مديرية جبل مراد.. مفتاحُ الحسم والنصر بمأرب…بقلم/منصور البكالي
يُصابُ العدوانُ الأمريكيُّ السعوديُّ والمرتزِقةُ بالذعر للانتصارات المتسارعة لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة على تخوم مدينة مأرب، واقتراب حسم المعركة في هذه الجبهة الاستراتيجية الهامة.
ويؤكّـد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، قبل أَيَّـام أن حسم معركة تحرير مدينة مأرب من الغزاة والمحلتين وأدواتهم الإجرامية “القاعدة” وَ “داعش” بات قاب قوسين أَو أدنى، وباتت مسألة وقت، مشدّدًا على أنَّ “السيادة الوطنية لا تخضع للنقاش”، في إشارة إلى أنه لا يمكن التراجع في استراتيجية التحرير والحسم لما بقي من محافظة مأرب وغيرها من المحافظات اليمنية المحتلّة سواء في جنوب البلاد أَو شرقها.
وتعتبر هذه التصريحات من الناحية العسكرية وبهذا المستوى وفي هذا التوقيت نابعة من منطلق قوة ومعطيات ميدانية وخطط استراتيجية وخيارات متاحة، وأوراق وخيوط متعددة جعلت الجيش واللجان الشعبيّة هم الذين يمتلكون زمام المبادرة ميدانيًّا، في مقابل اختلاط الأوراق والأولويات لدى الأطراف المقابلة، التي باتت في حالة غيرِ مسبوقة من الانهيار، وفي دائرة مغلقة من اليأس والإحباط والتشتُّت على وَقْعِ الهزائم المتتالية.
ويعتبر تحريرُ مديرية جبل مراد تأميناً لاستكمال العمليات العسكرية وتحرير بقية مناطق مديرية الجوبة القريبة من حقول صَافِر النفطية، والتي يبعد مركز المديرية عنها نحو 25 كم عن مدينة مأرب، آخر معاقل مرتزِقة العدوان وأدواتهم القاعدة وداعش.
ويقول الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، العميد عزيز راشد: إن من الأهميّة العسكرية لجبل مراد أن قوات الجيش استطاعت أن تفصل قوات العدوّ عن بعضها البعض، وهذا ما يحرمها من التعاون فيما بينها، ويسهل المهمة العسكرية المهاجمة على قرب حسم المعركة مبكراً، ولا معنى للإسناد الجوي الذي يعول عليه العدوّ والمرتزِقة؛ لأَنَّه ثبت فشله أمام القرار العسكري والخبرة القتالية في التعامل مع سلاح الجو المعادي، إلى جانب أن مديرية جبل مراد ستتحول إلى قاعدة عسكرية للتدريب والتأهيل والحشد والدعم اللوجستي الهام والمُستمرّ، حسب انتخاب قادة السرايا للمكان المناسب.
ويضيف العميد راشد في تصريخ خاص لصحيفة “المسيرة” أن الأهميّة العسكرية الاستراتيجية لاستعادة “جبل مراد” تكمن في قطع الإمدَاد على قوى العدوّ والسيطرة عليها من الناحية الجنوبية، وبعد التخطيط المحكم للقيادات اليمنية واكتسابها للخبرات استطاعت أن تخطط وتستطلع وتنفذ وتتمرس في جميع المجالات، وضمنها تلك المديريات المحيطة بمدينة مأرب خَاصَّة الجوبة ومناطقها الممتدة إلى منطقة الجديد، وباكتمال هذه السيطرة فالجيش واللجان الشعبيّة يخترقون العدوّ من ثلاثة اتّجاهات سواء من المناطق الغربية التي تم قتال العدوّ وحصره في تلك الزاوية، وَأَيْـضاً من الناحية الشمالية بمحاذاة الجوف، وبالتالي تمكّن جيشنا ولجاننا من التضييق على العدوّ من الاتّجاهات الشمالية والغربية والجنوبية ولا يكون أمامه غير معبر واحد نحو منطقة “العبر” لكي يكون ملاذاً آمناً ليهربوا بجلودهم وما أخذوه من العتاد والآليات العسكرية.
