مقتطفات المحاضرة الرمضانية الـ 15 للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 19 رمضان 1445هـ 29 مارس 2024م
1.نتحدث اليوم باختصار على ضوء ما ورد من الآيات المباركة في بعض السور الأخرى
2.يقول الله سبحانه وتعالى في الآيات المباركة (من سورة الحجر): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} فالله بيَّن لنا كيف ابتدأ خلق الإنسان، وهذه مسألة مهمة
3.يحاول أهل الضلال والباطل من أولياء الشيطان، وبالذات الذين لهم ارتباط بالصهيونية واليهودية، يحاولون أن يقدِّموا بداية الوجود البشري على أنها بداية مجهولة، ثم أن يفترضوا لها افتراضات تخمينية، قائمة على التخمين، والهواجس، والظنون، والأوهام، وليست مبنيةً على حقائق
4.التوجه اليهودي هو قائم على الامتهان لكرامة البشر، وتقديم تصورات خاطئة، تُرَسِّخ لدى الإنسان أنه مجرد حيوان، متطور عن قرد، وأنه لا كرامة له ولا تكريم له في خلقه ودوره
5.{وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ} فخلق الجان قبل خلق الإنسان
6.{مِنْ نَارِ السَّمُومِ} من مادة مختلفة عن المادة التي خلق الله الإنسان منها السَّمُومِ: الهواء الحار وفي سورة الرحمن قال: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} فهو مخلوقٌ من اللهب، اللهب الناري الذي ينقطع من النار.
7.الله أيضاً نفخ في الإنسان من روحه، الروح التي هي أيضاً عنصر آخر تجاهله إبليس تماماً، وكذلك تجاهل ما زوَّد الله به الإنسان من مدارك، من طاقات، من قدرات، تجاهل أن الله علَّم آدم الأسماء، كلها تجاهل كل شيء
8.من نتائج عقدة الكبر أن المخلوق (سواءً من الإنس، أو الجن) يعمى عن الكثير من الحقائق، وينظر من جانبٍ واحدٍ فقط، ولاعتبارات محدودة وينسى بقية الأشياء، أو يتجاهل بقية الأشياء ولا يلتفت إليها.
9.{قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} طُرِد من بين صفوف الملائكة؛ لأن مقام الملائكة هو مقام عبادة، مقام مُقدَّس، ليس فيه إلَّا الطاعة لله والعبادة لله ليس مكاناً للعصاة؛ فَطُرِد من بينهم مهاناً
10.نتيجة التكبر الهوان والصغار، {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا}، وقد خسر مقامه، خسر عبادته، خسر كل شيء، {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} يعني مطرود، مطرودٌ ويرجم، ويمنع عليه منعاً باتاً العودة إلى الملائكة
11.{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} هو سبب لنفسه بعصيانه لله، وبتكبره، ومعصيته معصية خطيرة جداً؛ لأنها بدافعها، وبما كان سبباً لها، وبشكلها وحقيقتها وفي جوهرها، جمعت جوانب خطيرة جداً من المعصية لله
12.إبليس جمع بين:
13.المعصية الفعلية التي هي الامتناع من السجود،
14.مضافاً إليها: الاعتراض على أمر الله سبحانه وتعالى.
15.مضافاً إليها: الاتهام لله سبحانه وتعالى في عدله وحكمته.
16.وحتى التخطئة للملائكة، هو خطّأ الملائكة في سجودهم، واعتبرهم مخطئين في ذلك، وأن عليهم أن يمتنعوا كما امتنع هو عن السجود لآدم.
17.{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}، {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}، نعوذ بالله! إبليس هو استحق الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى، لم يبق جديراً بالرحمة من الله
18.الرحمة التي يحظى من خلالها بالتوفيق، بالتثبيت، بالهداية، بالتسديد، بالتوبة عليه، ولذلك أصبحت الحالة بالنسبة له حالة خطيرة جداً، تعزز في نفسه الخبث، الشر، الإجرام، فسد أكثر، وابتعد عن ساحة الرحمة الإلهية، وهي حالة خطيرة جداً والعياذ بالله
19.أما عندما يأتي الجزاء فهو سيتجه إلى جهنم والعياذ بالله إلى مستقر لعنة الله، جهنم هي مستقر لعنة الله، مثلما- في المقابل- هناك الجنة مستقر رحمة الله.
