معركة اليمن المساندة لفلسطين في مراكز الأبحاث الدولية ووسائل الإعلام الغربية
-الخبير بالشؤون الأمنية “ألكسندر لانغلوا”:
بدل الاستمرار في السياسات الإقليمية الفاشلة، يجب على الولايات المتحدة النظر في الإجراء الوحيد الواضح الذي سينهي ضربات الحوثيين على الشحن الدولي بوقف دائم لإطلاق النار.
-نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول
سبب عزوف العديد من الشركات الغربية المالكة للسفن التجارية عن المرور في البحر الأحمر، إلى الضربات العسكرية التي أمر بايدن بشنّها ضد الحوثيين في اليمن
” عالم الأنثروبولوجيا ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية”فرانك ميرمييه:
دخول اليمنيين المدوي في الساحة عزز شرعيتهم ونفوذهم الاقليمي
–“مايكل بيك عدّد ثلاثًا من المزايا اليمنية في هذه المواجهة، تساعد في تضخيم القدرات اليمنية وتجعل من الصعب على الغرب كبح جماحها
أولها الموقع الجغرافي المشرف على باب المندب
، وثانيًا ميزة تكنولوجية الطابع، ويقصد بها الأسلحة الحديثة المضادة للسفن. فهي بحسب وصفه بسيطة الاستخدام
. والميزة الثالثة: وهي سياسية، تتمثل بالإعلان عن مهاجمة السفن الإسرائيلية فقط من منطلق التضامن مع قطاع غزة-
منذ بداية الإسناد اليمني لغزة، في معركة طوفان الأقصى، والإعلان عن المشاركة الرسمية في الحرب باستهداف أهداف حيوية في فلسطين المحتلة ومنع مرور السفن الإسرائيلية إلى الموانئ الصهيونية فيها، حظيت المشاركة اليمنية باهتمام كبير في المراكز البحثية والصحافة الغربية، تحليلًا وتفسيرًا ومناقشةً لأساليبها ونتائجها وتداعياتها المحتملة، وتكاد تُجمع على نجاعة العمل اليمني في إسناد غزة وفاعليته، وأيضا على فشل الخيارات الأمريكية، واستحالة تحقيق أي ردع أو تغيير في التوجّه اليمني، وأنّ الحل هو بوقف العدوان على غزة، وليس أي شيء آخر.
في موقع صحيفة “بيزنس إنسايدر”؛ جاء مقال للكاتب المختص بالشؤون الدفاعية “مايكل بيك”، قال فيه:
“الولايات المتحدة اكتشفت أنّ هناك قليلًا من الخيارات الجيدة التي يمكن استخدامها لوقف هجمات جماعة أنصار الله على سفن الشحن التجارية في عرض البحر الأحمر”. وأضاف الكاتب: “مع استمرار الحوثيين في عرقلة خطوط الملاحة البحرية وسلاسل الإمداد بإطلاقهم الصواريخ على سفن النقل البحري، لا يبدو أن الضربات المتكررة التي تشنها القوات الأميركية والبريطانية ضد مواقع الجماعة في اليمن قادرة على ردعهم”.
الخبير بالشؤون الأمنية “ألكسندر لانغلوا” من ناحيته، أيضا، رأى في مقال نشرته مجلة “ذا نيشن”،
أنه في الوقت الذي تستمر فيه الضربات اليمنية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفريق بايدن يأمل أن تردعهم خطوته عن مواصلة هذه الهجمات، إلا أن الكاتب قرر أن بايدن سيفشل في وقف تلك الهجمات، إذ يتسلق كلا الفاعلين سلمًا تصعيديًا يخاطر بحرب إقليمية أوسع.. بحسب تعبيره. ويرى “لانغلوا” أنه بدل الاستمرار في السياسات الإقليمية الفاشلة، يجب على الولايات المتحدة النظر في الإجراء الوحيد الواضح الذي سينهي ضربات الحوثيين على الشحن الدولي بوقف دائم لإطلاق النار.
“مايكل بيك”، عدّد ثلاثًا من المزايا اليمنية في هذه المواجهة، تساعد في تضخيم القدرات اليمنية وتجعل من الصعب على الغرب كبح جماحها، أولها الموقع الجغرافي المشرف على باب المندب، وثانيًا ميزة تكنولوجية الطابع، ويقصد بها الأسلحة الحديثة المضادة للسفن. فهي بحسب وصفه بسيطة الاستخدام. والميزة الثالثة: وهي سياسية، تتمثل بالإعلان عن مهاجمة السفن الإسرائيلية فقط من منطلق التضامن مع قطاع غزة، والذي حاول الكاتب نفيه في المقال.
