مراقبون ومحللون.. عملية “نصر من الله”هزيمة نكراء لتحالف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي
أجمع مراقبون ومحللون عرب وأجانب ، على أن عملية “نصر من الله” التي نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية في محور نجران تعد هزيمة نكراء لتحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وضربةً قاصمة له وعلى رأسه السعوديةُ التي يحتل ضباطها وأفرادها رقماً كبيراً في أعداد الأسرى.
وعلق رئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية، عبدالباري عطوان، على عمليةَ “نصر من الله” معتبراً أنها تحوّلاً استراتيجياً غيرَ مسبوق على المستوى العسكري والسياسي والمعنوي والإعلامي، وتمثل انهياراً كاملاً للجيش السعودي ومنظومات الأسلحة الأمريكية.
وقال عطوان في قناته على موقع يوتيوب “هذه العملية في تقديري ستكونُ بداية النهاية للحرب في اليمن وجاءت بعد ثلاث تحولات استراتيجية كبرى استهدفت المنشآت النفطية السعودية أجبرت النظام على شراء النفط من العراق، وأثبتت هزيمةَ الأسلحة الأمريكية وقواعدها المتواجدة في الخليج، وفشل الخبراء العسكريين الأمريكيين وغيرهم الموجودين مع الجيش السعودي”.
وأكّـد عطوان “أن هذه المعركة البرية أثبتت الإرادةَ القوية للجيش اليمني ولجانه الشعبيّة التي تفوقت على السلاح المتطور ومثّلت الانتصارَ في المعنويات عبر تطور إعلامي غير مسبوق لقناة المسيرة”، لافتاً إلى أن مشاهدَ التعامل مع الأسرى حقّقت انتصاراً آخرَ في معركة كسب العقول.
وأشَارَ عطوان إلى أن النتائجَ السياسية لهذه العملية هي أنه حان الوقتُ لتوقّف هذه الحرب وحقن الدماء والدفع بمبادرات سياسية لوقفها، داعياً مُحبي السعودية إلى مساعدتها على وقف الانهيار ، جازماً أن المستفيدَ من هذه الحرب هي أمريكا المستمرّة في بيع سلاحها “الخردة”، متسائلاً: “هل ستتزاحم المبادراتُ لإنهاء هذه الحرب بعدها؟ وكيف كانت أمريكا وأسلحتها وقواعدها المهزومَ الأكبرَ؟”.
من جانبه أشار المحلِّل العسكري مأمون أبو نوار، إلى هولِ ما رآه من هزيمة نكراءَ لتحالف العدوان الأمريكي السعودي وكيف يتم الزج بهذه القوات إلى منطقة نجران دونَ أن تقرأ الفكرَ الاستراتيجي للمنطقة واستخدامها للحرب الهجينة والرمادية، وكيف استدرجوا هؤلاء إلى أماكن عرضتهم للأسر.
وقال إن ما لفت انتباهه هو معاملة الأسرى من قبل أبطال الجيش اليمني ولجانه الشعبيّة الملتزمين بتعاليم الإسلام ومبادئه، مستغرباً من صمت النظام السعودي حتى اللحظة وعدم إعلانه عن العملية، مبيناً أن الأسرى يمتلكون عائلات وأطفالاً ويجب التعاطي مع الموضوع؛ كون الصمت لا يفيد، موضحاً أن عمليةَ “نصر من الله” متقنةٌ جدا، وهذا يدل على أن حكومة صنعاء لديها اليد العليا في المنطقة الجنوبية ولديها متعاونون.
إلى ذلك، قال المحلِّلُ العسكري عمر عياصرة: إن الفيديوهات التي نشرت، أمس الأحد، حول عملية “نصر من الله” لها معانٍ كثيرة، وأحدُ أهمِّ هذه المعاني هو أن المعركة البرية على ما يبدو، المملكةُ تتكبّد فيها خسائرَ كبيرة، وعلى ما يبدو أن السعودية لا تسيطر لا على أجوائها ولا على الحد الجنوبي، مبيناً أن من المعاني أَيْـضاً أنه لا يوجد عقلٌ استراتيجيٌّ يدير هذه المعارك، وإلا كيف يوضع كُـلُّ هؤلاء البشر لقمةً صائغة.
وأوضح عياصرة في مقابلة مع الجزيرة الفضائية أن ما كشفته حكومةُ صنعاء حول عملية “نصر من الله”، أمس، كان لطمة كبيرة على كبرياء المملكة السعودية وعلى أداء جيشها في هذه المعركة، مضيفاً: كنا دائماً نتحدث أن جماعةَ الحوثي يبالغون، لكنهم اليوم قدّموا أداءً محايداً وواضحاً على أن هناك كميناً وكميناً كبيراً كانت كلفتُه كبيرةً من القتلى والأسرى في صفوف تحالف العدوان وهذا ما شاهدناه في الفيديو، متسائلاً لماذا تخفي السعودية مثل هذه الخسائر.