20.{قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} طلب الإنظار ليبقى على قيد الحياة من جهة، وليتم إمهاله، فلا يُعاجل بالعقوبة المهلكة قبل ذلك؛ لأنه خاف أن يعاجل بالعقوبة المهلكة، عندما لعنه الله وطرده من رحمته وغضب الله عليه، وهي حالة خطيرة جداً،
21.{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} هو معترف بالله، معترف بربوبية الله، معترف بالقيامة، بالجزاء، بالحساب، بالجنة والنار يعرف كل هذه الحقائق، ولكنه لم يستفد من معرفته تلك في زكاء نفسه، هو تورط بشكلٍ خطيرٍ جداً في التمحور حول ذاته ونمت في نفسه الأنانية والغرور والعجب، فتولد عن ذلك الكبر والعياذ بالله، حالة خطيرة جداً.
22.البعض يقولون أنه: في النفخة الأولى يوم الوقت المعلوم، البعض يتصورون أنه ما قبل ذلك، والله أعلم متى هو بالتحديد، هل في النفخة الأولى، أم قبل ذلك؟! لكن تفيد الآية المباركة: {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}، أنه سيبقى على قيد الحياة دون أن يفاجئه أو يعاجله الموت ما قبل، أو العقوبة المهلكة إلى مرحلة متأخرة من حياة البشرية.
23.{رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} أنَّه يحمَّل الله مسؤولية وقوعه في الغواية، هو أوقع نفسه في الغواية، بذنبه، بعقدته، التي هي عقدة الكبر
24.لكنه يريد أن يحمِّل الله المسؤولية في ذلك؛ احتجاجاً عليه لماذا أمره بالسجود لآدم، وكأنها مهمة مستحيلة، لن يطيق تنفيذها، وسيتَّجه الاتجاه الذي هو اتَّجاه المعصية والغواية، والخروج عن طريق الحق، وهذا ذنبٌ آخر مضافاً إلى ذنوبه التي تتابعت، ومعصية كبيرة وفظيعة؛ لأنه هو الذي أوقع نفسه في الغواية
25.أن يصل مخلوق معين من الإنس أو الجن إلى درجة أن يحقد على الله، وأن يحقد على البشر أيضاً! فهو يؤكِّد ويقسم قسماً بأنه سيتَّجه للإغواء، العمل الأساس الذي سيتَّجه له في كل الفترة التي يُنظِرُه الله فيها، ويمهله فيها، أنَّه سيتَّجه للإغواء، لإخراج الناس عن طريق الحق، عن صراط الله المستقيم
26.طريقة للانتقام، أصبحت عنده عقدة الانتقام، مع أنه لا ذنب لآدم فيما وقع فيه، ولا لبني آدم فيما وقع فيه إبليس، الذنب ذنبه هو، فهو اتَّجه هذا الاتِّجاه، والله كشف خطته للناس، التي سيعمل على أساسها، وماذا سيركز عليه في عدائه الشديد جداً
27.هذا عداء فوق ما نتخيل؛ لأنه يريد أن يبقى في حالة انتقام، وحالة استهداف لبني آدم بالإغواء جيلاً بعد جيل، وأمةً بعد أمة، وفي كل قطرٍ وبلد، يريد أن يستهدفهم استهدافاً شاملاً، {أَجْمَعِينَ}، فتوجهه بالاستهداف هو استهداف شامل لبني آدم.
28.يعتمد إبليس – مثل ما كشف الله للناس- أساليب الإغواء والتزيين، {لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}
29.التزيين الذي يحاول من خلاله أن يجرَّهم إلى المعاصي، فهو يزيِّن لهم سواءً فيما يتعلق بالأرض، أو في واقع الحياة، حياتهم المرتبطة بما أنعم الله به عليهم من النعم
30.الله سبحانه وتعالى أنعم على البشر نعماً عظيمة، ونعماً واسعة، فإبليس سيزين لهم سوء الاستخدام لنعم الله سبحانه وتعالى، وسوء التصرف فيها
31.نعم الله علينا بدءاً في أنفسنا، ما وهبنا من طاقات، من قدرات، من حواس، من أعضاء، من جوارح، ثم ما منَّ به علينا في هذه الأرض، فالشيطان سيعمل على أن يدفع بالإنسان لسوء التصرف، وسوء الاستخدام لنعم الله سبحانه وتعالى
32.{لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} سيبحث عن كل ما يمكن أن يؤثِّر به على الناس بحسب اختلاف المؤثرات عليهم، واختلاف رغباتهم، واختلاف طموحاتهم
33.البعض من الناس قد يكون التأثير عليه عن طريق الشهوات المادية، متعلقة بالطعام، بالشراب، البعض الشهوة الجنسية، البعض من الناس الطموحات في المناصب، والأمر، والنهي، والسمعة، البعض من… وهكذا
34.البعض من الناس الشهرة، ولو بشيءٍ آخر: الشهرة بالعبادة، الشهرة بكمالات معينة، يسعى الإنسان إلى أن يحصل عليها عند الناس بأي وسيلة، بأي طريقة، حتى بما فيه معصية الله سبحانه وتعالى
