مجزرة “غيرنيكا” ومجازر اليمن التي لم يرسمها أحد ؟
عين الحقيقة / سليمان ناجي آغــــــــا
*أين هو (بيكاسو) ليرسم لوحة تختصر بعض هذه المجازر ، والنزف غير المسبوق.. الذي العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
*نريد رسامين يمنيين يوثقون المجازر والمذابح بحق الشعب اليمني ليعبر كل فنان على طريقته عن مآسي الشعب واّماله
*ومع وجود الكاميرات لا يجب ايضاً ان نكتفي بمجموعة من الصور وبث مقاطع الفيديو للمجازر الوحشية لتحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ،يجب أن نرسم لوحة ناطقة *كتلك الّتي رسمها بيكاسو، لوحة استطاعت أن تشرك الناس فيها وكأنّهم عاشوا الواقعة
*كانت مجزرة غرنيكا جريمة ارتكبت في ساعات اما المجازر المستمرة ضد الشعب اليمني فهي متواصلة منذ ما يقارب العامين
*لقد قتل الف انسان بريء في غرنيكا بينما يقتل العدوان السعودي الأمريكي عشرات الالاف من اليمنيين في مجازر ابشع من مجزرة «غرنيكا» بالإضافة الى الانتقام والعقوبات الجماعية
*هل المجازر التي ترتكب بحق ابناء الشعب اليمني أقلّ جُللاً من مذبحة “غرنيكا”؟ المجازر غير قابلة للمقارنة ولا الضحايا تطمح بأن يتنافس بعضها مع بعض
*مجزرة غيرنيكا المروعة هزت ضمير العالم، وكتبت آلاف المقالات والريبورتاجات، وتم نشر عشرات آلاف الصور التي رصدت الحرائق والدخان والركام ودماء الضحايا وأوصالهم المقطعة …فيما المجازر اليمنية يغض العالم الطرف عنها ..وسكوت معيب ومريب ومخجل ومهين ..
(غرنيكا) بلدة صغيرة في شمال إسبانيا، تعرضت للقصف في إبريل (نيسان)عام 1937 بطائرات كتيبة الصقور التابعة للطيران الألماني الهتلري الذي كان يساند الجنرال (فرانكو)، أحد عناصر الثالوث الجهنمي (هتلر – موسوليني – فرانكو).
الطائرات النازية قصفت القرية في يوم السوق الأسبوعي، فدمرتها وأجهزت على كل شيء حي، وقتل أكثر من ثلثي سكان البلدة..
الحادثة المروعة هزت ضمير العالم، وكتبت آلاف المقالات والريبورتاجات، وتم نشر عشرات آلاف الصور التي رصدت الحرائق والدخان والركام ودماء الضحايا وأوصالهم المقطعة.
في ذلك الحين كان الفنان التشكيلي الكبير (بيكاسو) يعيش في باريس، في نفس الوقت الذي كان يشغل وظيفة مدير (متحف البرادو) في مدريد..
خضّت الجريمة بيكاسو، فامتشق ريشته ورسم لوحته الشهيرة (غرنيكا) التي اختزلت تجاربه السابقة..
اللوحة ليست لوحة تاريخية، ولا روبرتاجا أو سردا لحكاية، بل هي عمل فني أراد صاحبه أن يجعل منه رمزا وصرخة منددة بالوحشية ومظاهر اللا إنسانية.
ومميزات اللوحة -كما يتحدث عنها الناقد المعروف محمد اليانقي- كثيرة، فهي تجمع بين الإنسان والحصان الذي يتلوى ألما وقد اخترق جسده رزمة من الحراب والسيوف، ففارت من جراحه الدماء، والثور الذي أدار رأسه بقوة إلى الوراء من شدة الذعر والوحشية، والمرأة الثكلى التي تحتضن رضيعها الذي مات في التو وهو مازال في الأشهر الأولى من عمره، هو الذي كان يرضع ثدي أمه قبل أن يداهمه الموت ليفارق مصدر الحياة ويتدلى رأسه وكأنه سينفصل عن جسده كما تنفصل الثمرة عن غصنها..
كل العيون تدحرجت من محاجرها وسالت دما إلا عيني الرضيع فقد بدتا بيضاوين لا حركة فيهما ولا صورة، وتحت حوافر الحصان تناثرت أشلاء مقاتل قطع القصف رأسه وذراعيه، وفي قبضة إحدى ذراعيه بقايا سيف وزهرة ما زالت تتمسك بالحياة، ونسوة يحاولن النجاة ولا سبيل..
