مقتطفات من المحاضرة الرمضانية الثامن عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 19 رمضان 1444هـ
– من المفاسد الخطيرة هي أخذ أموال الناس بالباطل، واليمين الغموس، والرشوة، يقول سبحانه وتعالى { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} البعض من الناس بسبب الطمع قد يسعى إلى أن يستحوذ على أموال الآخرين وهو يعلم أنها ليست له، ولكنه بدافع الطمع.
– وقد يلجأ البعض منهم للرشوة {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} يسعى إلى أن يكون الحكم لصالحه عن طريق الرشوة، الرشوة في بعض الأحيان تكون كبيرة إذا كانت تلك الحقوق التي يطمع للحصول علها كبيرة.
– يقول سبحانه وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} تشمل الآية المباركة من يشترون بعهد الله شيئاً مما يتعلق بأمر دينهم، كذلك الأيمان.
– في هذه الحال والعياذ بالله أنت خسرت آخرتك {أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} فما الذي فزت به مقابل خسرانك الجنة.. أنت خسرت النعيم العظيم في الجنة.. مقابل قطعة أرض أو مصلحة مادية.. والبعض قد يكون يمينه في إطار تأكيد شهادة زور، ولكنه يؤكد شهادته الزور التي تحمل بها وزراً عظيماً عند الله وهي من كبائر الذنوب التي تصل بصاحبها إلى قعر جهنم.
– انظروا إلى هذا الوعيد في الآية المباركة {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هذا يعبر عن غضب شديد من الله سبحانه وتعالى.. هذه قضية خطيرة ويجازف فيها بعض الناس ويورط نفسه ورطة عظيمة.
– من أخطر ما يؤثر على علاقة المجتمع فيما بينهم اليمين الغموس، يترتب على ذلك مظالم ومفاسد، البعض يظلم ظلماً كبيراً بأخذ حقه، وقد يكون مستضعفاً، وقد يكون هذا الذي أخذ حق المستضعفين مستنداً إلى مسؤول.
– من المفاسد نهب أموال الآخرين، البعض يتقطع في الطرقات وينهب أموال الآخرين، السرقة هي أخذ أموال الآخرين بطريقة خفية.. وكلاهما جرائم خطيرة، ومن يعمل هذه المفاسد هو إنسان دنيء فاقد للإيمان خسر إيمانه، جمع بين خسارة الدين وخسارة كرامته الإنسانية، ويمارس هذا النوع من المفاسد والجرائم الذي هو دنيء وخسيس جداً.
– جرائم النهب جرائم فضيعة في الإسلام، صاحبها هو عدو لله، البعض يجعل التقطع للناس مهنة له، يرتكب جريمة من أكبر الجرائم، ويؤثر على حياة الناس الاهتمام بأمور معيشتهم، والبعض قد يكون عدواناً، إذا لم تتهيأ له ظروف النهب فيقوم بالقتل، وقد يجمع بين عدة جرائم.. هي جريمة رهيبة جداً، ولهذا أدرج هذا النوع من الناس في تصنيف المحاربين لله ورسوله الساعين في الأرض فساداً.
-من يدخلون في هذا التصنيف من يمارسون التقطع في سبل الناس، في بعض المناطق تصبح هذه المفاسد عادة، هي جريمة وإثم عظيم وتصرف لا إنساني، تصرف وحشي وهمجي، الناس الذين يمارسون هذه العادة عليهم أن يعوا أن هذا التصرف تصرف همجي مخل بدينه وكرامته وقبيلته وبكل شيء، إنسان دنيء النفس ومجرم وسيء.
– السرقة تصرف دنيء، جاءت عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة يقول سبحانه وتعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّه } هذه العقوبة العاجلة في قطع اليد نكال من الله يكون رادعاً لغيرهما من الآخرين لكي لا يسرقوا، لأن بعض الناس لا تردعه إلا العقوبة العاجلة، لا يكفي الوعيد بالعقاب في الآخرة.
– من مفاسد الطمع والتوجه المادي الخيانة للأمانة، سواء على مستوى ما يؤتمن عليه الإنسان من شخص آخر أودع عندك أمانة، البعض بسبب طمعه يخون من ائتمنه وهذا ذنب عظيم ووزر كبير من جهة، وتصرف وحشي من جهة أخرى.
– أضف إلى ذلك عندما يخون الإنسان الأمانة في المسؤولية العامة، الإنسان الذي يكون في موقع مسؤولية ويخون في ذلك الموقع المعين وفي إطار صلاحياته في التصرف بأموال معينة على أساس يتصرف بها وفق صلاحياته، لكنه عمل على نهب المال العام، فهذا من خيانة الأمانة ومن أسوأ أنواع الخيانة.