الباحثُ العسكري والسياسي اللبناني العميد محمد عباس قال : إنَّ هذه العملية الكبيرة جِـدًّا تشيرُ إلى أمرين، الأمر الأول تطور القدرات للجيش واللجان الشعبيّة بصورة مضطردة وبصورة تكون قادرة على خوض عمليات كبرى، مُضيفاً أنَّ العملية -بحسب البيان للمتحدث العسكري اليمني يحيى سريع- تمت بالسيطرة والحصار واغتنام الآليات وأسر الآلاف خلال 72 ساعة، ما يعد نصراً عسكرياً كبيراً.
وأضاف عباس، أنَّ الجيش واللجان الشعبيّة بدأوا العمليةَ بعمليات تشبه عمليات القوات الخَاصَّة؛ ولذلك لجئوا إلى عمليات صغيرة لا تتجاوز عدد المقاتلين في كُـلّ وحدة الـ 100 عنصر، وهذه العمليةُ تشير إلى تحوّل استراتيجي، وهذا التحول بدءٌ في الخيارات الاستراتيجية؛ لأَنَّ هذا التحول يأخذ أكثرَ من منحى: العمليات البرية , والمنحى الآخرُ هو عملياتُ الطائرات المسيرة التي تضرب العمقَ السعودي.
وأشَارَ المحلِّل العسكري محمد عباس، إلى أنَّ الوضع في اليمن يشابهُ ما حصل في حلب في 2015، وَالجيش اليمني في المرحلة الابتدائية من المراحل الاستراتيجية التي تؤدي إلى إسقاط العدوّ، وهذه تشبه التي حصلت في سو ريا وفي حروب فيتنام، وكانت العمليات تتوسعُ جِـدًّا قبل النزع الأخير من المعركة، وحصل في فيتنام الهجوم الصاعق على سايقون.
واعتبر عباس، أنَّ العملية تدلُّ على أن الفترةَ المتبقية قصيرة جِـدًّا لإجبار تحالف العدوان على الخضوع وإبداء مرونة في الحل السياسي، إضافةً إلى عمليات توازن الردع في العمق السعودي..
وأشَارَ عباس إلى أن الجيش اليمني واللجان الشعبيّة أصبحوا يمتلكون قدراتٍ كبيرةً ومعتبرة؛ بدليلِ حجم هذه العملية، مشيراً إلى أن الجيش واللجان الشعبية امتلكوا خبرة تراكمية خلال خمس سنوات ولديهم قضية وهنا يرتبط الفارق المعنوي بين الطرفين، طرفٌ يقاتل ولدية قضيةٌ هامَّة وهي تحرير الأرض ضدَّ قوة تستعين بمرتزِقة محليين أَو أجانبَ , واللذين بدورهم لن يكونوا كصاحبِ الأرض والقضية بالتأكيد.
وفي شأن التعامل مع الأسرى، قال عباس: إن الجيش واللجان أثبتوا أنهم الوحيدون في اليمن، الذين يحترمون ما يُسَمَّى القانون الدولي الإنساني؛ لأَنَّ دولَ التحالف لم تحترم هذا الأمر, ودائماً الحركاتُ المنطلقة من الشعب ومن أوساط الشعب يكون لديها حَسٌّ وطنيٌ عالٍ وأخلاق عالية، ولا يحتاجون من يوجههم بتعاليم القانون الدولي الإنساني.
وأضاف “نرى الأسرى في أيدي الجيش يعاملون وفقَ الأخلاق اليمنية المعروفة التي هي أَسَاساً تسبق القوانين التي لها علاقة بالقانون الدولي الإنساني، وهذا الأمر لا ينطبق على تحالف العدوان, والتعبيرات التي جاء بها الناطق الرسمي عن تحييد الأسرى عن القصف الجوي، وهذا يدخلُ في هذا الإطار والنطاق , وتحالفُ العدوان لا يريد الصليب الأحمر في الساعات الأولى؛ لأَنَّه سيدخل معه الإعلام، وهذا الأمر فشل معهم، حيثُ حاولوا التعميةَ مراراً وتكراراً، ولكن الحقيقة تظهر جلياً.
