محاولة أميركية «أخيرة» للتهدئة: صنعاء تُعدّ لتصعيد كـبير

تعيش إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في آخر أيامها، حالة تخبّط في شأن اليمن؛ إذ بعد أن شنّ الطيران الأميركي والبريطاني غارات جوية على البلاد، عادت واشنطن لتَعرض خفض التصعيد على صنعاء، مقابل وقف الأخيرة تصعيدها بوجه الكيان الإسرائيلي. وكشفت مصادر مقرّبة من حكومة صنعاء، لـ»الأخبار»، عن حراك أميركي جديد يهدف إلى إنهاء الهجمات اليمنية على إسرائيل، تحت مبرّر إتاحة الفرصة للوساطات الدولية الرامية إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وهو طلب سبق أن تقدّمت به الولايات المتحدة في كانون الثاني الماضي، فيما لم يتم تنفيذ الوعود الأميركية حينها بوقف جرائم الإبادة في القطاع. وقالت المصادر إن إعادة تحريك الوساطة العمانية في اليمن، عبر زيارة وزير خارجية السلطنة، بدر البوسعيدي، إلى طهران، هدفت إلى إيجاد إطار واسع للدفع نحو اتفاق في اليمن، مؤكّدة أن واشنطن تسعى للتوصل إلى اتفاق يتضمّن إغلاق جبهة الإسناد للقطاع قبل رحيل الإدارة الحالية. وتزامن ذلك مع تأكيد «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، فشل العمليات الأميركية والبريطانية في اليمن، ووصفه تأثيرها بـ»المحدود»، على رغم تكثيف الغارات على الأراضي اليمنية. وأشار المعهد، في تقرير، إلى حاجة أميركا إلى تحالفات إقليمية قوية، وهو ما فشلت في تحقيقه على مدى الأشهر الماضية.
في المقابل، أكّد مصدر سياسي مطّلع في صنعاء، لـ»الأخبار»، أن «موقفنا تجاه غزة لا يقبل المقايضات، ولا يزال ثابتاً كما كان قبل عام». واعتبر أن «لجوء واشنطن إلى الخيار الدبلوماسي بين فترة وأخرى، وخاصة في اتجاه طهران، يأتي في إطار محاولات إثبات عدم استقلالية القرار العسكري اليمني لا أكثر»، مؤكداً أن «قرار الحرب على غزة في واشنطن». ويأتي ذلك وسط استعدادات عسكرية يمنية كبيرة للدخول في مرحلة تصعيد جديدة واسعة النطاق، مع دخول العام الجديد. ووفقاً لأكثر من مصدر عسكري مطّلع في صنعاء، فإن «القادم أعظم مما مضى، وإن صنعاء تمتلك مفاجآت عسكرية كبيرة للعدو، بعد أن تمكّنت من رفع معدّل قدراتها العسكرية خمسة أضعاف ما كانت عليه خلال السنوات الماضية، وبنت قوات احتياط يتجاوز قوامها 600 ألف مقاتل استعداداً لأي مواجهات مع العدو الإسرائيلي وداعميه». ويشير المصدر إلى «استمرار تحشيد القبائل اليمنية واستنفارها في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء منذ أيام، رداً على التهديدات بتفجير الوضع الداخلي وفتح الجبهات تحت ذريعة إنقاذ اليمن من التدمير الإسرائيلي والغربي، وتأكيد الإعلام العبري أخيراً اقتراب فتح جبهات برية ضد الحوثيين».

القبائل اليمنية تواصل استعراضاتها المسلّحة دعماً لـ«أنصار الله»

وفي الوقت الذي نظّمت فيه المنطقة العسكرية السادسة عرضاً عسكرياً كبيراً خلال الساعات الماضية، تحدّث موقع الجيش في صنعاء عن تخريج آلاف من المقاتلين في إطار «قوات التعبئة والإسناد لغزة» في الضالع وريمة وحجة والحديدة، بالتوازي مع إعلان النفير العام من جانب قبائل في محافظات ريمة والمحويت وذمار وإب وصنعاء وصعدة، واستعراضها أسلحتها، وتأكيدها تضامنها مع الشعب الفلسطيني ودفاعها عن موقف اليمن المساند لغزة. ونظّمت قبائل نهم، والتي تُعدّ واحدة من أكبر القبائل شرق صنعاء، أولَ أمس، استعراضاً مسلّحاً لتأكيد جاهزيتها للمعركة، معلنةً، في بيان، الاستمرار في مواجهة العدوان الصهيوني بكل الوسائل، وجازمة أن التهديدات الأميركية – الصهيونية لا تخيف اليمنيين. وكانت قبائل طوق صنعاء في بني حشيش وبني مطر والحيمة وخولان، والتي تشكّل درعاً واقية لحماية العاصمة، قد أعلنت موقفها ضدّ أي تفجير للوضع الداخلي، مؤكدة أن الاستنفار القبَلي في اليمن يُعدّ بمثابة إعلان حرب غير رسمي ضد الأعداء ووسيلة ردع استباقية لأي تصعيد.
كذلك، لمّحت مصادر عسكرية مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن قوات صنعاء تسعى لإدخال صواريخ باليستية جديدة إلى الخدمة خلال الفترة المقبلة، وتحدّثت عن وجود ترسانة صاروخية كفيلة بردع أي عدوان إسرائيلي ـ أميركي مشترك على اليمن، وفرض معادلات جديدة في المواجهة البحرية مع الكيان الإسرائيلي. وتوقّعت المصادر تصاعد العمليات اليمنية ضد الكيان، خلال الشهر المقبل، إلى مستويات غير مسبوقة، بعد أن تجاوز إجمالي العمليات أكثر من 27 خلال الشهر الفائت. ولم تستبعد أن تشمل المفاجآت تطوّراً لافتاً في الدفاعات الجوية لصنعاء، مشيرة إلى أن عملية إسقاط طائرة أميركية من طراز «إم كيو – 9» في محافظة البيضاء، منتصف الأسبوع الجاري، ثم طائرة أخرى من النوع نفسه في أجواء مأرب، تؤكد تعاظم دفاعات صنعاء الجوية، موضحةً أن «طائرة مأرب» هي الـ15 التي يتم إسقاطها منذ بداية الهجمات اليمنية.

رشيد الحداد

قد يعجبك ايضا