ويتابع راشد بقوله: “اشتراك الجانب القبلي والعسكري في استعادة مديرية جبل مراد كان له دورٌ فاعلٌ وأهميّة كبيرة تمكّن الجيش واللجان الشعبيّة من التبادل الناري مع قوات العدوّ وتأمين القوى وتصويب الضربات العسكرية باتّجاه أرض العدوّ وتسديد الضربات في الأماكن المراد ضربها، وباتت عيون ونيران جيشنا ولجاننا مفتوحةً ومطلة على أراضي العدوّ كاملةً”.
ومن الناحية الاجتماعية يقول راشد: “تحول قبائل مديرية جبل مراد إلى ذخيرة وحاضنة شعبيّة يمكن الاستفادة منها ولم تعد ذخيرة وحاضنة للعدو، حَيثُ كان العدوّ يعول على جبل مراد وقبائله الذين يقاتلون إلى صف العدوّ في السابق، وبالتالي لم تعد ملاذاً وبيئة حاضنة لعناصر القاعدة وداعش وأدوات العدوان، بل تحولت إلى منطلق للنصر واستعادة المدينة ومناطق النفط والغاز والكهرباء كاملةً، وليس أمامهم غير تنفيذ المبادرة التي أعلن عنها قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- أَو الالتزام بتوجيهات القوة العسكرية.
ومن الناحية السياسية، فَـإنَّ انضمام جبل مراد واكتمال تطويق المدينة والوادي من الجهات الثلاث يعتبر منطلقاً يعجل بتحرير كامل المحافظة، وهذا يعني سقوطاً لما يسمى “الشرعية”؛ لكون المدينة آخرَ معاقلها الحصينة في الشمال اليمني، وسقوط شمّاعة ومبرّر تحالف العدوان الذي يزعم حماية “الشرعية”، وضياع جهود سنوات طويلة ومضنية من الحرب والتمويل اللا محدود، في مقابل صفر نتائج وصفر إنجاز وصفر مكاسب، كما أنّ معركة مأرب تحدّد مصير حكومة الفنادق التي لم يعد لديها مأوًى في اليمن، وليس مرحَّباً بها في الجنوب، ولا وجودَ لها في الشمال.
انتصار للحكمة
ومن الناحية القبلية، يقول الشيخُ علي ناصر أبو عشة وهو من كبار وجهاء قبيلة مراد، ومدير مديرية العبدية: إن انضمامَ قبائل مديرية مراد إلى صفوف الجيش واللجان الشعبيّة يعد انتصاراً للحكمة اليمانية ولقيم ومبادئ الأُخوَّة الإيمانية، والأسلاف والأعراف القبَلية الأصيلة التي لا تقبل الغزاة والمحتلّين، وكانت ولا تزال منبعاً للإباء والشهامة والمروءة، داعياً أبناءَ ووجهاءَ قبائل مديريتي مدينة مأرب والوادي إلى تحكيم صوت العقل والمنطق وسرعة التفاعل مع مبادرة قيادة الثورة، وما تحمله الوساطات القبلية من حلول لإخراج أدوات العدوان “القاعدة وداعش” من بين السكان والتسليم للسلطة المحلية، وحفظ وصون الدم اليمني، والممتلكات العامة والخَاصَّة، والدخول في الأخوة الإيمانية ووحدة الصف لمواجهة الغزاة والمحلتين وأدواتهم، واستعادة استقلال وسيادة وحرية شعبنا اليمني العظيم.
ويواصل الشيخ أبو عشة قائلاً: “قبائل مديرية جبل مراد وبالتنسيق مع الجيش واللجان الشعبيّة قدمت نموذجاً وطنياً شجاعاً لبقية القبائل اليمنية في المحافظات والمناطق المحتلّة لتحذو حذوها وتسارع بالتنسيق مع الجيش واللجان الشعبيّة واغتنام العفو العام ومبادرات القيادة السياسية، وتترك القتال في صفوف الغزاة والمحتلّين وتلتحق بصفوف الجيش واللجان الشعبيّة للذود عن حياض الوطن وكرامته ومقدرات شعبه، وتحرير السيادة الوطنية وكل شبر من التراب اليمني من دنس الغزاة والمحتلّين ومرتزِقتهم”.