كثيرة في واقع الحياة.
يأتون إلى الناس لهداية الناس، يعني: لتغيير ما لدى الناس من أفكار، من معتقدات خاطئة، من تصورات باطلة، من مفاهيم ضالة، والعمل على إصلاحهم، والسعي بهم ليسيروا وفق هدى الله، وليتقبلوا تعليمات الله، وتوجيهاته، وهديه، ولينتهوا عمَّا نهى عنه.
الناس قد أصبح لديهم معتقدات باطلة، تصورات ومفاهيم خاطئة، لكن يتمسكون بها بشدّة، وهم على قناعة تامة بها.
الاصطدام بالناس في جوهر ما يتشبثون به: معتقدات، عادات، تقاليد خاطئة، أفكار خاطئة، ضالة… غير ذلك، يعني: تغيير الواقع بكله، هي المسألة الحساسة والبالغة التعقيد.
إن كنت تريد مُلكاً مَلَّكنَاك علينا” – عرض المشركين للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) ليترك دعوته مقابل الملك والمال.
فلذلك ندرك أهمية ما تتطلبه هذه المهمة، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}[الأنعام:75] هذا في الإعداد لهذه المهمة، في مقابل ما يواجهه من صعوبات، وتعقيدات، وحساسية، وإشكالات في الواقع.
يهيئه الله ويعده ليؤدي هذه المهمة بهذه الطريقة، ليريه {مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: الآيات العجيبة، التي تجعله على أعلى درجات اليقين.
يتَّجه من خلالها وهو في أعلى درجات اليقين، بعزمٍ، وقوةٍ، واطمئنانٍ تام.