مركز ستراتيجيك فوركاستينغ الاستراتيجي المختص بقطاع الأمن والاستخبارات : عدم انسحاب «إسرائيل» من غزة سيدفع القوات اليمنية إلى توجيه ضربات قوية للاحتلال
سلط مركز ستراتيجيك فوركاستينغ الاستراتيجي المختص بقطاع الأمن والاستخبارات الضوء على تزايد قوة اليمنيين، وتفوقهم العسكري في مواجهة جيوش أمريكا و”إسرائيل”، وبريطانيا في معركة الإسناد ضد العدوان الصهيوني.
وقال المركز إنّ: “تدخل الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس عزّز من قدراتهم العسكرية ونفوذهم السياسي “.
كما حذّر المركز من أن عدم انسحاب «الجيش» الصهيوني من قطاع غزة، سيؤدي إلى اشتعال المواجهة، مجدداً، مع القوات المسلحة اليمنية، حيث أكدت صنعاء مراراً أنها ستوجه ضربات قوية للاحتلال «الإسرائيلي» في حال تراجع الأخير عن تنفيذ بنود اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة.
وأكد مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية والأمنية، من أن عودة الهجمات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني، والتي ستدفع «إسرائيل» للرد عليها، لن يؤدي إلى إضعاف قوات صنعاء، وإنما سيزيد من قوتها بالنظر إلى صعوبة ردعها خلال تجربة الخمسة عشر شهراً الماضية، مشيراً إلى أن رهان الكيان الصهيوني وأمريكا على «خصوم الحوثيين» من الفصائل الموالية للسعودية والإمارات، في إشعال الجبهات الداخلية، قد ينعكس بالهزيمة لهذه الفصائل ويؤدي إلى مكاسب كبيرة لصنعاء من شأنها أن تسبب انهياراً لما تُسمى بـ»حكومة الشرعية» والتحالف الداعم لها.
ونشر مركز «ستراتفور» الاستخباري تقريراً حديثاً بعنوان «ماذا سيفعل الحوثيون في اليمن بقوتهم الجديدة؟»، أفاد فيه بأن تَدَخُل من وصفهم بـ»الحوثيين» في «الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، عَزّز قدراتهم العسكرية وقوتهم ونفوذهم السياسي في شمال اليمن»، لافتاً إلى أنه في حال تم الدفع بمرتزقة العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي لتحريك الجبهات الداخلية، فإن ذلك سيدفع صنعاء إلى تنفيذ هجمات قوية على مناطق سيطرة المرتزقة، مما قد يؤدي إلى إجبار «حكومة الفنادق» على تقديم تنازلات كبيرة أو حتى انهيارها.
وأضاف: «منذ تدخل الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول/ نوفمبر 2023 بمهاجمة سفن البحر الأحمر وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار باتجاه إسرائيل، أفادت مصادر إعلامية مختلفة أن آلاف المجندين الجدد انضموا إلى الحركة من جميع أنحاء اليمن. وقدر خبراء الأمم المتحدة الذين يقيمون فعالية العقوبات الدولية على الجماعة في خريف عام 2024 أن لديها ما يصل إلى 350 ألف مقاتل، بزيادة من 220 ألفًا في عام 2022، بسبب زيادة تعزيز السلطة في الشمال وزيادة التجنيد الناجمة عن تدخلهم في حرب غزة».
وأشار إلى أن عدم انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، سيقود إلى سلسلة من الهجمات المتبادلة بين الكيان الصهيوني والقوات المسلحة اليمنية، التي عجزت الضربات الصهيونية والأمريكية والبريطانية على إضعافها أو ردعها.
وأفاد التقرير أنه «من المرجح أن تكون الغارات الجوية الإسرائيلية على اليمن قد غذت المزيد من المشاعر المؤيدة للحوثيين في البلاد، خاصة وأن بعض الضربات استهدفت البنية التحتية المدنية الرئيسية مثل محطات الطاقة، وفي الوقت نفسه، عملت تلك الغارات على ترسيخ الرواية القائلة بأن الحوثيين يقاتلون العدو الإقليمي للبلاد، مما عزز شعبية الحركة أكثر».
وأوضح أن صنعاء أعلنت وقف عملياتها العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني بعد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير الفائت، لكنها هددت «باستئناف الهجمات في حالة انهيار وقف إطلاق النار، الذي يواجه قيوداً خطيرة أمام خلق سلام دائم».
