ناشطون يفكرون ويهتمون بإرضاء أصحاب السعادة السفراء والموظفين في السفارات ولو كان على حساب وطنهم وأهلهم. والتاريخُ يعلِّمُنا أن الثوراتِ والتحولاتِ الكُبرى في تاريخ الشعوب ليست رحلاتٍ سياحيةً يختارُ السياحُ للقيام بها الوجهةَ والوسيلة والرفقاء وَفْــقاً لأذواقهم، فالناسُ يصنعون تاريخَهم على أَسَاس ما يعيشونه من واقع وما يرثونه من ظروف وإمْكَانيات وأفكار وتقاليد.
ولتذكير الثوار ((الأنيقين)) و(الكاجوال) نقول: إن ثورة 25 يناير في مصر كانت في مُنتهى البهاء والروعة من حَيْــثُ مظهر الثوار وإبداعاتهم الفنية وباقات الورود التي تسلحوا بها، ولكنها ونتيجة للسذاجة وللركون بل والاستسلام للدول الداعمة آلت إلى ما آلت إليه الآن، إلى سلطة ديكتاتورية مفردة ورثت كُـلَّ مساوئ مبارك وزادتها سوءاً، وتخلت عن بعض ما كان لدى مصر في زمنه من كبرياء مكّنتها من التعامل بندية مع ممالك النفط. أما وائل غنيم أيقونة الثورة فاسألوا أين هو اليوم وكيف أحواله أيها الثوار المسلحون بالآيسكريم وبباقات الورود، وبتلويحات من هذا السفير أَو ذاك، فليس بهذه الصورة تغيّر الشعوبُ شروطَ وجودها.
والشعبُ اليمني أراد أن يأتيَ إلى فجره بالطريقة التي وصفها البردوني قائلاً:
((الشعب يأتي لاهثاً صابراً ممتطياً أوجاعه النازفه
يأتي كما تأتي سيول الربى نقيةً خلّاقةً جارفه
يُبَرْعِمُ الشوق الحصى تحته والشمس في أجفانه هاتفه
وتهجس الأعشاب في خطوه هجسَ المجاني لليد القاطفه)).