من جانبه، المحلِّل السياسي المصري إبراهيم سنجاب -نائب تحرير الأهرام المصرية- قال: أُطْلِقُ على المعركة، معركةَ المشاهد المذهلة مشاهدِ الفرار ومشاهدِ المعاملة الحَسنة للمرتزِقة من قبَل الجيش واللجان الشعبيّة، متسائلاً: إذَا كانت هذه المرحلة الأولى من مجموعة مراحل، فكيف ستكون المرحلة الأخيرة؟
واعتبر سنجاب، المعركةَ تحوّلاً استراتيجياً ولها مكاسبُ سياسيةٌ كبيرة جِـدًّا , مُضيفاً أنَّ الملاحَظَ من الإعلام اليمني ووزير الدفاع والناطق الرسمي والمشاهد الموثقة، ما يدل على انضباط كبير، بعكس الطرف الاخر ، متسائلاً كيف ستكون الروح المعنوية بعد هذه المعركة للمقاتلين المرتزِقة ولجانب التحالف، في مقابل الروح المعنوية لشعب كامل محاصر منذُ خمس سنوات؟، مُضيفاً “لو تخيلنا أنَّ قوات التحالف والشرعية هي من أسرت هذه الأعداد، كيف سيتم معاملتهم ونحن قد شاهدنا من قبل مشاهد الذبح والقتل والدفن أحياءً من قبل الشرعية، وهذا يثبت قيمةَ المقاتل لكل طرف؟!”.
وأضاف سنجاب، أن المعركة عموماً سيكون لها هدفٌ سياسي ومبادرات سلام واتّفاقات، وصنعاءُ هي أقربُ لتحقيق أهدافها السياسية من صمود خمس سنوات، مردفاً ولكن خسائرَ التحالف والسعودية تحديداً لم تكن متوقعةً، ولن يشعر بها الطرف السعودي إلّا بعد انتهاء الحرب.
وختم سنجاب تصريحاته لقناة الميادين الإخبارية بقوله: “هل حان الوقت لجامعة الدول العربية أن تقدمَ مشروع مصالحة في اليمن، ويحافظ على ماء الوجه السعودي؟، أم أن نتركها لترامب ليتاجرَ بالسعودية؟!”.
وفي مقال نشر على موقع العهد اللبناني قال الكاتب والإعلامي شوقي عواضة، “سجّلَ التّاريخُ على مرِّ العصورِ حروباً ومعاركَ كثيرةً بين قوى الاستعمارِ والاحتلالِ حيث الشّعوبُ قاومَت وانتصرَت بإرادتِها وعزيمتِها وثباتِها.
وبالرّغم من عدمِ وجودِ تكافؤٍ وتوازنِ بين القوى المتحاربةِ سواء على مستوى العديدِ البشريِّ أو التّجهيزاتِ والتّقنياتِ العسكريّةِ المتطوّرةِ إلّا أنّ ذلك لم يحِلْ دون هزيمةِ المحتلِّ الغازي وانتصارِ أصحابِ الأرضِ لقضيّتِهم بمقاومتِهم وصمودِهم. والشّواهدُ على ذلكَ كثيرةٌ منها المقاومةُ الفيتناميّةُ في وجهِ المحتلِّ الأمريكيّ الذي أُجبِرَ على الاندحارِ الذّليلِ تحتَ وطأةِ ضرباتِ المقاومةِ الفيتنامية رغم مكابرة الأمريكي في تعاطيه مع الشعب الفيتنامي واستخفافه بقوته وقوة مقاومتِه التي أرغمته على الانسحابِ”.
وأضاف” يتكرّرُ اليومَ نفسُ المشهدِ الاستكباريِّ الأمريكيّ والسّعوديّ في اليمنِ حيثُ لم تصدّقْ قوى العدوانِ أنّ الشّعبَ اليمنيَّ وجيشَه وأنصارَ اللهِ استطاعوا أن يمرِّغوا أنوفَ النّازيينَ الجددِ بالوحلِ اليمنيِّ على مدى خمسِ سنواتٍ من العدوان ورغم الحصار استطاع الجيش اليمني واللجان الشعبية ان يتفوقوا عسكريا على أعتى تحالفٍ عدوانيٍّ تقودُه أمريكا، وأثبتَ العقلُ اليمنيُّ تفوّقَه الباهرَ الذي صدمَ العالمَ بتخطيطاتِه وتكتيكاتِه العسكريّةِ وعمليّاتِه الأمنيةِ وسرعةِ التّنفيذِ ودقتِّها وبأقلِّ خسائرَ ممكنةٍ وفي أسوأِ الظّروفِ حتّى باتَ يشكّلُ مدرسةً نموذجيّةً في القتالِ وفي مقاومةِ أي احتلالٍ أو غزوٍ في العالمِ.