“مسيرات العودة” و “الطائرات الحارقة”.. الفلسطينيون يركعون الكيان الصهيوني
لقد نجح الفلسطينيون وبالتحديد أهالي قطاع غزة المقاوم من جديد في إركاع الكيان الصهيوني عبر مسيرات “يوم العودة” السلمية واستخدام الطائرات الورقية الحارقة، بما يعزز من تقديرات إنهاء الحصار المفروض على القطاع وذلك “شريطة إيقاف المسيرات وعدم تسيير الطائرات الورقية النارية نحو الأراضي المحتلة”، حسب المطالب المعلنة من جانب الكيان المحتل.
يأتي ذلك وسط التحركات الدبلوماسية في القاهرة خلال الفترة الأخيرة، حيث شهدت الوساطة المصرية لوقف الحصار مزيداً من الأهمية لدى أهالي غزة وهم يعقدون الآمال على تحقيق أهدافهم المنشودة في إنهاء الظلم الذي طال أمده 10 أعوام، أمام صمت المجتمع الدولي ودعم شامل من جانب أمريكا والأنظمة العربية الخائنة.
حماس تصل إلى اتفاق دون تقديم تنازلات
وفق مصادر إعلامية بما فيها وسائل إعلام عربية، توصلت المفاوضات التي تقودها مصر بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والكيان الصهيوني إلى اتفاق من 3 بنود وهي:
أولاً – وقف متبادل لإطلاق النار، على أن يكفّ الفلسطينيون عن إرسال الطائرات والمناطيد الحارقة وأيضاً عدم الاستمرار في مسيرات “يوم العودة”، وفي المقابل يوقف الكيان المحتل جرائمه بحق أهالي غزة.
ثانياً – التقليل الحقيقي من شدة الخناق المصري – “الإسرائيلي” المفروض على غزة إلى جانب تنفيذ مشاريع تنموية داخل القطاع.
ثالثاً – بدء المفاوضات الخاصة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين داخل السجون “الإسرائيلية”.
ونظراً لهذه المستجدات، يبدو أن حماس نجحت في تحقيق مطالبها وهي تمسك بالورقة الرابحة لكسر الحصار عن قطاع غزة دون تقديم أي تنازلات، الأمر الذي لقي انتقاداً شديداً على لسان المسؤولين في السلطة الفلسطينية الذين طالبوا حماس بعدم تنفيذ الاتفاقات المتمخضة عن مفاوضاتها الأخيرة في القاهرة.
جاء موقف السلطة الفلسطينية الأخير، رغم كل ما قدمته من مساومات أمام مطالب الكيان الصهيوني الغاصب وأمريكا، والتي كان آخرها قرار حلّ “منظمة الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين” مقابل مساعدات مالية.
فشل مخطط الضغط على أهالي غزة
علماً أن حصار غزة بدء منذ العام 2007 حيث قام الكيان الصهيوني بإغلاق جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية من وإلى القطاع، ليفرض على هذه المنظمة المكتظة بالسكّان أشدّ أنواع الحصار والضغوط الاقتصادية.
وقد أدّى الحصار على مرّ الأعوام العشرة الماضية إلى ظروف مزرية لأهالي غزة والتي تمثلت في شحة الوقود والغذاء ومواد البناء والمعدات الطبية والصحية، لتصف الأمم المتحدة في بيان لها ظروف الفلسطينيين داخل القطاع بـ “الحرجة”، ومقابل كل هذه الضغوط فقد أصرت حركة حماس التي تمسك بزمام الأمور في هذه المنطقة، على مواصلة الصمود والمقاومة بوجه الاحتلال.
هذا، ولم تجدِ المفاوضات والوساطات العديدة وأيضاً اقتراح تل أبيب بشأن إلغاء الحصار مقابل “الاعتراف بالكيان الصهيوني” نفعاً في إقناع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القبول بتلك المطالب وقد جاءت التصريحات التي تناقلتها وسائل إعلام مصرية عن دبلوماسيين في هذا البلد بشأن كسر الحصار على غزة، دون أي تغيير في موقف حماس من عدم الاعتراف بالصهاينة.
وعليه، يمكن القول إنه رغم كل الضغوط وتضييق الخناق على أهالي غزة إلا أن هذه المحاولات لم تنجح في تحقيق أهداف الكيان الصهيوني وقد أرغم هذا الكيان على التراجع عن مواقفه السابقة والقبول (المحتمل) بوقف الحصار المفروض على قطاع غزة.
والجدير بالذكر هنا أيضاً دور المنظمات الأممية غير الحكومية، والضغوط التي مارستها هذه المنظمات على الكيان الصهيوني لوقف الحصار عن غزة، حيث ساهمت جهود المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في تعزيز مكانة الشعب الفلسطيني لدى الرأي العام الدولي بنسبة ملحوظة.
وفي سياق متصل، جاءت الزوارق المحمّلة بالسلع الأساسية التي بادرت بإرسالها منظمات حقوق الإنسان طوال عشرة أعوام من الحصار إلى المناطق القريبة من حدود غزة، سعياً لكسر الحصار وإيصال مساعدات إنسانية رمزية إلى أهالي غزة المقاومين، والتي منيت بالفشل إثر منع القوات الصهيونية من وصولها إلى القطاع، مخلّفة موجة استنكار واسعة لدى الرأي العام الدولي.
وقد جسّدت المسيرات الاحتجاجية التي جابت شوارع العديد من الدول الغربية بما فيها أمريكا، إلى جانب التصويت بالرفض من جانب 128 دولة مقابل تأييد 5 دول أعضاء في المنظمة الأممية على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الشريف، كل ذلك جسّد مدى ثقل القضية الفلسطينية لدى الرأي العام الدولي.
وكل هذه المعطيات حيث الظروف المعيشية الحرجة والمجاعة والحاجة إلى الدواء والوقود وغيرها من السلع الأساسية من جانب، ومسيرات يوم العودة السلمية التي انطلقت بالتزامن مع الذكرى السبعين لـ “يوم النكبة” في قطاع غزة، الى جانب الطائرات الورقية والمناطيد الحارقة، وضعت الكيان الصهيوني أمام تحديات جادة.
كما ان احتمال إعادة فتح ملف جرائم الكيان لدى المنظمات الدولية، لاسيما أن هناك جهوداً حثيثة من جانب بعض الجهات الحقيقية والحقوقية لمتابعة هذا الموضوع وضعت عمليات القمع التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق أهالي غزة المقاومين امام موجة استنكار دولي عارمة؛ وبطبيعة الحال فقد أصبح واضحاً أن مواصلة الحصار على غزة سيكبّد الكيان المحتل مزيداً من الخسائر السياسية والدبلوماسية.
وبذلك يرى المراقبون أن المسؤولين الصهاينة وفي ضوء هذه المستجدات توصلوا إلى قناعة أن وقف الحصار سيكون أقل كلفة بالنسبة للكيان مقارنة بالاستمرار فيه.
الوقت