مرحلة التصعيد .. وثمار الحكمة — علي احمد جاحز
في الغالب يحتفظ العدو باقوى واهم اوراقه ، ويستخدم الاوراق ابتداء من الاقل قوة واهمية وفاعلية بشكل تدريجي خلال معركته مع عدوه ، بحيث يأتي في اخر المعركة وهو محتفظ باهم واقوى اوراقه ، فان استدعى الامر سيستخدمها في وقتها وان انتهت المعركة فيكون لايزال يمتلك اقوى الاوراق والخيارات .
الملفت في عدونا انه ألقى باقوى واهم اوراقه وثقله في بداية عدوانه وبدأ معركته مع اليمنيين بغرور وغطرسة وعجب وتعالي ، ويبدو انه وفق حسابات صبيانية نابعة من ذلك الغرور اعتقد ان بامكانه الحسم في غضون اسابيع قليلة ، ولعل هذا هو ما دفعه لاستخدام اقوى مالديه في بداية المعركة ، ولهذا فانه الان يعيش مأزقا حرجا ويشعر بان خياراته تضيق ، لدرجة انه لم يعد يمتلك اصلا قرار انهاء المعركة .
الواضح انه لم يعد لدى العدوان اوراقا قوية يلعب بها في معركته مع ابطال اليمن ورجاله الذين باتوا اليوم يمتلكون زمام المبادرة ويتحركون في مساحة واسعة ويحتفظون بخياراتهم وارواقهم وفق تخطيط حكيم ونظرة مستقبلية عميقة وشاملة وواعية لمستقبل المعركة وفصولها ، وهو ما يحيلنا الى دور القيادة الحكيمة وحنكتها في ادارة المعركة .
لو تتبعنا اداء العدوان عسكريا طوال الفترة الماضية ، لوجدنا انه تعاطى ببذخ وغرور وتشنج وانفعال والقى بثقله العسكري والسياسي و استهلك علاقاته وكشف اقنعته واضطر الى الافصاح عن تحالفاته الخفية مع اسرائيل وعن اساليبه في شراء الذمم والمواقف الانسانية والسياسية والاعلامية اقليميا ودوليا ، فوجد نفسه اليوم مفلسا امام فشله في تحقيق اهدافه .
في المقابل ، ظهرت جبهة المواجهة والصمود المتمثلة في الجيش واللجان الشعبية وقيادتها والاصطفاف السياسي والاجتماعي الوطني الذي يقف معها ، ظهرت اقوى واكثر ارتياحا واسترخاء في ادارة المعركة ، وليس هذا وحسب بل اعلنت التصعيد والانتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم والمبادرة .
نعم .. طوال الفترة الماضية من عمر العدوان ، كانت استراتيجية الجيش واللجان الشعبية هي الدفاع واستنزاف العدوان عسكريا وسياسيا واخلاقيا ، واختيار هذا التوقيت للانتقال الى مرحلة التصعيد والهجوم والمبادرة ليس اعتباطيا او مجرد فرقعة اعلامية او ماشابه بل مبني على قراءة عميقة ودقيقة للمعركة وللخصم ولوضع الخصم عسكريا وسياسيا واخلاقيا في هذه المرحلة .
اعتقد ان الصحافة الغربية وبعض المراقبين والسياسيين والمؤسسات الغربية تناولت اكثر من مرة ان العدوان على اليمن فشل في تحقيق اهدافه و بات في وضع حرج وانه يعيش مأزقا وخياراته باتت محدودة ، وهذه الاراء لاتاتي الا وفق دراسة دقيقة لواقع المعركة ومخرجاتها ، وبالتالي فان قراءة القيادة المتمثلة في السيد القائد ومن يعملون معه ، لواقع المعركة كان سباقا لكل تلك الرؤى التي بدأت تظهر مؤخرا وهي متأخرة جدا ، لانها لوكانت تقرأ مستقبل المعركة منذ البداية لكانت نجحت في اتخاذ التدابير الوقائية منذ البداية سيما وان الموقف الغربي مصطف مع العدوان وما اعترافه بفشله اليوم الا استحقاق لايمكن الهروب منه .
الذي نؤمن به ويجب ان نظل مؤمنين به هو اننا نذهب باتجاه النصر الكبير ، وغبي جدا من يمكن ان يرتمي في احضان العدوان في هذه المرحلة التي بات العدوان مثقلا بالخيبة.
نستطيع ان نقول اننا وبرغم كل ما مرينا به ونمر به من معاناة اقتصادية وحصار وقتل وازمات صحية وغيرها ، فاننا لم نركع ولن نركع باذن الله ، فلم تمر على الشعب اليمني ظروف كهذه الظروف وهو يمتلك هذا الوعي الكبير بما يجري ، وهذا كله بفضل الله اولا وبفضل المشروع القويم الذي يشكل وعيا ضامنا للتحرك على كل الاصعدة ومن ثم الوصول الى الخلاص باذن الله .