معركة “طوفان الأقصى” تُسقط كل الأقنعة المزيفة تجاه فلسطين على كل الأصعدة
مع تواصل معركة “طوفان الأقصى” البطولية التي قصمت ظهر العدو الصهيوني الغاصب لليوم الـ24 على التوالي.. سقطت معظم الأقنعة المتوارية تحت عناوين مزيفة، وانكشف المستور وانزاحت القشرة الرقيقة التي حاول العدو الصهيوني وأمريكا ودول الغرب وعواصم عربية وإقليمية التغطي بها، لتظهر من تحتها أبشع صور العجز والتواطؤ والخذلان.
فما يحدث في غزة ولا يزال حتى اليوم حدث يفوق الخيال على كل الأصعدة، فكيف لغزة المحاصرة أن تتحول منذ سنوات قليلة إلى قوة عسكرية ضاربة تسيطر المقاومة فيها على ضعف مساحتها وتستعيد مستوطنات اغتصبها المحتل.
أقنعة كثيرة سقطت ولا تزال بقية الأقنعة تسقط تباعاً فقد سقط قناع “التضامن العربي والإسلامي” وقناع “نصرة الأقصى”، كما سقط قناع “الشارع العربي” وقناع “الالتزام العربي” وقناع “وحدة المصير” وقناع “حقوق الإنسان” وقناع “التطبيع العربي” وقناع “المدافعين عن القضية الفلسطينية”.. وغيرها من الأقنعة التي ضلت عقودا من الزمن تتوه الشعوب المستضعفة.
وعلى الرغم من سقوط كل هذه الأقنعة التي سقطت فستبقى “أسطورة الجيش الذي لا يُهزم” أو “لا يُقهر” هي أكبر الأقنعة التي تهاوت وسقطت في ساحق عميق خلال ساعات أمام إرادة تحرير فلسطين كل فلسطين من الغزاة والمحتلين.
ولعل قناع حقوق الإنسان هو أول الأقنعة الساقطة، خصوصاً في دول الغرب التي تتغنى بحقوق الإنسان ليل نهار؛ فقد خرجت كل الأجهزة الرسمية للغرب الكافر لتعلن عن دعمها الكامل وغير المشروط لجيش العدو الصهيوني المتهالك وسط مزايدات وقحة في الشماتة والعنصرية.
فإذا كان وزير الحرب الصهيوني قد اعتبر أن الفلسطينيين “حيوانات وأنه سيعاملهم حسب هذا المبدأ”، فإن كل مسؤولي وساسة الغرب وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي “جو بايدن” ورئيسة المفوضية الأوروبية “فون ديرلاين” قد صنفا الحرب بأنها “حرب ضد الإرهابيين في غزة”.
والحقيقة تؤكد أن سقوط هذا القناع ليس مرتبطا بما يحدث في غزة اليوم فقط، بل هو مرتبط بكل الجرائم التي ارتكبها الغرب في بلاد العرب والمسلمين في اليمن والعراق وسوريا وأفغانستان ولبنان وكل الدول التي احتلتها دول الغرب عبر القرون الأخيرة.
أما قناع “التضامن العربي” و”الشارع العربي” و”الالتزام العربي” و”وحدة المصير” و”التطبيع العربي”، وكل ما له علاقة بالعرب، فقد سقطت في الوقت الذي تشحن فيه دول الغرب الأسلحة والجنود والأموال لنصرة جيش العدو الصهيوني المحتل، حيث اكتفت الدول العربية ببيانات وخطابات تدعو إلى التهدئة والمساواة بين الجلاد والضحية باستثناءات قليلة جداً.
ويُعد معبر رفح الذي يفصل قطاع غزة عن مصر أكبر مثال على ذلك السقوط، فقد عادت شاحنات المساعدات أدراجها بعد أن هدد الكيان المحتل بقصفها، بل وقام بقصف المعبر أكثر من مرة دون ردة فعل مصرية تذكر ولو حتى بالتنديد الكاذب، بل أبعد من ذلك وصلت الصواريخ إلى العمق المصري ولم تحرك الشقيقة مصر أي ساكن.
كما أن هناك دول تدعي العروبة والإسلام مثل الإمارات والبحرين “نددت بالتصعيد الفلسطيني الذي قادته مجموعات إرهابية ضد المدنيين في (إسرائيل)” حسب بياناتها.. أما جامعة الدول العربية فاكتفت بتصريحات هزيلة كعادتها ولم تستطع حتى رفع رأسها بقول كلمة الحق ومناصرة الحق.
وعلى جراح غزة وقبل انطلاق فعاليات موسم الرياض بأيام، دعا الكثيرون السعودية إلى تأجيل حفلها، تضامنا لما يمر به قطاع غزة من قصف صهيوني يومي مكثف، وكذلك دعمًا معنويًا من المملكة لأهالي القطاع لما تمثله من ثقل عربي، ولكن الأمر تم بكل الأحوال ولم تستجب السعودية وهيئة ترفيهها لهذا المطالبات.
بل ذهبت معظم دول الخليج العربي وبكل وقاحة إلى مهاجمة المحتويات الفلسطينية وتشويه نضال الشعب الفلسطيني واتهامه بالإرهاب بشكل لم يحدث من قبل، مما اضطر بعض المغردون إطلاق مصطلح “الصهاينة العرب” عليها.
والأبرز من ذلك هو الصمت العربي المطبق الذي ضرب كل المشاهير والوجوه العربية المعروفة على الساحات الرياضية والفنية والفكرية وغيرها باستثناءات قليلة هنا وهناك.
أما الشعوب العربية فتقف عاجزة عن الحركة بعد أن فعل الاستبداد بها فعلته، فجزء كبير منها لا يهمه غير توفير ضروريات الحياة له ولعائلته وسط بحيرات الفساد التي تسبح فيها المنطقة العربية.
الجدير ذكره أنه كما سقطت الرهانات وسقطت الأقنعة، فإن معركة “طوفان الأقصى” أعادت القضية الفلسطينية الآن إلى الواجهة، بل وأعادت لها هيبتها، والمطلوب حالياً ليست التسوية مع كيان العدو الصهيوني المُحتل وإنما إزالة هذا الكيان المُحتل عن أرض فلسطين ووقف مشاريع استيطانه، وعلى القوى الإسلامية مناصرة الشعب الفلسطيني حتى أخذ حقوقه كاملة غير منقوصة.