محطات يمنية في حرب الإسناد لغزة

في العاشر من أكتوبر رسم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” معادلة المشاركة الفعلية في حرب إسناد غزة ، على قاعدة “لستم وحدكم”.
– عندما دخل الشعب اليمني الحرب إسنادا لغزة في الثامن عشر من أكتوبر كان التطور لافتا ومثيرا ومخيفا في الوقت نفسه.
– حتى الثلاثين من أكتوبر 2023 كان اليمن قد نفذ ثلاث عمليات بالصواريخ والطائرات المسيرة على أم الرشراش
– كان الجميع ينظر إلى هذا الدخول كتطور لافت في الحرب لكن اليمن لم يكن قد أتى بكل ما لديه من مفاجآت.
في الرابع عشر من نوفمبر أعلن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” عن فتح جبهة البحر الأحمر، وقال في كلمته التاريخية تلك “في البحر الأحمر عيوننا مفتوحة للرصد الدائم، والتعقب للسفن الإسرائيلية التي تتخفى وتموه وتطفئ أجهزة التعارف…وسنظفر بهم وسننكل بهم”
وبعد خمسة أيام فقط كان العالم يشاهد استيلاء القوات المسلحة على السفينة الإسرائيلية جلاكسي ليدر ، والتي كان أبطال القوات البحرية يقتادونها إلى السواحل اليمنية.
وقد أحدثت تلك المفاجأة ما أحدثته من ردات فعل عالمية.

أحكمت اليمن الحصار على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب ، وكانت القوات المسلحة تتعقبها بواسطة زوارق وطرادات بحرية تقوم بملاحقة السفن بين الامواج العاتية.

لكن في ال 31 من ديسمبر 2023، قامت القوات الأمريكية باستهداف زوارق البحرية اليمنية، فاستشهد أبطال البحر العشرة، وكانت تلك الدماء الزاكية التي أصبغت مياه البحر الأحمر وقودا حافزا ليبدأ اليمن مرحلة جديدة من حرب الإسناد.

في التاسع من يناير ردت اليمن على الاعتداء الأمريكي بعملية وصفها البنتاغون بالعملية المعقدة ، حيث استخدم اليمن مزيجا من الصواريخ والمسيرات على شكل موجات من الهجمات استهدفت السفن الأمريكية والقطع البحرية المتواجدة في البحر الاحمر.
وقتذاك كان ميناء أم الرشراش قد توقف تماما، فقد فشلت القطع الأمريكية والبريطانية والغربية في حماية السفن الصهيونية والمتوجهة إلى الكيان الصهيوني، وفي وقت لاحق أعلن الميناء إفلاسه وتسريح عماله.

ذلك الفشل في حماية السفن الإسرائيلية دفع بأمريكا إلى شن الحرب على اليمن، وصباح الجمعة الثاني عشر من يناير 2024 م ، بدأت أمريكا وبريطانيا شن عدوان جوي على اليمن ، استهدف عشر محافظات يمنية بعشرات الغارات.
ردت اليمن بوضع السفن والملاحة الأمريكية والبريطانية والقطع الحربية والعسكرية الأمريكية والبريطانية في دائرة الاستهداف ، وبدأت مرحلة جديدة من الحرب المباشرة مع أمريكا وبريطانيا ، وواصلت استهداف إسرائيل بالصواريخ والمسيرات.

واصل العدو الأمريكي البريطاني استهداف اليمن بموجات من الغارات الكثيفة ، وواصل اليمن استهداف القطع الحربية والسفن الأمريكية والبريطانية ، وفي مفاجأة لم تكن في الحسبان ، بدأ باستخدام الصواريخ الباليستية المضادة للسفن ، وكانت العملية الأولى متوجهة على المدمرة يو إس إس مايسون ، في خليج عدن.
حينها كتب سبيستيان روبلين مقالا في مجلة بوبيلار ميكانكس الأمريكية التي تهتم بالمواضيع العلمية والتقنية: قال فيه :
بأن عصر حرب الصواريخ الباليستية ضد السفن قد بدأ..وتحت عنوان ”
ربما شهدنا للتو أول هجوم صاروخي باليستي مضاد للسفن في العالم”. قال إن من المؤكد بأن الضربة الباليستية تدخل العالم إلى حقبة حرب الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، وأن الحوثيون أدخلوا العالم إلى حقبة الحرب الباليستية المضادة للسفن.
وعندما آخذت حرب الصواريخ المضادة للسفن مسارا مميتا للسفن التي احترقت في عرض البحر كالسفينة البريطانية التي ظلت تحترق يومين ، والسفينة توتور التي غرقت في البحر ، قالت صحيفة التليغراف البريطانية: “لقد تم صنع التاريخ عندما تم استخدام الصواريخ الباليستية ضد السفن الحربية بشكل حقيقي”.
في مايو استهدف العدوان الأمريكي مبنى إذاعة الحديدة، ومنشآت أخرى ، وسقط في العدوان 14 شهيدا ، رد اليمن باستهداف حاملة الطائرات إيزنهاور بشكل مباشر ، وواصل عمليات الاستهداف التي أنكرها الأمريكيون ، فأعلن السيد القائد حفظه الله ، بأن الحاملة صارت أهدافا يومية سواء وصلت الصواريخ أم لم تصل.
في 19 من يونيو 2024 ، استهدفت القوة الصاروخية حاملة الطائرات إيزنهاور بعدد من الصواريخ الباليتسية ، وتلك الصواريخ كانت صواريخ فرط صوتية أدخلها اليمن إلى ساحة المعركة للتو ، وقد رأي الأمريكيون بأن دخول هذا النوع من الصواريخ صار قاتلا للحاملة إيزنهاور وقد هربت مذعورة تحت الضربات الصاروخية ، وخرجت من البحر الأحمر وعادت إلى فيرجينيا موطنها الأصلي.
لاحقا اعترف جنرال أمريكا بقوله “أن تلك الصواريخ وصلت على مسافة 200 متر من الحاملة” ، وهو اعتراف قريب من الحقيقة التي تؤكد بأن الحاملة قد أصيبت في تلك الضربة.

