معركة مختلفة
معركة مختلفة
سند الصيادي
حزب الله لا يتعافى فقط بل يستعيد زمام المبادرة، وَالكيان الصهيوني يتكبد الأثمان الباهظة والمؤلمة، سواء من خلال توسع مسافات المسيَّرات والصواريخ ونوعياتها، وَالنتائج في الخسائر البشرية والمادية التي يحصيها الكيان، أَو من خلال التكريس المتصاعد لمعادلة التهجير وفقدان قطعان المستوطنين ما تبقى من أمن أَو حلم بالعودة في ظل هذه المعطيات.
المعارك في بُعدها الميداني باتت مضبوطة من قبل حزب الله برتم حرب استنزاف متدرّجة مدروسة، وَفي بُعدها التحليلي تهشيم للصورة النمطية التي أراد مراكمتها جيش الاحتلال كثقافة لاستقطاب المزيد من القطعان خلال عقود طويلة من الاحتلال، ووفق الآية الكريمة “فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ” فَــإنَّ النزوح وويلات الحرب لم تعد حصراً على الفلسطيني واللبناني -مع فارق الرجاء الإلهي وَالأحقية في البقاء- إلا أن الألم بات تشاركيًّا إلى حَــدٍّ كبير، يرافقه مسار النزف في عديد وعتاد الاحتلال في المواجهة البرية، ومعها يزداد نجاح المقاومة الإسلامية في لبنان في تجريعها الإسرائيلي من الكأس المُرّة ذاتها، وَبإمْكَانها توسيع دائرة المستوطنات المخلاة، طالما استمرت الحرب، وأبعد من ذلك ستشكل تهديداً كَبيراً على “إسرائيل” كوجود طارئ يعجل باجتثاثه من المنطقة.
والشاهد أننا نواجه كياناً وظيفياً وليس دولة، وَمُجَـرّد فرع أَو جزء لا يتجزأ من أصله -القوى الاستعمارية الغربية- التي انجرَّت إلى هذا الصراع لحظة شعورها بالخطر المحدق الذي ينتظر مولودها غير الشرعي في المنطقة، على هذا المفهوم نشأت الثقافة القرآنية في اليمن، ونجحت في توصيف الصراع منذ مطلع الألفية الجديدة، واليوم ها هي اليمن تمسك بأحد خيوط المشنقة المرتقبة للفرع وَأصوله وتحكم قبضتها على الخناق البحري، وقد عطلت ميناء “إيلات” وَساهمت في تدهور الاقتصاد الإسرائيلي، وهزمت الهيمنة الأمريكية في البحار والمحيطات، ولا تزال تبحث في توجيه المزيد من الضربات المؤلمة لـ “إسرائيل”.. لدرجة أن وصف مركز غربي ما تفعله اليمن “تحدياً كَبيراً لـ “إسرائيل” والقوى الغربية، بعد أن نجحت قواتها في فرض إرادتها على الساحة الدولية”، وما لم تأخذ دوائر القرار في الغرب نصائح هذا المركز الداعية إلى الضغط على “إسرائيل” لإنهاء الصراع في غزة، كشرط لتخفيف التهديد الذي تشكِّلُه صنعاء على الملاحة الدولية، فَــإنَّ المعركة مُستمرّة، وهي معركة مختلفة بمفاعيلها البشرية والمنهجية والمادية، لا يمكن أن تقارِنَ بمسارات الصراع السابقة مع ذات العدوّ.