وعن مجازر اليمن ولا نبالغ اذا قلنا ان مجزرة «غرنيكا» هي مجزرة صغيرة قياسا على المجازر الكبرى والمتعددة في يوم واحد في اليمن أما عن المجازر التي ارتكبت وما زالت ترتكب ضد الشعب اليمني منذ ما يقارب العامين من قبل العدوان السعودي الأمريكي وحتى هذه اللحظة فهذا لا يتحملة العقل البشري . يواصل يواصل العدوان إمعانه في ارتكاب المزيد من المجازر وإذا كانت مجزرة غرنيكا جريمة ارتكبت في ساعات اما المجازر بحق اليمنيين فهي سلسلة مجازر يومية على مدى عشرة أشهر واكثر . ، لقد قتل الف انسان بريء في غرنيكا بينما قتل العدوان الأمريكي السعودية عشرات الالاف في مجازر ابشع من مجازر «غرنيكا»
ففي كل يوم من أيام العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ترتكب طيران الأعداء مجازر ومذابح في كل قرية ومحافظة جميع هذه المجازر تشبه مجزرة غرنيكا لعلها تختلف بتفاصيلها لكن المأساة واحدة مجزرة أو غرنيكا يمنية
بالإضافة الى الانتقام والعقوبات الجماعية والتجويع وكل العذابات الانسانية التي تسببها حرب الابادة والدمار المستمر والتي لا تتوقف حتى تستأنف وهي حرب ابرز شعاراتها اليوم الابادة الكاملة والتدمير الكلي لليمن
لوحة عرنيكا الّتي تشبه الجريدة غدت بيانًا للمجزرة ، تعرّف عنها، تحكي وجع أهلها وتجسّد ثورتهم، مؤكدةً أنّ الموت عابر للأماكن والأزمنة. لكنّ البشر، على ما يبدو، مصرّون دومًا أن يخذلوا الأرض ويرووها بالدماء، حتّى بات لا يسود فيها سوى الموت
ما يحدث في اليمن الآن، ربما هو الأعنف في التاريخ.. والأقذر من حيث همجية المعتدي، وولوغه في دم المدنيين العزل.. والقصف العشوائي، واستهداف المشافي والمراكز الصحية والمنازل والمزارع والمصانع والشركات والمركبات والموانىء والجسور والطرقات والمدارس وقتل الأطفال والشيوخ والنساء.. وترك النازفين ينزفون حتى الموت، بلا أدنى حس إنساني، ولا رحمة.
ألم يحن الوقت بعد ليرسم أحد مجازر اليمنيين، ليروي أحد ألمنا وليختصر بخطوطه مأساة شعب؟ قد نكون ما زلنا ملازمين للموت، غير مستعدين لوداعه لاننا لم نرسمه بعد وهو لم ينتهي او يتوقف . ربّما عندما نرسمه يموت إلى الأبد. هل المجازر التي ترتكبها السعودية وامريكا أقلّ جُللاً من مذبحة “غرنيكا”؟ المجازر غير قابلة للمقارنة ولا الضحايا تطمح بأن يتنافس بعضها مع بعض .وبالرغم إن ،
بيكاسو خلد مأساة غرنيكا في لوحته الشهيرة المركونة في متحف اللوفر.. ولم يكن في زمنه ثمة كاميرات تلفزيونية.. ولا مراسلين حربيين.. وأما في اليمن فصور القتل والدمار تصلنا حية.. شاهدة على الخزي والعار الذي سيدمغ الضمير الإنساني..
وستبقى اليمن لؤلؤة الشهادة والمقاومة.. ونبراس الصمود..
ومع وجود الكاميرات لا يجب ايضاً ان نكتفي بمجموعة من الصور وبث مقاطع الفيديو ،يجب أن نصغ لوحة ناطقة كتلك الّتي رسمها بيكاسو، لوحة استطاعت أن تشرك الناس فيها وكأنّهم عاشوا الواقعة
بتفاصيلها .نريد رسامين يمنيين يوثقون المجازر والمذابح بحق شعبنا ليعبر كل فنان على طريقته عن ماّسي شعبنا واّماله، اذًا المسألة ليست أنّ القدر لا يأتينا مع كلّ حدث أليم فنانًا بحجم بيكاسو ينجز هكذا إبداع فذّ ويصيغ بخطوط سوداء و بيضاء معاناة شعب. ولكنّ الخوف كلّ الخوف أن تكون مذابحنا أماتت فينا كلّ بريق وأنّ أوجاع الروح هذه لم تعد قادرة أن تحمل ترف الإبداع أو أن تطلق العنان لنفسها؟ الخوف كلّ الخوف أن نكون قد فرغنا… فرغنا حتّى من أنفسنا. . ولأنّ ذاكرة الإنسان خائنة، وجب وجود الفنّ، الفنّ كمقاومة لخيانة الذاكرة. . ربّما يكون ثمة بيكاسو داخل كل منّا، نحن النّازفين على هذه الأرض. كلّ منا يرسم مكونات ألمه وثورته . كلّ منّا يرسم جزءًا من لوحة منتظرة. فهل مَن يجمع أجزاءنا؟