محور المقاومة يتبنى.. الأخطر من الصفعة الإيرانية للأميركيين أتى من اليمن
الحقيقة/إبراهيم الوادعي :
يمكن فقط فهم أن التقليل من أثر ووقع الضربة الأولى التي تتعرض لها القواعد الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية تسوقه الإدارة الجمهورية في البيت الأبيض لدواعي زيادة فرص انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية، وهربا من استحقاقات الرد المفترض والذي هدد به ترامب طهران.
بالنسبة الى السعودية والامارات ومن على شاكلتهما من الأنظمة خصوصا في منطقة الخليج حيث يتركز الوجود الأعظم للقوات الامريكية في منطقة الشرق الأوسط ، فإن المضي سياسيا واعلاميا في محاولة محو اثر الصفعة الإيرانية التي تعرض لها الامريكيون في العراق – قصف قاعدة عين الأسد ومطار أربيل – بصواريخ الحرس الثوري الإيراني – بحسب ما وصفها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران السيد علي الخامنئي بعد ساعات بالقول وجهنا صفعة الى الأمريكيين والانتقام شيء اخر ، هو أسلوب انتحاري تمضي به الأنظمة السياسية الخليجية قد لا يضاعف من خسائرها على الرصيد الشعبي والمالي جراء ابتزاز الإدارة الأمريكية المستمر لها، في الوقت الراهن وإنما قد يودي بها إلى النهاية الحتمية، فالحامي الأمريكي أصبح يتعرض للضرب ، ومن لا يدفع عن نفسه لا يحمي حلفائه
في حرب الخليج الأولى تخلى نظام الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر علنا عن حماية سفن النفط الخليجية في نهاية المطاف بعد تعرض القطع البحرية الامريكية لحوادث الألغام والاستهداف من قبل الإيرانيين ، حينها استهدف الإيرانيون منشئات نفط على ضفة الخليج المقابلة ولم تتحرك الولايات المتحدة لحماية الحلفاء بل نكث كارتر بوقاحة بكل عهوده لدول الخليج التي قدمت المليارات لصدام حسين في حرب الخليج الأولى ، وهذا النهج الأمريكي اضحى علانية واشد وقاحة مع ساكن البيت الأبيض الحالي ، الذي كشف قبل أيام عن إيداع السعودية مبلغ مليار دولار إضافي تكلفة مضاعفة القوات الامريكية في السعودية لحماية منشئات النفط .
النظام الإسلامي في إيران اختار أن يكون هو صاحب الضربة الأولى والتي كانت من الخطورة بمكان، وصفها أحد قادة الحرس الثوري بأن الاستنفار لم تشهد إيران له مثيلا منذ قيام الثورة الإسلامية على يد الإمام الخميني الراحل سلام الله عليه، مبرقا بذلك إلى كل الحلفاء برسالة وفاء والتزام وتقدم للصفوف في الخيار الاستراتيجي لطرد الأمريكي من المنطقة ، والذي اضحى العنوان العريض للرد على اغتيال الولايات المنتحدة لقائدين كبيرين في محور المقاومة الحاج قاسم سليماني قائد فيلق القدس في ايران، والحاج أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق.
وفيما حكما العراق موضوع في خانة الرد على الأمريكي باغتياله ثاني شخصية قيادية للحشد الشعبي الحاج أبو مهدي المهندس، وحزب الله منخرط بالرد على اغتيال القائدين في محور المقاومة لماقدماه من دعم كشف عنه سماحة السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله في خطابيه عقب عملية الاغتيال وفي ذكرى اتبين الشهيدين الكبيرين ، أتت الرسالة الأخطر والمغايرة لكل التوقعات من اليمن.
السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي قائد الثورة الشعبية في اليمن وفي خطابه بمناسبة ذكرى الشهيد السنوية ، استكمل توصيف عملية الثأر للشهيدين من الناحية الدينية والملزمة لكل المسلمين ، وتجاوز ذلك الى تجديد الدعوة وبشكل واضح هذه المرة ، دعوة إلى واحدية الجبهات ، وجعل الميادين المتعددة واتلتي فتحها الأمريكي في اكثر من بلد بالمنطقة ميدانا واحدا تتناغم فيه اركان محور المقاومة لصالح النصر الكبير والاستراتيجي ، وذلك أن تحقق فسيكون من الخطورة بمكان في ظل الحرب التي فتحتها واشنطن في العراق وسوريا ولبنان الذي ينتظر تفجر الأوضاع فيه ، وقبلا اليمن الذي يواجه منذ خمس سنوات اقسى الحروب والحصار.