– يتضرر الناس من هذه الخيانة لأنه يأخذ من أموالهم وهم لا يعلمون، قد يصفقون لذلك الزعيم حتى تتقطع أيديهم.. مثلما يحصل الآن من سرقة ثرواتنا العامة من قبل تحالف العدوان والخونة.
– الفساد المالي هو من خيانة الأمانة جرم عظيم، خيانة لله ولرسوله ولعباده، وظلم للناس.. عندما يكون الإنسان يسعى ليتكون له ثروة معينة على حساب الناس وحرمانهم، فهي جريمة فضيعة وشنيعة.
– الابتزاز المالي بغير حق، البعض من المسؤولين في سلطة معينة، لكي ينفذ معاملة صحيحة، ووظيفته أن ينجز المعاملة، يقوم بالضغط على صاحب المعاملة أو عرقلتها ويختلق إشكالات لإعاقة المعاملة للحصول على شيء معين.. وهذا لا يجوز شرعاً.
– الابتزاز المالي بغير حق هو من خيانة الأمانة وهو حرام وسحت ، الإنسان عندما يتعامل بهذه الطريقة هو يؤكِّل أسرته من ذلك المال سحت وحرام.
– من المفاسد أيضاً التعامل بالربا، التعامل بالربا من مشاكل العصر، المرابي مصيره جهنم يخلد في جهنم، أليس ذلك كافياً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} حرب مع الله ورسوله وفي الآخرة جهنم والخلود فيها أمر محتوم، المتعامل مع الربا مصيره جهنم، أمر حتمي، البعض يتعمد ذلك، ويصبح ذلك أسلوب للكسب المادي، وهذه قضية خطيرة جداً.
– من المفاسد أيضاً الغش والتطفيف، يقول سبحانه وتعالى {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} المطفف إن كانت المعاملة له فهو يريد المكيل أو الموزون كاملة، أما إذا كانت لغيره فهو يغش في الكيل أو الوزن وهي قضية خطيرة على الإنسان، تتراكم الأوزان هو يغش مع معاملاته اليومية، وهو يتحملها جميعاً.
– من المفاسد الرهيبة الناتجة عن الطمع الاتجار في المحرمات والمضار والمفاسد، مثل الاتجار بالمخدرات، جريمة فضيعة جداً، وللأسف هناك سعي من الأعداء للترويج للاتجار في هذه المخدرات.
– الاتجار بالمخدرات من أسوأ الجرائم التي ينتج عنها ابتعاد الناس عن الاتجار بالحلال وتحفيز لهم للاتجار بالمحرمات.. عندما يشاهد الأرباح المادية يمثل ذلك جاذباً لضعفاء الإيمان ومن عندهم طمع.. ولذلك يجب التعاون على مواجهة مثل هذه المفاسد.
– من المفاسد الناتجة عن الطمع، الحسد، البعض يحقد على الشخص الذي يمتلك نعم من الله، ويحقد عليه، الحسد آفة سيئة جداً، والحسود هو يحقد على الله سبحانه وتعالى، لكنه يتوجه بحقده على عباده، كان الأولى به أن يحرص على أن يدعو الله ويسأله من فضله وأن يسعى للكسب، وأن يطلب من الله أن يمنحه القناعة.. لأن حقدك على الناس وحسدك عليهم لا مبرر له.
– من المفاسد الناتجة عن الطمع، البخل بالزكاة والبخل في الإنفاق في سبيل الله والخيانة في مال الوقف، وهذه مفسدة كبيرة وهي ناتجة عن الطمع يقول تعالى {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ }.
– عندما تبخل لا تخرج ما عليك من حق لا تخرج الزكاة ولا تنفق في سبل الخير، أنت تهلك نفسك.. الله سبحانه وتعالى سيعاقبك، الله سبحانه وتعالى سيجعلك تخرجها في غير محلها، لأنك لو أنفقتها في سبيل الله سيقيك أشياء كثيرة.
– الخسارة رهيبة جداً عندما تكون توجهات الإنسان مادية، كم ينشأ عن ذلك من مفاسد.
– يقول سبحانه وتعالى {لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقد خسروا الجنة والنعيم العظيم والملك الكبير والحياة الطيبة والسعادة الأبدية.. على الإنسان أن يحذر ويسعى إلى تزكية نفسه، ويسأل الله أن يرزقه القناعة، ويترك الترف المادي.