35.حالات الغضب والانفعال، وهي مدخل آخر، ويتولَّد عنها أحقاد، وتتولَّد عنها معاصٍ كثيرة، مظالم وأشياء كثيرة جداً
36.فيما يتعلق بأمر الله سبحانه وتعالى، والتقصير في أوامر الله، أو العصيان لله فيما أمرنا به، في مسؤولياتنا في هذه الحياة، وتجاه أوامر الله
37.إبليس يشتغل في مسألة الأمر والنهي الإلهي، ويستخدم أسلوب التزيين، الذي يحاول أن يغري به، وأن يجذب من خلاله، وأن يستدرج الإنسان بواسطته إلى المعصية، وإلى المخالفة: إمَّا لأمرٍ من أوامر الله، أو نهيٍ من نواه الله سبحانه وتعالى
38.بالرغم من حقده على الجميع، وسعيه لاستهدافهم بكلهم، والإيقاع بهم في الغواية بأجمعهم، من شدة حقده عليهم، يريد أن يغويهم بكلهم، من آدم إلى آخر كائنٍ بشري، ولكنه يدرك أنَّ ذلك ليس بممكن، وأنه لا يستطيع أن يحقق لنفسه تلك الرغبة الشيطانية
39.ولذلك استثنى هو فقال: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}، فهو يدرك أنه لا قدرة له عليهم، وعلى التأثير عليهم، وعلى إغوائهم، لماذا؟ هو وصفهم بالمخلَصين.
40.وعباد الله المخلَصين: الذين عبَّدوا أنفسهم لله، وأخلصوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى واتَّجهوا في حياتهم على هذا الأساس: من منطلق العبودية لله وحالة الإخلاص لله حتى يكون الإنسان خالصاً من الشوائب، التي هي ثغرات للشيطان عليه
41.في إطار البرنامج الإيماني، التربية الإيمانية، يتربى الإنسان فيها على التخلُّص من الشوائب الخبيثة، التي يستغلها الشيطان في التأثير على الإنسان، فهناك شوائب خطيرة جداً تتفرَّع عنها المعاصي
42.مثل ما هو الحال مثلاً بالنسبة للكبر، إذا وُجِدَت في الإنسان؛ يتفرَّع عنها الكثير من المعاصي
43.مثل ما هو الحال بالنسبة للطمع، الطمع حالة خطيرة جداً، ، إذا وُجِدَت في الإنسان، وتحكمت بالإنسان، ونمت في الإنسان، وتجذرت في الإنسان؛ كانت ثغرةً خطيرةً للتأثير عليه… وهكذا الحالات التي يتجاوز الإنسان فيها توازنه ورشده
44.الله سبحانه وتعالى بيَّن أنه سيرسم لعباده الصراط المستقيم، الذي فيه نجاتهم، وفلاحهم، وفوزهم، ويمكِّنهم من السير في هذا الصراط، بحيث لا يتمكَّن الشيطان من منعهم من أن يسيروا في ذلك الصراط
45.لكن تكون المشكلة عند الإنسان نفسه: إذا اتَّبع الشيطان، إذا قام هو ابتداءً باتِّباع الشيطان، واستجاب له
46.الشيطان فقط يوسوس، فإذا كان الإنسان هو بعد وسوسة الشيطان بادر للاستجابة للشيطان، واتَّبعه، وأطاعه، وهو في هذه الحالة يزداد تأثير الشيطان عليه، كلما أطاع الشيطان أكثر؛ كلما ازداد تأثير الشيطان عليه أكثر، فنفسه تخبث
47.كلما خبثت نفسية الإنسان؛ ازداد ميلاً واتجاهاً مع الشيطان، وقرباً من الشيطان، الشيطان هو خبيث، ورجس، ونجس، خبثت نفسه، خبثت إلى درجة رهيبة جداً
48.{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، الشيطان لا يملك السلطة، ولا التأثير لإجبار الناس على السير في طريقه، في طريق الغواية، وصدهم عن الصراط المستقيم، لا يتمكَّن من منع أي أحد من السير في الصراط المستقيم.
49.{إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}، فهو يمتلك التأثير فيهم، نتيجةً لمعصيتهم لله سبحانه وتعالى، وخبث نفوسهم، وابتعادهم عن رحمة الله، عن هدايته؛ لأنه يزيد من اهتدى هدىً، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}
50.{إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ}، كل الغاوين الذين يخرجون عن طريق الحق، يخرجون عن صراط الله المستقيم، ويتَّجهون مع الشيطان، كلهم موعدهم جهنم، والله غنيٌ عنهم، لا تضره معصية من عصاه
51.{وَإِنَّ جَهَنَّمَ}، جهنم التي هي مستقر العذاب الأبدي، العذاب الرهيب، العقوبة الإلهية الرهيبة جداً، {لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ}؛ لأن أسباب الغواية متنوعة ومختلفة في واقع البشر، والبشر الغاوون أصناف وفئات كثيرة في أسباب غوايتهم، ولكن بكلهم موعدهم هو جهنم والعياذ بالله.
