مضامين الإنجازات العسكرية الأخيرة لقوات صنعاء في وأد مشاريع التحالف !

فجأة ودون سابق إنذار، تتوغل قوات صنعاء في أربعة مديريات بمحافظة شبوة، وتصل إلى تخوم مركز المحافظة النفطية، أقصى جنوب شرق اليمن، وتحكم قبضتها على مديرية جديدة في محافظة مأرب، ضربات عسكرية مفصلية تدك آخر مسمار في نعش الشرعية والتحالف في البلاد، في محافظتين تعد آخر معاقلهما السياسية والعسكرية والإقتصادية، فإلى أين تعصف المتغيرات الجذرية التي تفرضها صنعاء على واقع التحالف وفصائله، على أعتاب سبعة أعوام من حربه على اليمن ؟!.

نقل قوات صنعاء بوصلة المعركة من وسط البلاد إلى جنوبها الشرقي؛ يحول الحرب إلى مرحلة مغايرة تماما، إذ أن التحرك بإتجاه محافظة شبوة، التي كان يتم التمهيد لها كوطن بديل للشرعية وفصائلها، على رأسهم حزب الإصلاح، ينهي أي آمال لإعادة إنتاج الشرعية مجددا بعد مأرب، والتي توشك على السقوط بيد قوات صنعاء.

الواقع العسكري الجديد الذي فرضته قوات صنعاء على مسرح المعركة في عمق مراكز سيطرة الشرعية والتحالف، يضعهما في حالة من التأرجح الغير المستقرة، بالأخص كون التوغل العسكري الذي تحرزه صنعاء في شبوة، الحدودية مع مأرب؛ يجري بالتوازي مع تقدمها في المحافظة الغنية بالثروات النفطية، ما يعني فرض كماشة عسكرية على المحافظتين.

الأمر الذي يحصر قوات الشرعية والتحالف في دائرة ضيقة للغاية، لا تقبل أية خيارات عسكرية متاحة، حيث يمنح سيطرة صنعاء على مديريات عسيلان والعين، المحيطة بمأرب من جهة الشرق؛ قطع طرق الإمداد الرئيسية للتحالف إلى مأرب، ما يضع قدرة فصائل التحالف للدفاع عن آخر معاقل الشرعية في مأرب، على المحك، وأمر مستحيل؛ بإعتبار شبوة، أحد أهم مخزون عسكري لقوات هادي والإصلاح، لتغذية إستمرار المواجهات في جبهات مأرب.

بجانب ذلك، لا يمكن إغفال الدور البارز الذي تقدمه قبائل محافظة شبوة، لدعم سيطرة قوات صنعاء خلال المعارك الخاطفة غرب وجنوب المحافظة، والتي يبدو أنها لن تتوقف عند حدود المديريات المحاذية لمأرب لقطع التعزيزات عنها، إذ يمنح هذا الدعم القبلي الكبير، القوات في إستكمال السيطرة على كامل المحافظة النفطية.

على أية حال، فإن توغل قوات صنعاء في محافظة شبوة، لن يعجل بحسم معركة مأرب لصالحها وحسب، بل سيقدم بالإضافة إلى شبوة، محافظتين إستراتيجيتين، شرقي اليمن، إلى قبضة صنعاء، وهي حضرموت والمهرة، المهيئتين للسقوط بكل سهولة، لأسباب كثيرة، أبرزها حالة السخط الشعبي ضد الشرعية والتحالف، نظرا للواقع المعيشي والأمني المأساوي، الذي تعيشه تلك المحافظات في ظل غياب حكومة هادي، وممارسات فصائل التحالف المختلفة.

لذلك، يمكن القول إن إنهيار الأوضاع الإقتصادية والأمنية للمواطنيين في عموم مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، جنوبي البلاد، يوفر مناخ مناسب، بدعم اجتماعي شعبي، قد يسرع لسقوط تلك المحافظات بيد صنعاء، وهذا ما تعكسه إستمرار الهتافات التي ينشدها المواطنيين ” الجوعى ” خلال الإحتجاجات الشعبية الغاضبة في حضرموت وعدن وغيرها، والتي تدعو ” الحوثيين ” بشكل علني ودون خوف هذه المرة، للتدخل لإنقاذهم، منها شعارات صريحة تطالب قوات صنعاء بالسيطرة على كافة أنحاء الجمهورية، ” يا حوثي سير سير احنا بعدك للتحرير “، في إشارة واضحة إلى مدى تنامي القاعدة الشعبية لقوات صنعاء في معاقل سيطرة الشرعية والتحالف، في الوقت الذي تحقق فيه إنتصارات كبيرة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية، والإقتصادية أيضا.

بالتالي، تستطيع قوات صنعاء بفرضها هذه المعادلة العسكرية التي ستفضي لعزل المناطق الشرقية لليمن، عن المناطق الجنوبي، بوأد مشروع الأقلمة والتقسيم، أبرز أهداف حرب التحالف على اليمن، بشكل نهائي ، وتأمين السيطرة على كافة المناطق النفطية في البلاد.

ما يمكن التركيز عليه هنا، أن السيطرة على محافظات مأرب والبيضاء وشبوة، ينهي تواجد التنظيمات المتطرفة التي شكلت أحد أبرز أذرع التحالف وامتداد صريح لقوى دولية في ثالوث الوسط اليمني، الذي كان يتهدد عصبة الإقتصاد الوطني، كغطاء لإستنزاف ثرواته.

الواضح من مجمل الأحداث والمؤشرات السابقة، أن قوات صنعاء ماضية نحو السيطرة على كافة التراب الوطني، ولديها ما يؤهلها من خيارات عسكرية وسياسية لحسم جميع الجبهات والملفات، والعودة بنصر كبير، بينما تشير الوقائع والمعطيات إلى أن الشرعية لا تحصد سوى المزيد من الخيبات والهزائم، ما يعني عودة قوى التحالف بخفي حنين من اليمن، بعد سبعة أعوام من الحرب على البلاد.

حلمي الكمالي