مجلة The Cradle الأمريكية : صنعاء تفقأ عين واشنطن…: عدد أفراد شبكة التجسّس أكبر مما أعلن عنه بكثير

صنعاء تفقأ عينًا أميركية… معلومات لـ The Cradle: عدد أفراد شبكة التجسّس أكبر مما أعلن عنه بكثير

تمثل عملية الكشف عن شبكة التجسّس الأميركية الإسرائيلية التي قامت بها صنعاء علامة فارقة تاريخية في معركة اليمن من أجل السيادة، وتفكيكًا لعقود من التجسّس الأجنبي والتخريب لإبقاء اليمن ضعيفًا.

“إنجاز استخباري استراتيجي”، هكذا مهّدت صنعاء الطريق أمام الكشف عن أحد أكبر شبكات التجسّس الأميركية – الإسرائيلية التي عملت في اليمن. جهد دام لسنوات، نجح في تفكيك “شيفرة” عمل الشبكة التجسّسية التابعة للإستخبارات الأميركية، وتوقيف أفرادها والكشف عن أساليب العمل وإتمام المهام الموكلة إليها وأهدافها وكيفية التجنيد.

قبل أيام، أعلن رئيس جهاز الأمن والاستخبارات في العاصمة اليمنية، اللواء عبد الحكيم الخيواني، عن توقيف شبكة التجسّس الأميركية – الإسرائيلية كاشفًا عن المهام الموكلة إليها والتي تطال مختلف مناح الدولة، عسكريًا، اقتصاديًا واجتماعيًا، وكيفية عملها وتستّر غالبية أعضائها تحت عباءة الأمم المتحدة ومنظّمات أخرى بعد أن استغلوا صفاتهم الوظيفية في السفارة الأميركية قبل عام 2014 لتنفيذ أنشطتهم التخريبية.

وأوضح اللواء الخيواني أن الشبكة تملك أجهزة تجسّس حديثة وهي على تواصل مع ضباط الاستخبارات الأميركية، وقد تم كشف أسماء بعضهم مع صورهم ضمن الاعترافات التي تم بثها.

وتؤكّد معلومات خاصة لـ The Cradle أن الأجهزة الأمنية اليمنية بدأت بتوقيف عناصر الشبكة بين أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022، وأن عدد الموقوفين أكبر بكثير ممّن تم بث اعترافاتهم وعددهم عشرة أفراد.

وحول بث الاعترافات تباعًا، تؤكّد المعلومات الخاصة “أن الاعترافات الجاهزة للبث تبلغ مدتها مائتي ساعة، فيما لا يزال هناك اعترافات كثيرة يعمل على تجهيزها للبث ووضعها أمام الرأي العام اليمني والعالمي”.

أما فيما يتعلّق بتوقيت الإعلان عن الشبكة ومهامها وبث اعترافات عشرة من أفرادها، تشير معلومات  The Cradle إلى أنه مرتبط بأمرين:

-الأول، وهو تقني مرتبط باستكمال الإجراءات الخاصة بالتوقيف وسحب الإعترافات والوصول إلى كافة الضالعين فيها.

-والثاني مرتبط بحالة الاشتباك القائم مع الأميركيين والإسرائيليين على خلفية حربهم على قطاع غزة.

 مهام الشبكة (حسب البيان الرسمي):

-السعي إلى كشف مصادر تمويل الجهات العسكرية.

-إدارة أنشطة استخباراتية تستهدف القدرات العسكرية اليمنية.

-رصد التحركات العسكرية والقدرات الاستراتيجية للقوات اليمنية ورفع إحداثيات إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

-تزويد أجهزة الاستخبارات المعادية بمعلومات مهمّة عن مختلف الجوانب في القطاع الرسمي وغيره.

-اختراق سلطات الدولة وتمرير قرارات وقوانين بعد التأثير على صانعي القرار في الدولة (خلال عقود من عملها)

-استقطاب شخصيات يمنية وتنسيق زيارات لها إلى الولايات المتحدة للتأثير عليها وتجنيدها.

-تجنيد اقتصاديين ومالكي شركات نفطية وتجارية وربطهم بالاستخبارات الأميركية والإسرائيلية.

-ممارسة أدوارا تخريبية وتدميرية للزراعة عبر إفشال الهيئات البحثية الزراعية ومراكز إكثار البذور وتجنيد عدد من الجواسيس في وزارة الزراعة وإنتاج وإكثار الآفات الزراعية والسعي لضرب الإنتاج المحلي.

-تنفيذ مشاريع وبرامج تستهدف المجال الصحي أسهمت في نشر الأمراض والأوبئة في مختلف المحافظات اليمنية.

-تنفيذ مخططات تدميرية أخرى طاولت العملية التعليمية وفصل التعليم عن البناء والتنمية.