52.{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} فهم سبعة أصناف، أهل نار جهنم يقسَّمون إلى سبعة أصناف، بحسب أنواع معاصيهم، وأسباب غوايتهم، ونوع غوايتهم، ومستوى العذاب هو بحسب ذلك بحسب أعمالهم السيئة، وانحرافهم، ومعاصيهم.
53.النتيجة في الاتِّباع للشيطان، والغواية، الغواية عن طريق الحق، عن صراط الله المستقيم، نتيجتها الخسران
54.والشيطان هو خاسر، ويريد أن يوقع الآخرين معه في الخسارة الرهيبة، يريد أن يوقع البشر معه في تلك الخسارة الرهيبة جداً وأن يكون مصيرهم معه إلى ذلك العذاب الشديد
55.الشيطان يرى أنَّ أهم طريقة هي تلك الطريقة التي يوصلهم بها إلى جهنم والعياذ بالله.
56.نستفيد الدروس المهمة، والعبر المهمة، فيما يتعلق بهذه القصة المباركة، المهمة جداً، والتي أتت في بداية الوجود البشري، ولو استفاد منها البشر؛ لكفتهم الكثير والكثير مما وقعوا فيه من الشقاء والخسران، ولكانت من أهم الدروس التي تساعدهم على الاستقامة في هذه الحياة.
57.الله سبحانه وتعالى كرَّم الإنسان في خلقه، خلقه في أحسن تقويم، بما منحه من طاقات، وقدرات، وقابليات
58.الإنسان هو مخلوق مكرّم، ليس كأي حيوان آخر، وفق ما تقدمه النظرة الغربية
59.النظرة الغربية هي تقدم الإنسان كأي حيوان آخر، وتجعل متطلبات حياته مقتصرة على المأكل، والمشرب، والمسكن، والزواج، مثل بقية الحيوانات فحسب، وتبعده عن دوره، وعن مسؤولياته، وعن مقامه الذي هيَّأه الله له عندما نفخ فيه من روحه
60.هدى الله يقدم للإنسان البرنامج الصحيح، المتكامل، المتوازن، الذي يلبِّي احتياجات الإنسان العائدة إلى جسمه، واحتياجاته العائدة إلى روحه، وينظِّم للإنسان التوازن ما بين احتياجات الروح واحتياجات الجسم، وما يسمو به الإنسان في هذه الحياة
61.يتبين لنا بكل وضوح حاجتنا الضرورية جداً إلى هدى الله إلى تعليماته، وأنَّ الإنسان إذا انفصل عن تعليمات الله سبحانه وتعالى، وتجاهلها، أو تناساها؛ فهو يفتق على نفسه ثغرة للتأثير الشيطاني.
62.مهما كان ذكاء الإنسان، مهما كان فهمه، مهما كان يمتلك من خلفية معرفية وغيرها، إذا لم يرتبط بهدى الله فهو قابل للإغواء والتأثير الشيطاني، على مستوى الفكر والتصور؛ لأن الشيطان يحاول أن يغوي الإنسان في فكره، وتصوره، ونظرته للأشياء
63.كذلك هو يلعب على رغبات الإنسان وانفعالاته، والإسلام وبرنامج الهدى الإلهي هو يزكي النفس البشرية، ويرسِّخ الرشد فيها، والنظرة الصحيحة
64.تأتي التعليمات الحكيمة من الله التي إن تمسك بها الإنسان فهي تحميه حتى من أن يتأثر بأي تصور خاطئ؛ لأنه لا يفتح مجالاً أصلاً لأن يكون لديه تصورات مختلفة عن هدى الله عن تعليمات الله سبحانه وتعالى
65.يؤمن بتعليمات الله أنها هي القيِّمة، هي الحكيمة، التي فيها رشده، وفلاحه، ونجاته، فلا يفتح مجالاً لأن يكون لديه تصورات أخرى، أفكاراً أخرى، ولا يفتح المجال أيضاً لأن يضرب الشيطان توازنه فيما يتعلق بغرائزه، ودوافعه، وانفعالاته
66.بل من خلال هدى الله يكتسب زكاء النفس، الذي يرشِّد، وينظِّم، ويوازن غرائزه وانفعالاته، ويضبطها من خلال هدى الله سبحانه وتعالى وتعليماته، فيغلق بذلك الثغرة التي يستغلها عليه الشيطان لإغوائه والعياذ بالله.