ظل اليمن يفاجئ العدو والصديق ، فوسع عملياته نحو البحر العربي وصولا إلى المحيط الهندي ، وإلى البحر الأبيض المتوسط ، عندما أعلن المرحلة الرابعة ، ثم أعلن المرحلة الخامسة من التصعيد وعنوانها “يافا غير آمنة”

سجلت عملية “يافا” التي نفذتها القوات المسلحة بمسيرة يافا مستهدفة هدفا حساسا في تل أبيب ، هزة كبرى داخل الكيان الصهيوني ، وبتلك العملية أعلن اليمن المرحلة الخامسة من التصعيد ، وأعلن أن يافا غير آمنة.

وقبل ان يستوعب العدو الصهيوني الصدمة ، استخدم اليمن الصواريخ الفرط صوتية فلسطين 2 ، ونفذ ضربات مكثفة على العدو ، وبعد تحضيرات قام العدو باستهداف موانئ الحديدة ومحطة الكثيب ، ثم بعدوان آخر استهدف الموانئ ومحطة حزيز ، ثم عدوان ثالث استهدف المطار ومحطة حزيز وخزان في الحديدة ، وكانت اليمن تصعد من عمليات الإسناد لغزة مع كل عدوان ينفذه العدو الصهيوني.
مؤخرا صعد اليمن من عملياته ليجعل أكثر من خمسة مليون إسرائيلي بلا نوم ، ليشكل بعملياته ضغطا نفسيا وعسكريا موجعا على العدو الصهيوني.

تواصلت عمليات اليمن في الأسابيع الأخيرة ، وسع اليمن من استهداف الكيان الصهيوني ، وصعد من العمليات ، ومع توسيع العمليات حضرت أمريكا لعدوان شامل يستهدف اليمن ، واجهته القوات المسلحة بنيران مباشرة كانت تستهدف مصادر التهديد وحاملات الطائرات بدء من الحاملة لينكولين ، ثم ترومان التي استهدفت للمرة السادسة.
خلال هذه الحرب أسقطت اليمن سمعة فخر الصناعات الجوية أم كيو9 ، استخدمت أمريكا القاذفات الشبح “بي52” ، وفشلت في تحقيق أي انجاز ، ثم وخلال استخدام البحرية الامريكية للطائرات إف/إيه-18إي/إف سوبر هورنت ، واجهت اشتباكا عنيفا بالصواريخ المجنحة أدى ذلك الاشتباك إلى إسقاط طائرة وإصابة أخرى في واحدة من أسوأ الانتكاسات التي تلحق بالقوات الأمريكية.

حاول الأمريكي مرارا وتكرارا تنفيذ عدوان شامل يستهدف البنى التحتية في اليمن ، لكن القوات المسلحة وضعت خطتها الدفاعية بالهجوم الناري المباشر ، أي مواجهة النيران بنيران مباشرة ، فما إن تبدأ الطائرات بالإقلاع من حاملة الطائرات في البحر إلا وتبدأ الصواريخ والمسيرات بالاستهداف للحاملة والقطع الحربية المرافقة ، ما يجعل القوات الأمريكية مشغولة بالدفاع عن نفسها ، ويبقي ساحة الاشتباك في البحر بعيدا عن المدن والبنى اليمنية.
اليوم وإذ تعلن غزة انتصارها ، نستذكر بعض الأحداث التي مرت بها جبهة الإسناد اليمنية ، التي واجهت تحالفين في البحر ، وأفزعت صواريخها أسابيع عديدة الملايين من اليهود الإسرائيليين.

قد يعجبك ايضا