مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية:البنتاغون قلق من إقحام السعوديين أنفسهم في جحيم اليمن
فاز مجلس الشيوخ الأمريكي، الثلاثاء قبل الماضي، بفارق ضئيل على مشروع قرار كان من شأنه أن يوقف مبيعات تفوق قيمتها 500 مليون دولار من معدات الذخيرة الموجهة بدقة إلى المملكة السعودية مما يمهد الطريق إلى اتفاق يهدف إلى مساعدة الرياض في حربها باليمن.
وتأتي المعارضة الأقوى على صفقة البيع، حيث إن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين في اليمن فاقمت الوضع الإنساني المتردي أصلاً في البلاد. كما أن الهجمات التي تقودها السعودية هي المسؤولة عن خلق كارثة إنسانية، في وقت اكتشفت أكثر من 120.000 حالة إصابة بالكوليرا في الأسابيع الأخيرة.. و18 مليوناً من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة باتوا بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية.
التصويت على هذا الإجراء لوقف الصفقة والذي قدمه السيناتور راند بول كان قد انتهى بنتيجة 53 إلى 47، وقد سانده عدد من أبرز المشرعين الجمهوريين بمن فيهم السناتور مايك لي، وتود يونغ، ودان هيلر.
وكان من بين أبرز المعارضين للصفقة أيضاً السناتور كريس ميرفي وآل فرانكن، واللذان كانا قد حاولا منع بيع ما قيمته 1.1 مليار دولار من دبابات الابرامز إلى المملكة في العام الماضي لكنهما فشلا، ولم يتمكنا من الحصول سوى على 27 صوتا.
هذه الصفقة كان قد تم البدء في التفاوض عليها مبدئياً في إطار إدارة أوباما ولكن الكونغرس لم يوافق عليها أبدا.
صفقة بيع الذخائر الموجهة هذه ليست سوى جزء من عقد أكبر لبيع معدات عسكرية أكبر بكثير من سابقاتها، وهو العقد الذي تبلغ قيمته 110 مليارات دولار، والذي تعهد ترامب مؤخراً بإرساله إلى المملكة خلال زيارته إلى هناك الشهر الماضي.
وبالرغم من الهزيمة، فقد احتفلت عدة جماعات لحقوق الإنسان وجماعات مراقبة و”الحملة ضد تجارة الأسلحة” بنتيجة التصويت، حيث كانت نسبة المعارضين للمبيعات هي أكبر نسبة معارضة منذ أن بدأ مجلس الشيوخ بتناول هذه المسألة مؤخراً.
وقال أندريا براسو من هيومن رايتس ووتش لـ”فورين بوليسي” إن تصويت الثلاثاء “يرسل رسالة واضحة إلى حد كبير بأن العمل لن يكون كالمعتاد بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية”.
وقال السيناتور كريس ميرفي في بيان صدر بعد التصويت إن “ائتلافاً بين الحزبين من أعضاء مجلس الشيوخ أرسل لتوه رسالة كبيرة إلى السعوديين وهي أن واشنطن لها رأي آخر يختلف عن الرياض عندما يتعلق الأمر بالحرب في اليمن”.
وتقول الحكومة السعودية والعديد من مسؤولي الدفاع الأمريكيين إن إيران تدعم الحوثيين في اليمن وتصور التدخل الذي تقوده السعودية هناك كوسيلة للحفاظ على طموحات طهران الإقليمية.
وأضاف ميرفي: “إن تصويت اليوم لم يكن متوقعا منذ وقت ليس ببعيد، لكن الكونغرس بدأ يلاحظ أخيرا أن السعودية تستخدم ذخائر أمريكية بشكل متعمد ومنهجي في ضرب أهداف مدنية داخل اليمن”.
وقال السيناتور تود يونغ، أحد الجمهوريين المعارضين لعملية البيع قبل التصويت “إنه خيار كاذب وخادع لاقتراح أن نختار بين معارضة إيران ومساعدة ملايين الناس الذين يعانون في اليمن”.
تجدر الإشارة إلى أن الحرب في اليمن أسفرت عن مصرع أكثر من 10 آلاف شخص وشهدت العديد من حوادث سقوط ضحايا مدنيين. لكن الغارات الجوية التي شنتها الطائرات السعودية -والتي تستخدم معظمها قنابل أمريكية الصنع- قد أصابت المدارس والمرافق الطبية والأسواق وقاعات عزاء، وفي إحدى الحالات حفل زفاف قتل أكثر من 100 شخص. وقدمت الولايات المتحدة مساعدات أخرى في شكل مخابرات وتزويد بالوقود.
وقد قلصت إدارة أوباما بعض المساعدات الأمريكية في أواخر العام الماضي ردا على العديد من الحوادث التي أسفرت عن إصابات بين المدنيين.
وقال مسؤول سابق في البنتاغون عمل مع حلفاء أمريكيين في الشرق الأوسط مؤخرا أن “الجهود السعودية في اليمن” تدار بلا جدوى” و” مأساوية على حد سواء”. مضيفاً: “إن قادة البنتاغون قلقون من أن السعوديين أقحموا أنفسهم في جحيم حرب لم يتمكنوا من الخروج منها”.
وقبل التصويت مباشرة، خاض السناتور الجمهوري راند بول نقاشاً ساخنا مع السناتور بوب كوركر بشأن التحالف الأمريكي السعودي، وقال بول إنهم “ليسوا حليفاً موثوقاً به”، وأضاف: “إنهم أكثر الناس كراهية للمسيحية واليهودية في العالم، ويجب ألا نبيع الأسلحة للسعودية”.
وقال السيناتور الجمهوري راند بول لزملائه قبل التصويت: “هذه الأمة الهمجية (السعودية) لا ينبغي أن تحصل على أسلحتنا”. واتهم بول المملكة العربية السعودية بمساعدة الإرهاب، ودفع 17 مليون يمني إلى حافة المجاعة، في حين تسجن وتعذب وتقتل خصومها السياسيين.
وأضاف بول: “سيجادل البعض بأن بيع أسلحة للسعودية برنامج عمل. حسناً، أليس ذلك ازدهاراً؟ سنقوم بإعطاء الأسلحة إلى الناس (السعوديين) الذين يقطعونكم ويصلبونكم؟”.
وتابع: “السعودية تسببت بأزمة إنسانية كبيرة في اليمن، وتمول الإرهاب في جميع أنحاء العالم.. يجب وقف تسليحهم الآن”.