مقتطفات من المحاضرة الرمضانية الثانية عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 13 رمضان 1444هـ
– لم يعد الشيطان يتحرك لاستهداف الإنسان بهدف إيقاعه في الجرائم والموبقات.. بل يتحرك في شبكات واسعة بما في ذلك متخصصون من شياطين الجن بحسب المجالات، إثارة الفتن أو الفساد الأخلاقي أو الإضلال الفكري، والمجالات الأخرى بحسب مجالات الحياة.
– دائرة الاتساع في النشاط الشيطاني في دائرة الإنس، بحيث تحولوا إلى شياطين.. وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في آيات كثيرة وموارد متعددة منها قوله تعالى { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.
– الشيطان يغيظه أي نشاط لحماية الناس والدفع بهم بما فيه خلاصهم من الشقاء والضلال والعذاب الأبدي.. هو يريد أن يعمل في وضع بدون تعقيدات أو إعاقة يؤثر على نشاطه الشيطاني في الإغواء والاتجاه بالناس نحو شقائهم.
– عمل الأنبياء للسعي لهداية الناس والإنقاذ بهم والسعي نحو فلاحهم وفوزهم وما يحقق لهم الفوز في الآخرة، هو عمل يقلق الشيطان يرى أنه يفشل عليه مهمته ويحد من تأثيره، هو حريص على أن يغوي أكبر قدر من الناس.. أقسم { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}.
– في الرواية أنه لما بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قلق الشيطان عندما علم بالمسألة وحزن وقلق كثيراً.. لماذا؟ لأنه يرى أن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لعمله لهداية الناس، سيحد من تأثيره في الوقت الذي كان الجو فيه قد تهيأ له بشكل كبير بما كانوا عليه في الجاهلية.
– من يصل من الإنسان إلى حالة الشيطان؟، عندما يخبث ويفسد حتى يتحول إلى عنصر مضل ومفسد، يتحرك هو ليفسد الآخرين، لم يعد بحاجة إلى شيطان الجن ليفسد ويتحرك للإضلال، هو بنفسه قد فسدت نفسه بشكل تام.
– الإنسان الذي خبثت نفسه وفسدت ووصل إلى درجة إلى أن يتحول إلى شيطان، هو يوظف كل قدراته وطاقاته وتأثيره، إذا كان في موقع وجاه وموقع مسؤولية له فيه تأثير معين، فهو يوظف تأثيره في إطار المهمة الشيطانية.
– الإنسان إذا وصل إلى درجة الشيطان والعياذ بالله، يصبح مهيئاً لتلقي المزيد من وساوس الجن {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ} فيما يستطيع من خلاله أن يغوي به الآخرين { زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} القول المزخرف الذي يؤثر به على الآخرين، الذي يصور من خلالها أنه لصالحهم.
– من غير المستبعد أن بعض الشياطين من الإنسان يستفيد منه أيضاً بعض شياطين الجن.. البعض من موقع مسؤولية والبعض من معرفته ببيئة المجتمع تساعده على أن يكون أكثر تأثيراً في الإغواء والإضلال من التأثير من شياطين الجن ومن غير المستبعد أن بعض الشياطين من الإنسان يستفيد منه أيضاً بعض شياطين الجن..
– عندما يكون إيمانك بالآخرة على النحو الذي يخضعك تماماً فوق طموحات نفسك، البعض لا تؤثر فيهم الميول المادية والمالية والفساد الأخلاقي، لكن هناك جوانب معنوية تؤثر فيهم طموحات معنوية تؤثر فيهم عقدة الكبر والعجب والغرور، أو أي عوامل أخرى حتى مع احتفاظهم للشعائر الدينية.
– مع تحول البعض إلى شياطين واتساع دائرة النشاط الشيطاني ليكون له تشكيلات مختلفة بحسب أدوارهم ومقاماتهم في الحياة، لكنه يسعى بشكل عام إلى السيطرة على بني آدم إلا القليل الذي استثناهم وهو يدرك أنه لا سبيل له في السيطرة عليهم.
– يقول تعالى وهو يوضح لنا هذا التوجه الحاقد من الشيطان على الإنسان {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا } هو عبر في تعبيره لاحتنكن بما يفيد السيطرة التامة والاستئصال لمجموعهم بالإغواء والإهلاك للدفع بهم نحو الهلاك.
– الشيطان وهو يتجه بذلك المشروع الكبير الإغواء للمجتمع البشري عبر الأجيال يحتاج إلى إمكانات ضخمة، العمل على إفساد وإغواء مليارات البشر عبر الأجيال، يحتاج إلى جهود للدفع بهم لأعمال المعاصي التي لها آثار سيئة في الدنيا والآخرة.
– كيف يقوي نشاطه في ذلك ويتحرك في هذا المستوى، هذا العمل يحتاج إلى تمويل وإلى من يعمل معه بأعداد كثيرة.. فكيف فعل؟ هو اتجه نحو البشر الذي يمكن أن يستغلهم، لا يحتاج إلى أن يخسر أو يتعب في سبيل الحصول على إمكانات مادية لتحريكهم، لا يحتاج إلى أن يبذل نفسه في أنشطة استثمارية ليتعب في سبيل تنفيذ مشروعه ذلك، ولا يحتاج إلى أن يعاني في سبيل توفير إمكانات للتأثير في الجانب الفكري.. هو يحتاج إلى البشر ليوظف كل طاقاتهم فيما فيه هلاكهم.
– يدفع بالبشر في العمل في النشاط التجاري والاقتصادي في إطار المحرمات لكسب المال بالطرق المحرمة، الاتجار بالرباء والمخدرات والعقود المحرمة وبالوسائل والمواد المحرمة، وهكذا أنشطة يشاركهم فيها ويصبح شريكاً في تلك الأموال، يصبح شريكاً لدول وشركات وأشخاص من الأغنياء والأثرياء والفقراء.
– وهو بذلك يسيطر عليهم، وهي سيطرة سيئة، الإنسان هو قد أصبح تحت سيطرة أكبر عدو، شيء مذل ومخزي ومهين، أن يصل الإنسان إلى حالة أن يكون الشيطان هو من يسيطر عليه.
– كل ذلك خسران لك وخسران وعذاب عليك.. حالة سيئة جداً، كما قال تعالى في القرآن الكريم { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} عندما تتحرك أسيرا للشيطان، عندما تؤثر طاعته على طاعة الله سبحانه وتعالى، طاعة الشيطان أصبحت حالة عبادة للشيطان، فأنت تعبد عدوك المبين يسعى بك إلى الخسران والشقاء، تعبد عدوك الذي هو سيء جداً، هو حاقد عليك ويرتاح أنك ستشقى، يرتاح عندما ينجح بسبب استجابتك أنت وميلك واندفاعك أنت نحو ما يريد منك أنه يهبط بك وينزل بك مما كان قد كرمك الله بك من إنسانيتك.
– { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الذين ينحرفون إلى درجة أن يكون تحركهم ونشاطهم صداً عن سبيل الله وعملاً لخدمة الباطل، يصبح هذا برنامج عمل لهم، يصبح مسيطراً عليهم الشيطان بشكل تام.
– {أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الشيطان هو الخاسر الأكبر، ويخسر معه حزبه وكل من يخطون معه.
– يقول الله تعالى فيما يتعلق بالكافرين {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} نتيجة لتخاذلهم يسلط عليهم الشياطين بسبب ضلالهم وإصرارهم المضاد لتوجيهات الله.