معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد : حرب الولايات المتحدة على اليمن – مصلحة أوروبا تعني مخاطر على واشنطن
تحت عنوان “” حرب الولايات المتحدة مع الحوثيين – مكاسب ومخاطر على أوروبا وروسيا” نشرت السياسية الروسية
وعضو البرلمان الاتحادي ومديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد تحليلاً تناولت فيه التداعيات المحتملة للحرب الأمريكية على اليمن وانعكاساتها على أوروبا وروسيا، مشيراً إلى أن الضربات الأمريكية ضد أنصار الله
ونقل المقال عن نائب الرئيس الأمريكي تأكيده أن أوروبا ستستفيد بشكل غير متناسب من الهجمات على اليمن، مما يثير تساؤلات حول الفوائد التي قد تعود على القارة الأوروبية، وانعكاسات ذلك على العلاقات الدولية، خاصة مع روسيا. وأشار التحليل إلى أن أنصار الله يمثلون حلفاء لإيران، التي تربطها مصالح مشتركة مع أوروبا وروسيا والصين في إطار الصراع العالمي لإعادة توازن القوى، مما يجعل الضربات الأمريكية تؤثر بشكل غير مباشر على هذه الأطراف.
وأبرز المقال أن الفائدة الرئيسية لأوروبا تكمن في استقرار حركة الملاحة عبر قناة السويس، مما سيخفض تكاليف التجارة البحرية، خاصة في مجال الطاقة، كما أن بريطانيا ستستفيد بشكل كبير نظراً لاعتماد الشحن العالمي على شركات التأمين والبنوك البريطانية. ومع ذلك، حذر المقال من أن استفادة أوروبا قد تعزز استقلاليتها عن الولايات المتحدة، مما قد يزيد من توتر العلاقات عبر الأطلسي.
وفي المقابل، توقع المقال أن يؤدي التصعيد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط إلى مخاطر على أوروبا، أبرزها تفاقم أزمة الهجرة وزيادة النفقات العسكرية، مما قد يضع القارة في مواجهة حرب على جبهتين: واحدة ضد روسيا لحماية المصالح الأمريكية، وأخرى في الشرق الأوسط لضمان أمنها الخاص.
أما بالنسبة لروسيا، فقد رأى المقال أن الصراع المتوسط الشدة في اليمن قد يوفر لها فرصاً دبلوماسية، خاصة في ملف أوكرانيا، حيث يمكن لموسكو استخدام التطورات في الشرق الأوسط كورقة ضغط لتعزيز موقفها التفاوضي.
وخلص المقال إلى استنتاجين رئيسيين: الأول أن المكاسب الأوروبية تشكل تحدياً لواشنطن، حيث توجد مصالح تكتيكية مشتركة بين أوروبا وروسيا. والثاني أن عدم تحقيق السلام في أوكرانيا بحلول الصيف قد يضعف موقف ترامب، مما قد يدفع الولايات المتحدة إلى تجنب حرب شاملة في الشرق الأوسط. كما حذر من أن أي تردد من ترامب في الضغط على أوروبا قد يكون له عواقب كبيرة على المصالح الأمريكية.
حرب الولايات المتحدة مع الحوثيين – مكاسب ومخاطر على أوروبا وروسيا
يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد
2 أبريل 2025
تواصل الولايات المتحدة ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن وفقًا لتصريحات ترامب. في هذا السياق، تثير مقالة نشرتها “ذا أتلانتيك”، لسان حال الليبراليين العولميين، في 20 مارس اهتمامًا خاصًا. فقد ذكرت المقالة أن نائب الرئيس فانس صرح في دردشة على تطبيق “سيغنال”، حيث نُوقشت الضربات على اليمن، قائلًا: “ستحصل أوروبا على فائدة غير متناسبة من الهجوم الأمريكي على الحوثيين”. لذلك، من المهم أن نتساءل: ما هي هذه الفوائد المحتملة لأوروبا؟ وما أهميتها لروسيا؟
▪️ من الضروري فهم أن الضربات ضد الحوثيين مهمة للولايات المتحدة بحد ذاتها، كما أنها جزء من مواجهتها مع إيران ضمن صورة معقدة من تصادم المصالح بين الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وبريطانيا في الشرق الأوسط. الحوثيون يمثلون وكلاء لإيران، التي تتقاطع مصالحها مع أوروبا وروسيا والصين في النضال من أجل نظام عالمي جديد. وبالتالي، فإن الضربات الأمريكية ضد الحوثيين تضر بشكل غير مباشر بكل هذه الأطراف، لكنها في الوقت نفسه تنطوي على مخاطر على الولايات المتحدة نفسها وتخلق فرصا لمنافسيها.