وقد تمكّنت الشبكة عبر عقود من الزمن من التأثير على صانعي القرار واختراق سلطات الدولة.

كما هو واضح مما أعلنته الأجهزة الأمنية اليمنية فإن المهام التي أوكلت للشبكة ونفّذ الكثير منها يعود إلى عقود من الزمن، وهو ما يبيّن حالة الخرق الكبير للدولة، وكذلك إبقاء اليمن في حالة من الضعف على الصعد كافة بما يحقق مآرب دول في المنطقة وكذلك واشنطن.

حجم الإنجاز اليمني، تعكسه تصريحات أممية وغربية لعل أبرزها لوزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين الذي أجرى اتصالًا بوزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي بحث خلاله مسألة توقيف صنعاء “موظفين أمميين ودبلوماسيين”، حسب بيان صادر عن الخارجية.

يعد الإتصال الأميركي تأكيدًا واضحًا وصريحًا على حجم الإنجاز، بغض النظر عن تقديم هؤلاء كضحايا من منطلق عملهم الحالي ضمن منظمات أممية ودولية. وجرت العادة عند اتصال الأميركيين بالعمانيين أن يكون الأمر مرتبطًا بالسعي إلى وساطة مع السلطات اليمنية في صنعاء.

 كيف تستفيد صنعاء من كشف عمل الشبكة؟

لا شك بأن صنعاء تتعرّض لعدوان متعدّد الأوجه، فهي منذ تسع سنوات تشهد حربًا عسكرية وحصارًا اقتصاديًا وماليًا وحرمانًا من الثروات الوطنية منها النفطية وحربًا على بنكها المركزي، وهو ما خلق أمامها الكثير من التحديات.

خلال السنوات الماضية كشفت الأجهزة الأمنية العديد من شبكات التجسّس والتخريب والفتنة – كما تصفها – وعملت بعدها على علاجات وفق المهام المناطة بهؤلاء، وبذلك هي كوّنت تصوّرات ساعدتها في مواجهة الحصار، حافظت على سعر صرف العملة، على عكس المناطق المحتلة، ونجحت في إطلاق “الجهاد الزراعي”، وأمور أخرى.

أمام المهام المناطة بشبكة التجسّس الأميركية المكتشفة عسكريًا واقتصاديًا، فإن صنعاء ستستفيد من التالي:

-إعماء أعين الأميركيين والإسرائيليين أكثر فيما يتعلّق بالقدرات العسكرية وما وصلت إليه الصناعات الحربية، وهي عوامل مساعدة في تطوير العمليات الحربية البحرية الحالية.

-ترميم الثغرات داخل الدولة خصوصًا في المراكز الحسّاسة المتعلّقة بسبل الصمود اليمني بمواجهة الحصار على رأسها الزراعة.

-تحسين مناهج التعليم كون أحد مهام الشبكة كان يستهدفها.

-تحصين القطاع الصحي وتطويره بما يساعد على تخفيف معاناة اليمنيين.

-التعامل بحذر مع المنظمات الدولية وأعضائها خصوصًا الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية.

 عمق المواجهة التي تخوضها صنعاء

لا شك أن توقيف الشبكة الحالية، معطوفًا على الانجازات الأمنية السابقة، يعدّ أحد نقاط التحوّل الهامة التي يشهدها اليمن، وهي تشكل عاملًا مساعدًا للمراحل القادمة سواء فيما يتعلّق بالمواجهة الحالية وتطوّرها أو بمستقبل الأزمة اليمنية قاطبة، فمن الصعب أن تسلّم صنعاء بأي حلول قد تنال من المكتسبات الوطنية والسيادية التي حقّقتها خلال سنوات العدوان عليها. وعليه، إن صنعاء، وبرفعها سقف التحدي، تضع في الحسبان أن المواجهة مع الأميركيين وشركائهم مفتوحة، وأن لا عودة إلى الوراء مهما كان الثمن، خصوصًا وأنها تعمل على ترميم نقاط الضعف ورواسب النظام السابق الذي فتح البلاد أمام الإستخبارات الغربية ما مكنها من إضعافه وسلبه قراره السيادي وإيصاله إلى حالة من الفقر رغم ما يختزنه من موارد وثروات تجعله من أهم وأغنى دول المنطقة.

وما توقيف الشبكة الحالية إلا أحد المسارات التي تعمل عليها صنعاء من أجل تحصين الدولة والمجتمع على حد سواء من الإختراق بما يمكنها من مواصلة المواجهة وحماية قرارها السيادي الذي مكّنها من لعب دور إقليمي كبير له تأثيراته يقر به الأعداء قبل الأصدقاء.

 

رابط المقال التحليلي

صنعاء تفقأ عينًا أميركية… معلومات لـ The Cradle: عدد أفراد شبكة التجسّس أكبر مما أعلن عنه بكثير

قد يعجبك ايضا