لم تتعلم دول التحالف بعد، من سبع سنوات تجرعت فيها هزائم ساحقة، وذاقت فيها وبال بأس اليمانيين.
هي هذه المرة تجرب المجرب، وتحاول تحقيق مكاسب، تعلم يقينًا أنها من المحال، فالتجربة أثبتت أن شعب الايمان لم ولن يتزلزل.
لقد صعّد العدوان الأمريكي – السعودي في الآونة الأخيرة اقتصاديًا، فأمعن في تشديد الحصار، ومنع دخول المشتقات النفطية والغاز المنزلي.
هي عادة العدوان الأمريكي السعودي طيلة السبع السنوات أن يستقبل شهر رمضان المبارك، بصنع الأزمات وتضييق الخناق أكثر على الشعب اليمني. ولعلّ الأزمة الاقتصادية والنفطية التي أوجدها في الفترة الراهنة هي الأشد،. فالمحروقات معدومة تمامًا إلا من كمياتٍ ضئيلةٍ جدًا توزعها شركة النفط اليمنية بحكومة الإنقاذ الوطني على أهم المؤسسات كالمستشفيات.
ومع انعدام الوقود المحرك للحياة، تكاد الحياة فعلاً أن توصد أبوابها أمام المواطن اليمني.
وما يوجد في السوق السوداء من محروقات، الذي يأتي من جهة المحافظات المحتلة، يُباع بأسعارٍ خيالية، لا يستطيع المواطن -الذي بصعوبة بالغةٍ يحصّل قوت يومه- أن يحلم بامتلاكها.
كل هذه المعاناة في كفة، ومعاناة القطاع الصحي إزاء حصار العدوان للنفط في كفةٍ أخرى. فالمستشفيات تعاني بمرضاها وكادرها وجميع ما فيها من هذه الأزمة الخانقة.
لقد أغلقت المستشفيات أمام مرضاها الكثير من الخدمات الهامة، وما تبقى منها مهددٌ بالتوقف في أية لحظة. ومستشفى فلسطين للأمومة والطفولة الحكومي بأمانة العاصمة نموذجٌ لهذه المعاناة. حول هذه المأساة تتحدث مديرة المستشفى الدكتورة ندى الوجمان لموقع “العهد” الإخباري: “شكلت أزمة المشتقات النفطية مشكلة كبيرة للمستشفى والعاملين فيه، فنحن نعاني من صعوبة توفيرها، وارتفاع تكلفتها في حال وجدت الكميات التي تغطي الحد الأدنى من الاحتياج، وكذلك تسببت الأزمة في توقف سير بعض الباصات العامة، وتسرب عدد من عاملي المستشفى”.
تتابع “وصلت هذه المعاناة إلى المرضى الذين يجدون مشقةً كبرى في الوصول. فبحكم البعد الجغرافي للمستشفى أثرت أزمة النفط على الحالات المرضية التي تصل للمستشفى بصورة كبيرة، حيث إن الحالات المستهدفة للزمام السكاني الخاص بالمستشفى تقطن في أماكن بعيدة عن محيطه كمنطقة أرحب، وبني حشيش، وعمران، والجوف”.
ويستقبل مستشفى فلسطين بشكل يومي متوسط ١٢ – ٢٠ حالة ولادة، وكذلك ٨٠ حالة مرضية في العيادات الخارجية، و١٦٠ حالة رقود.
وأمام الوضع المتأزم بحصار ونيران تحالف العدوان، فإن هذه الأعداد في تزايد، وهذا التزايد قُوبل للأسف بإيقاف بعض أقسام المستشفى، حيث تؤكد الوجمان في حديثها لموقع “العهد” الإخباري “بسبب الأزمة الخانقة عملنا خطة لترشيد استهلاك الوقود تضمنت إيقاف بعض المصاعد، وإبقاء مصاعد العمليات فقط. كذلك أغلقنا جزئيًا قسم العزل الخاص بالتهابات الصدر، وثلاث صالات عمليات، واكتفينا بصالتين فقط، كما قمنا بإطفاء أقسام التعقيم المركزي والمغسل خلال الفترة المسائية”.
لقد حاولت إدارة مستشفى فلسطين ترشيد استهلاك الطاقة بأكبر قدرٍ ممكن، فاستبدلت الإنارات الخارجية للمستشفى بإنارات اقتصادية، وحاليًا تسعى لتعديل مشروع الطاقة الشمسية ليتم الاعتماد عليه في جزء من التشغيل.
أمام هذه المعاناة الكبرى، يسأل البعض عن دور المنظمات الدولية والحقوقية في المستشفى، وتوضح الوجمان لموقع “العهد” الإخباري أن “المنظمات التي تتباكى على اليمنيين باسم حقوق المرأة والطفل، تقابل أوجاعنا بالخذلان، لقد كشف صمتها وخذلانها قبح أفعالهم، وأنهم شركاء مع العدوان في قتلنا”.
وعبر موقع “العهد” الإخباري توصل الدكتورة ندى الوجمان رسالتها: “مهما سعوا لإيقافنا وكسر صمودنا، فهم واهمون، نحن شعب استمددنا قوتنا وصمودنا من قائد ثورتنا السيد عبد الملك الحوثي، ومن تضحيات شهدائنا وصبر رجالنا في جبهات العزة والكرامة”.
تختم الوجمان حديثها لموقع “العهد” بالقول: “شعبنا اليمني سيواصل صموده ووقوفه في وجه العدو، كما عهدناه منذ بدء العدوان وإلى اليوم مهما كان حجم المعاناة، سنواصل درب الصمود والمواجهة إلى أن نصل إلى النصر والفتح المبين إن شاء الله تعالى”.