وللتبسيط فإن ارتكاب الأمريكي أو أحد من حلفائه جريمة في اليمن على غرار ما درج عليه التحالف الأمريكي السعودي طيلة 5 سنوات، لا يعني أن عليه انتظار الرد من اليمن، ولا يفترض بالميدان اليمني أن يكون هو ساحة الرد، بل عليه أن يتوقع الرد في أي ميدان اخر بالمنطقة، عبر اختيار نقطة الضعف للعدو وضربها أينما كان، وهذا الأمر يشكل عامل قوة إضافي لمحور المقاومة وعامل ردع أكثر للأمريكي وحلفائه، ومبعث سبب للخلاف بين حلفاء الولايات المتحدة الامريكية الذين تجمعهم نزعة العدوان وطلب الاحتماء فيما قلوبهم شتى ومصالحهم متضاربة.
وبمفهوم أوسع يشير متابعون الى أن دعوة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لواحدية العمل المقاوم والجبهات سيجعل من الصعب على الأمريكي والإسرائيلي الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية واستضعافها ، وشن الحرب عليها كلما أراد الإسرائيلي والامريكي ذلك ، فيما تقدم الأطراف الأخرى في المحور مساعداتها على خجل، وذلك هو الشق الثاني والجريء بطرح السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ، والحال ذاته بالنسبة الى حيث المؤامرة نضجت باتجاه الحشد الشعبي واستهدافها سياسيا وعسكريا بيد أمريكية وإسرائيلية مباشرة ، ولبنان الذي يقف اليوم على صفيح ساخن .
من شأن تحرر محور وأطراف محور المقاومة من العامل النفسي الذي خلقه حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقود وأطلقوا عليه الصبغات الدينية ، حتى أضحى التعاون مع إيران الشيعية او حزب الله او حماس جريمة تستوجب التوضيح وإصدار بيانات البراءة فيما التطبيع مع أمريكا وإسرائيل النصرانية واليهودية المعاديتين للمسلمين لايثير غضاضة.
ظهور قائد القوة الجو فضائية في الحرس الثوري أمير علي زاده وخلفه إعلام محور المقاومة، في اليوم التالي لخطاب احد اهم اركان محور المقاومة اليوم واشجعهم على الاطلاق اليوم ،مؤشر على أن دعوة السيد عبد الملك لاقت الاهتمام من قبل الأطراف جميعها في محور المقاومة بما في ذلك قيادة الثورة الإسلامية في إيران، وقد نشهدها برنامجا عمليا في المرحلة المقبلة لمحور المقاومة ، وهي شاهد إضافي بعد ابتداء ايران بقصف الأمريكيين بشكل مباشر على ان العلاقة في محور المقاومة علاقة تحالف وتعاون ندي الهدف منه تحقيق مصلحة الإسلام والأمة الإسلامية ، وليس علاقة تابع ومتبوع ولتحقيق مصالح غير المسلمين كما هو الحال في الحلف الأمريكي بالمنطقة .
وللإنصاف تاريخيا فهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي محور المقاومة للعمل بتنسيق عال وعلني ، يطال كل ميادين المواجهة في المنطقة ، فقد سبق له سلام الله عليه في خطابات سابقة وخاصة عقب الهجوم الأمريكي الصهيوني والذي قتل قادة ومقاومين من حزب الله في سوريا للدعوة توحيد الميادين في مواجهة الحلف الأمريكي الصهيوني و إنشاء غرفة عمليات إقليمية مشتركة تضم اطراف محور المقاومة لاتقتصر بشكلها الحالي على سوريا كما هو الحال القائم حاليا بل تمتد لتشمل كل الميادين المشتعلة في المنطقة، انطلاقا من كون العدو هو ذاته الذي يضرب في اليمن ،ويضرب في سوريا واليوم ضرب في العراق ، ومن المتوقع غدا ان يضرب في لبنان مع صول مؤامرة التظاهر السياسي ضد حزب الله الى حائط مسدود.
الضربة الإيرانية للأمريكيين في العراق شكل التزاما عمليا بتقدم النظام الإسلامي في ايران الصفوف في تدشين الخيار الاستراتيجي بإخراج القوات الأمريكية من المنطقة ليعمها الهدوء والسكينة، قد يبدو الأمر صعبا لكن الظروف مواتية على كل حال ، والأمريكي قد فتح جبهات في معظم البلدان.
واستراتيجية واحدية الجبهات التي دعا اليها الطرف اليمني ستجعل من كلف تحقيق ذلك الخيار قليلة او مقبولة لدى كل الأطراف ، وأقصر مدى ، بما في ذلك هزيمة العدوان في اليمن ورفع الحصار عن شعبه ، ووأد أحلام الأمريكي والاسرائيلي و السعودي في هذا الجزء الاستراتيجي والحيوي من اقطار الامة الإسلامية سيصبح هو الاخر أقرب من ذي قبل