مقتطفات من المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 10 رمضان 1444هـ
– يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)}يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية المباركة أن النفس البشرية لديها في فطرتها وتكوينها القابلية للخير أو الشر، للفجور أو التقوى، للصلاح أو الفساد.
– الله سبحانه وتعالى قد ألهم النفس البشرية فجورها وتقواها، ثم تأتي بعد ذلك في إطار مسيرة الحياة يأتي دور الإنسان في تزكية النفس أو في الاتجاه لآخر يغير واقع الإنسان إلى آخر.
– الله سبحانه وتعالى على مستوى الحالة الفطرية في الإنسان فيما منحه من قدرات وقابليات، وأيضا فيما عرفه وعلمه وأرشده ميز له بين الطريقين، طريق الخير وطريق الشر “النجدين” حتى تكون الأمور واضحة بالنسبة للإنسان.
– الإنسان إذا اتجه في طريق الخير نمت فيه عناصر الخير، واتجهت ميوله ورغباته واتجه بتفاعله نحو الخير وزكت نفسه، ويحظى بالمعونة من الله سبحانه وتعالى ورعاية في اتجاهه العظيم.
– تتجه طاقاته الفطرية في الانسجام والأنس والاطمئنان وانشراح الصدر للخير وفعل الخير والعمل الصالح ومكارم الأخلاق والانسجام مع الحق وتقبل الحق والتفاعل مع هدى الله سبحانه وتعالى والانشداد إلى الله سبحانه وتعالى، يكره الجرائم.. تتعزز عنده حالة التقوى تجاه هوى النفس ويكتسب في إطار هذا التوجه المنعة تجاه وساوس الشيطان التي تأتي كعامل آخر مع هوى النفس.. الإنسان في اتجاه الخير والزكاء والإيمان والتقوى يكتسب المنعة تجاه وساوس الشيطان ومساعيه للإغواء.
– أما إذا اتجه الإنسان تجاه هوى النفس والفجور، فإنها تتزايد فيه عناصر الشر ويتراكم الخبث في نفسه، وتكبر الميول السيئة حتى تكون ضاغطة على نفسه ضغطاً شديداً في الاتجاه والأعمال السيئة التي هي معصية لله سبحانه وتعالى ولها آثارها السيئة في نفسه وواقع المجتمع.
– وإذا استمر أكثر وأكثر يصل إلى درجة الخبث التام في نفسه ويزين له سوء عمله، ولذا أتى التحذير في القرآن الكريم من اتباع الهوى.
– يقول الله سبحانه وتعالى عن حالة الزيغ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} الإنسان عندما يصل إلى درجة أن يميل قلبه عن الرشاد والصلاح، يخذل من الله سبحانه وتعالى ويسلب التوفيق ويتركه الله في زيغه، فيتحول في نفسه مائل عن الحق.
– يحذر الله سبحانه وتعالى من هذه الحالة ويقارن في القرآن الكريم ما بينها وبين من يتجه في هذه الحياة على أساس هدى الله سبحانه وتعالى يخضع نفسه وهواه على أساس هدى الله.
– في الحالة التي تخبث فيها نفس الإنسان، اتجاه سيء، كلما تمادى فيه خبثت نفسه أكثر، هي حالة يفتح الإنسان على نفسه ثغرة خطيرة للشيطان، وهنا يبرز دور الشيطان كعامل إضافي إلى جانب هوى النفس.
– الشيطان هو عدو مبين للإنسان، الله سبحانه وتعالى حذر البشر جميعاً وبين لهم أنه عدو مبين لهم، يستهدفهم جميعاً، يستهدف كل المجتمع البشري.
– الحديث في القرآن الكريم عن الشيطان حديث مهم جداً، هو عدو سيء ورمز للسوء والفجور والكفر، لكن الكثير منهم يتأثرون به، وتغيب لدى كثير من الناس في ذهنيتهم حالة مساعي الشيطان المستمرة لاستغفال الإنسان.
– البعض في حالة معينة وهو يتأثر نفسياً سواء وراء رغبة أو وراء انفعال نحو اتجاه أو تصرف سيء عندما تذكره وتحذره من الشيطان قد يسخر منك، ويرى نفسه وكأنه بمنأى من الشيطان وهو في حالته تلك السلبية.
– في القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً لكل المجتمع البشري {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} وعد الله سبحانه وتعالى بالحساب والجزاء والجنة والنار، وعد الله سبحانه وتعالى المتعلق بما يترتب على أعمالنا وتصرفاتنا هو حق لا شك فيه وآتي ومتحقق ولا شك في ذلك.
– {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} الغرور هو الشيطان الذي يسعى لأن يغركم، يجعلكم تغفلون عن وعود الله سبحانه وتعالى ويسعى إلى هلاككم وخسرانكم.
– الشيطان عدو مبين يسعى لإلحاق أكبر الضرر بكم، يسعى لمضرتكم ولما فيه الخطر عليكم، هو عدو بكل ما تعنيه الكلمة وعداء شديد جداً.
– هم يعملون ما يرغب هو أن يعملوه ويتجهون الاتجاه الذي يريد أن يتجهوا فيه، ومع ذلك لا يقدر لهم ذلك ولا تتغير نفسيته تجاههم، يقول بأنهم تغيروا وهم في نفس الطريق الذي هو عليه.. هو يرتاح بأنه نجح في أن يتجه بهم إلى حيث يصل بهم إلى قعر جهنم، إلى أكبر خطر إلى أكبر عذاب.. هذا حاله مع حزبه.
– هو يعتبر هذه أشد طريقة لإلحاق أكبر ضرر بالإنسان، أكبر ضرر بالإنسان أن يوصله إلى قعر جهنم، ليتعذب للأبد.. يرى أنها أكبر طريقة يوجه بها أكبر ضربة للإنسان.
– يريد أن يسعى لهلاك أكبر قدر ممكن من البشر، هذا حق شديد جدا {قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18)} فهو طرد وذهب من السماء مطروداً وهو يحمل أشد الحقد والعداء لآدم وذريته عبر الأجيال وهو يتجه إلى السعي والعمل لإهلاك أكبر قدر منهم.
– هل يمتلك الشيطان أن يرغم الناس ليسيروا في طريق الفساد؟.. لا.. إنما يسعى عن طريق الوسوسة والإفساد وهو بذلك يسعى عن طريق هوى النفس والميول السيئة حينها يحاول أن يدخل على الخط ويؤثر على الإنسان أكثر وأكثر.
– الشيطان يتدخل كعامل إضافي لدى الإنسان مستغلاً حالة الإنسان في الرغبة النفسية، وتلك الرغبة النفسية في التفكير السلبي، فيتفاعل الإنسان أكثر وأكثر، وخصوصاً إذا فصل نفسه عن المؤثرات الإيجابية التي ترده عن ذلك الاتجاه السيء، في حالة الانفعالات كذلك تظهر فيه حالة الانفعال والغضب ويبدأ الإنسان مع تلك الحالة النفسية يفكر التفكير السيء الذي يؤجج فيه الحالة النفسية السيئة أكثر وأكثر.
– الكثير من الناس يتصور وهو في مثل تلك الحالة إما في حالة الرغبة أو الغضب أو المخاوف، ونفسه تتحرك فيها من الخوف أو الغضب وذهنيته يتصور أنه لوحده، لا يدرك أنه قد انظم إليه شيطان من شياطين الجن.