وفي مقال نشرته مجلة “تايم”؛ قال “تريتا بارسي” نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، أعاد بارسي سبب عزوف العديد من الشركات الغربية المالكة للسفن التجارية عن المرور في البحر الأحمر، إلى الضربات العسكرية التي أمر بايدن بشنّها ضد الحوثيين في اليمن، ربما بلا رجعة حتى تنتهي الحرب. بحسب تعبيره. وأشار بارسي إلى أن تلك الضربات لم تحقق هدفها، ويعزا ذلك لسبب بسيط هو أن مجرد محاولة عرقلة السفن التجارية تكفي لإطالة أمد حصارها الفعلي للبحر الأحمر، وليس من الضروري، برأيه، أن تنجح في ضرب مزيد من السفن التجارية، والمسار الذي قال الكاتب إنه سيحل المشكلة هو وقف إطلاق النار في غزة.
في سويسرا نقلت صحيفة “لوتان” عن “فرانك ميرمييه” عالم الأنثروبولوجيا والمتخصص في اليمن ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، أن الإسناد اليمني: “المدوي على الساحة، جاء في سياق دعم القضية الفلسطينية، وهو ما جعل عملهم يحظى بدعم واسع في اليمن حتى خارج مناطق سيطرتهم، وبالتقدير في العالم العربي الذي يدعم الفلسطينيين، وهو ما قد يعطيهم قدرًا من النفوذ الإقليمي، خاصة أن مشاركتهم كانت فعالة إلى حد ما، حيث أثرت على إمدادات الموانئ الإسرائيلية بشكل مباشر”. واكد ميرمييه أن التحالف الأميركي يواجه معضلة كبيرة؛ لأن تدخله عسكريًا قد يؤدي إلى تسريع انعدام الأمن في البحر الأحمر وبالتالي تفاقم المشكلة.
“جيروزاليم بوست” التي نشرت تحليلًا تحت عنوان: “إغراق الحوثيين سفينة روبيمار قبالة سواحل اليمن يمثل ضربة للغرب”؛ قالت إنه يجب التفكير بشكل أكبر في ما يجب فعله عندما تتعرض السفن للقصف بالصواريخ. إن ترك السفن تغرق ببطء ليس حلًا جيدًا. وأعربت الصحيفة عن قلقها من نشوء نظام عالمي جديد، مؤكدة أن الدول التي تعارض الولايات المتحدة مثل روسيا والصين، لا تمانع في رؤية بضع سفن تغرق إذا كان الهدف الرئيسي هو الإطاحة بعقود من قوة الولايات المتحدة وهيمنتها.
“توم شارب”، وهو الضابط في البحرية البريطانية، كتب مقالًا في “التلغراف” يصرخ فيه من التعثر الأمريكي البريطاني الأوربي في حماية السفن.. ما كتبه يعكس حجم الوجع الذي يتجرعه الأعداء في جبهات البحر، إذ قال “شارب”: في هذه الأثناء، تواجه حرية الملاحة في نقطة اختناق عالمية رئيسة تحديًا من قوة مسلحة بشكل فعال ، وحتى الآن، استعصى إصلاح الوضع على قوات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”. وأضاف: “هناك شيء واحد مؤكد، وهو أننا الآن عالقون في معركة تستنزف الموارد وتحقق الكثير من الأهداف النهائية لخصومنا.. بينما نبقي السفن الحربية والسفن التجارية في طريق الأذى”.
وفي حين كان لمعهد واشنطن عدد من الدراسات والتحليلات والتوصيات التحريضية على اليمن، إلا أن الدكتور “مايكل نايتس” المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في المنطقة، قال في واحد منها إن حرب غزة أظهرت: “أن الولايات المتحدة ليس لديها جواب مفيد حول كيفية ردع الحوثيين، وهو وضع لا يمكن أن يكون مستدامًا بالنسبة إلى قوة عظمى تفتخر بكونها ضامنة للممرات البحرية العالمية. وفي الحرب الحالية، لم يُردع الحوثيون عسكريًا من إسرائيل أو الولايات المتحدة عن القيام بعمليات مزعزعة للاستقرار، فلدى الحوثيين قدرة عالية على التحمّل بعد عقود من الحرب”؛ بحسب تعبيره.
وعقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع “سايمون هندرسون” و”مايكل نايتس” و”نعوم ريدان”، تحت عنوان: “مواجهة تهديد الحوثيين للشحن البحري: التداعيات الإقليمية والسياسة الأمريكية“، قال فيه “نعوم ريدان”: “لقد كشفت هجمات الحوثيين، وما نتج عنها من تحويل في مسارات الشحن، مجموعة من التوترات الجيوسياسية ونقاط الضعف الاستراتيجية”. بينما أشار “مايكل نايتس” إلى أن تداعيات انخراط دول الخليج العربي واستجابة المجتمع الدولي لتهديد الحوثيين: “تعكس مشهدًا دقيقًا للسياسة الإقليمية والاستراتيجيات العسكرية والمعايير الاقتصادية”. مضيفًا: “أن احتمال وقف التصعيد في المنطقة يتوقف على تحولات جيوسياسية أوسع نطاقًا، بما في ذلك نتيجة الحرب في غزة، ما يشير إلى أن الاشتباكات العسكرية الحوثية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمشهد الاستراتيجي الأوسع نطاقًا للمحور”.
أما “سايمون هندرسون”، فقد ركز على رد فعل الحلفاء الإقليميين في الخليج العربي والمجتمع الدولي الأوسع نطاقًا، أو غياب الرد، وأكد أنه يعكس حسابات حذرة للمخاطر والعلاقات الدبلوماسية والعواقب المحتملة للتصعيد الإضافي. وفي مقال آخر، نشره المعهد، أعرب “هندرسون” عن استيائه لأن:” درجة الدعم الدولي لم تكن مشجعة بصورة كافية، حيث غالبًا ما كان هذا الدعم شفهيًا في أحسن الأحوال”.
الفشل الأمريكي في تشكيل تحالف اوسع لمواجهة اليمن وعجزها في منع أو تقييد الضربات اليمنية، كان واضحًا لدرجة دفعت بالمسؤولين الأمريكيين للبحث عن مسوّغات وتفسيرات لذلك الفشل والعجز. وقد نقلت “سي إن إن” عن مسؤول أمريكي قوله: “جماعة أنصار الله الحوثيين يواصلون مفاجأة الولايات المتحدة”، موضحًا أن واشنطن ليس لديها فكرة جيدة عما لديهم من أسلحة، ما يعني أن هناك عجزًا استخباراتيًا ونقصًا في المعلومات. بدورها؛ صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية نقلت عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، قولهم إن “البنتاغون” يواجه انخفاضًا في المعلومات الاستخباراتية بشأن اليمن، وقال المسؤولون الأمريكيون إن واشنطن تعاني “ضعفًا استخباراتيًا” كبيرًا في اليمن، الأمر الذي يعيق محاولاتها لوقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر. المسؤولون أشاروا إلى نقص المعلومات حول “ترسانة الحوثيين العسكرية، وتأثير الضربات الأخيرة على قدراتهم”. كما نقلت “فايننشيال تايمز” عن “تيد سينجر”، وهو مسؤول متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية، إن الحوثيين يميلون إلى تخزين أسلحتهم في تضاريس وعرة للغاية، لكن الحصول على معلومات استخباراتية على الأرض أصبح أكثر صعوبة منذ أن أخلت الولايات المتحدة سفارتها في صنعاء العام 2015.
الختام مع مجلة “ذا أتلانتيك”، والتي ذكرت إنّ قائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي: “قد يكون الشخصية العامة الأكثر شعبية في الشرق الأوسط، منذ أن بدأت القوات المسلحة اليمنية بمهاجمة السفن الإسرائيلية والمتوجهة إلى موانئ الاحتلال، دفاعًا عن غزّة والشعب الفلسطيني”. وأشارت أنّ عمليات اليمن، أحدثت ثغرة في الاقتصاد العالمي، على الرغم من أنّه ما يزال من الصعب تقدير عواقب الهجمات اليمنية، كما أنّ عمليات القوات المسلحة اليمنية جعلت أنصار الله، بحسب المجلة، أبطالًا بالنسبة إلى شباب العرب والمسلمين المؤيدين للقضية الفلسطينية، مؤكدة أنّ العدوان الأميركي البريطاني لم يثنِ القوات المسلحة اليمنية، عن عملياتها.
كل هذه الدراسات والأبحاث والمقالات والمنتديات تعكس التاثير العميق للعمليات اليمنية والمشاركة الناجحة والفعالة في إسناد غزة، ونتائجها التي ظهرت على عدد من المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وهو الأمر الذي يؤكد ضرورة استمرارها حتى تحقيق أهدافها بوقف العدوان على غزة، ورفع الحصار عن أهلها المحاصرين للشهر السادس على التوالي.