وقال: «في حين أنه من غير المرجح أن تخرج إسرائيل بالكامل من قطاع غزة في الأمد القريب، فإن هذا الوضع سوف يوفر للحوثيين مبرراً سياسياً مستمراً للضربات المتقطعة على إسرائيل، وهو ما من شأنه أن يقود إلى ضربات إسرائيلية مضادة على اليمن نفسه، وسوف تستمر هذه الديناميكية في زيادة حجم تجنيد المقاتلين الحوثيين، بدافع من المشاعر المعادية لإسرائيل بين اليمنيين»، مضيفاً «إلى جانب ذلك، ونظراً للقيود الجغرافية والعسكرية، فلن تتمكن إسرائيل من إلحاق أضرار عسكرية كبيرة بالحوثيين كما فعلت مع حزب الله وحماس، وهو ما يمنع أي تدهور كبير في الموقف العسكري للحوثيين في اليمن».
وأشار إلى أن صنعاء برعت في «إخفاء ترسانتها العسكرية وتخزينها في مواقع محصنة ومموهة تحت الأرض وفي جميع أنحاء البلاد، مما يجعل تدميرها أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، ويزداد الأمر تعقيداً بسبب الافتقار إلى قوات حليفة كبيرة على الأرض لاستكشاف الأهداف، حيث يعتمد التحالف المناهض للحوثيين على الأقمار الصناعية والوكلاء المحليين والكشافة السرية التي تبطئ وتيرة الاستهداف».
جبهات الداخل
تقرير المركز الاستخباري الأمريكي تطرق أيضاً إلى الجبهات داخل اليمن، حيث برزت في الفترة الأخيرة العديد من الدعوات لتفعيل تلك الجبهات ضد قوات صنعاء ودعم فصائل المرتزقة عسكرياً ولوجستياً بهدف «القضاء على الحوثيين» وفك حصارهم البحري على الكيان الصهيوني.
وأفاد بأنه في حال اشتعال الجبهات داخل اليمن «سيكون من غير الواضح ما إذا كانت المملكة السعودية أو شركاؤها الإماراتيون على استعداد للتدخل عسكرياً لوقف هجمات الحوثيين، وبدون الدعم الجوي للتحالف ومع وجود عدد أكبر بكثير من المقاتلين الحوثيين على الأرض، فمن المرجح أن تنتج مثل هذه الهجمات اختراقاً على طول خط المواجهة لأول مرة منذ سنوات عديدة، ومن شأن هذا أن يمنح الحوثيين نفوذاً كبيراً في المفاوضات مع السعودية والحكومة الموالية لها، مما قد يجبر هذه الحكومة على تقديم تنازلات كبيرة أو حتى يؤدي إلى انهيار جزء كبير من التحالف المناهض للحوثيين».
وأكد أن السعودية «حاولت الخروج من الصراع من خلال المفاوضات مع الحوثيين والتي وصلت إلى وقف إطلاق النار المتجمد منذ عام 2022، وأن فشل التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي في تحقيق أي انتصار على صنعاء طوال سنوات الحرب منذ مطلع العام 2015م، إضافة إلى تعرضها لهجمات يمنية بالصواريخ والطائرات المسيرة رداً على عدوانها على اليمن، دفع بالسعودية إلى تعديل «سياستها الخارجية نحو نهج إقليمي أكثر براجماتية، وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية حريصة على تجنب استدعاء المزيد من الضربات الصاروخية الحوثية، وخاصة تلك التي تستهدف صناعة النفط الحيوية وعاصمتها».
وفيما يخص الإمارات، أفاد التقرير بأنها «تبدي أيضا تردداً في الانخراط في الحملة اليمنية بما يتجاوز الدعم اللوجستي والمالي والتسليح لوكلائها الجنوبيين، خاصة بعد أن هاجم الحوثيون في عام 2022 العاصمة أبوظبي، وهو أول هجوم أجنبي كبير على البلاد».
يُذكر أن مركز «ستراتفور» يُعد إحدى أهم المؤسسات الأمريكية التي تعنى بقطاع الاستخبارات، ويعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، وتطلق عليه الصحافة الأمريكية اسم «وكالة المخابرات المركزية في الظل»، ومعظم خبراء المركز هم ضباط وموظفون سابقون في الـ«سي آي إيه».