يمكن اعتبار الفائدة الرسمية لأوروبا من الضربات الأمريكية على الحوثيين هي ضمان استقرار الملاحة البحرية عبر قناة السويس. بينما تنغمس الولايات المتحدة في عمليات عسكرية تبقى أوروبا بمنأى عنها، لكنها ستستفيد في الوقت نفسه من انخفاض تكاليف التجارة البحرية، خاصة بالنسبة للطاقة. أي أن الولايات المتحدة ستقوم بالمهمة الصعبة لصالح أوروبا، وفانس يدرك ذلك. علاوة على ذلك، نظرًا لأن الملاحة العالمية تعتمد على شركة لويدز للتأمين والمصرفيين المرتبطين بها، يتبين أن بريطانيا ستكون أكبر المستفيدين.
إذا نجحت الولايات المتحدة في استقرار الملاحة البحرية عبر قمع الحوثيين، فسيؤدي ذلك إلى خفض أسعار الطاقة لأوروبا، التي تتجه حاليًا نحو تصعيد الخلاف مع إدارة ترامب مع احتمال تفاقمه. تُعد أوروبا المشتري الرئيسي للنفط الإيراني، مما يعني أن الضربات على الحوثيين لن تزيد فقط من تكاليف الولايات المتحدة، بل ستخلق أيضًا فرصًا لأعدائها. في حين أن خطط البيت الأبيض معاكسة تمامًا: يجب أن تصبح الطاقة أكثر تكلفة لأوروبا، بينما تصبح اقتصادها وسياستها أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة.
▪️ إن انخراط الولايات المتحدة في حرب في البحر الأحمر سيعزز موقف أوروبا فيما يتعلق بإقامة علاقات مستقلة مع الصين وروسيا، حتى لو بدا ذلك اليوم مفارقة. لأن ذلك سيعزز استقلالية أوروبا، وسيرفعها إلى مستوى غير مقبول للولايات المتحدة – مع اتجاه نحو ترسيخ هذه العملية. وفانس محق عندما يتحدث عن هذا التهديد.
في المقابل، قد تواجه أوروبا خطر تفاقم أزمة الهجرة. وإذا علقت الولايات المتحدة في حرب مع الحوثيين وعمومًا في الشرق الأوسط، وجرّت حلف الناتو إلى ذلك، فسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة النفقات العسكرية. وستجد أوروبا نفسها في النهاية في صراع بين استراتيجيات الحرب على جبهتين: مع روسيا ضد مصالح الولايات المتحدة، وفي الشرق الأوسط لصالح مصالحها. أي أن أوروبا لا تستفيد لا من “حرب خاطفة” أمريكية في الشرق الأوسط ولا من “أفغانستان ثانية”. في كلتا الحالتين، سيتضرر اقتصاد أوروبا.
ما الذي يمكن قوله عن الفوائد والمخاطر على روسيا في هذا السيناريو؟ على الأرجح، ستناسبنا حرب متوسطة الشدة لا تؤدي إلى تغييرات استراتيجية في موقف الولايات المتحدة وأوروبا وإيران. في هذه الحالة، ستزداد فرص روسيا في المفاوضات حول أوكرانيا، وهو ما يمكن أن تستغله دبلوماسيتنا كرافعة إضافية تعتمد على “حقائق الأرض” – في هذه الحالة، في الشرق الأوسط.
▪️ يمكن استخلاص النتائج التالية:
1. مصلحة أوروبا تعني مخاطر على واشنطن، وهنا توجد مصلحة تكتيكية مشتركة بينها وبين موسكو.
2. في حال لم يتم التوصل إلى سلام في أوكرانيا قبل بداية الصيف، فإن موقف ترامب سيضعف. وبالتالي، من المرجح أن تمتنع الولايات المتحدة، رغم ضغوطها على إيران، عن خوض حرب شاملة في الشرق الأوسط.
3. إذا امتنع ترامب أيضًا عن ممارسة ضغوط قوية على أوروبا، فسيكون ذلك أكبر أخطائه. محاولة تجنب الصراع مع لندن قد تكلف الرئيس الأمريكي ثمناً باهظًا.