المؤمنون هم من قال الله عنهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران:173) زادهم إيماناً، وكلمة: زادهم إيماناً تعني الكثير من صور الحدث التي تعزز الإيمان في نفسك… قد يكون ذلك الحدث الذي يخوفك به الآخرون هو ما زادك إيماناً من جهة أنك اكتشفت أن تحركك, وأن عملك كان في محله، أوليس هذا من زيادة الإيمان؟ فتكون واثقاً من نفسك, وواثقاً من عملك.
تزداد إيماناً أيضاً عندما تعرف أن عدوك تحرك، لماذا تحرك؟ هو أنه أصبح ينظر إليك أنك أصبحت رقماً كبيراً، وأنك أصبحت تشكل خطراً بالغاً عليه، أوليس هذا هو ما يسعد الإنسان المؤمن أن يعلم من نفسه أن عمله له أثره البالغ في نفوس الأعداء؟ فعندما يتحرك الآخرون ضدك فاعرف أن عملك كان أيضاً عملاً له أثره الكبير، وأن تحركك في مواجهة أعداء الله يُحسب له ألف حساب، سيكون ذلك من جانبهم شهادة لك بأن موقفك حق؛ لأن عملك ضدهم هو منطلق من ماذا؟ من حق أليس كذلك؟ أي أن هذا الحق حرك الباطل هناك، فلو كان موقفي باطلاً لكان منسجماً مع ذلك الباطل، أليس كذلك؟ لأن الحق ضد للباطل، والباطل ضد للحق لا ينسجمان.
ولهذا كان يقول الإمام الخميني (رحمة الله عليه): ((نفخر أن يكون أعداؤنا كأمريكا، وهذا مما يزيدنا بصيرة)). وكان يقول – بمعنى عبارته – ((لو أنني رأيت أمريكا تنظر إليّ كصديق لشككت في نفسي)).
إذاً فصحت موقفك – وأنت تتحرك على أساس من الحق – يشهد له تحرك أعدائك ضدك، أليس هذا مما يزيد الإنسان إيماناً؟.
ومن جانب آخر الإنسان وهو في ميدان العمل يكون مطلوب منه أن يزداد ثقة بالله والتجاء إليه، وتوكلاً عليه، واعتماداً عليه، أليس هذا هو ما يوصي الله به أولياءه, والمجاهدين في سبيله في القرآن الكريم؟ {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(آل عمران: من الآية122). أنت إذا لم تكن في مواجهة عدو يشكل خطورة عليك سيكون التجاؤك إلى الله ضعيفاً أو عادياً، لكن وأنت تُواجَه من هنا، وتواجَه من هنا، وأنت بإيمانك القوي بالله سبحانه وتعالى ماذا سيحصل؟.
ستزداد اعتماداً على الله، وتقوى ثقتك بالله، وتكون أكثر شعوراً بالحاجة الماسة إلى الالتجاء إلى الله، أوليس هذا من زيادة الإيمان؟ حينئذٍ ستكون ممن يؤهل نفسه لأن يكون الله معه؛ ولهذا قال: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} ما هذه عبارة التجاء إلى الله؟ نحن من الله، وفي سبيل الله، وإلى الله، وولينا هو الله إذاً الله سيكفينا، {حَسْبُنَا اللَّهُ} يعني هو كافينا،{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أليست هذه عبارة توحي بعمقٍ في الإيمان؟ {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}(آل عمران:173- 174).
إن الله أراد لأوليائه أن يكونوا بالشكل الذي يُعْيي الآخرين تماماً، لا مرجفون يؤثرون، ولا منافقون يؤثرون، ولا عدوًا يستطيع أن يرهبني, ولا شيء في هذه الدنيا يمكن أن يخيفني، هكذا يريد الله لأولياؤه، وهكذا قامت تربية القرآن الكريم أن تصنع المؤمنين على هذا النحو، تربية عظيمة جداً، وهي تربطك بمن يستطيع أن يجعل نفسك على هذا النحو، وأن يجعل الواقع أيضاً أمامك على هذا النحو، يبدو ضعيفاً أمامك, وفعلاً يكون ضعيفاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76).
ألم يقل كل شيء عن أعدائنا؟ أعداؤنا هم أولياء الشيطان على اختلاف أنواعهم وأصنافهم، أليسوا أولياء الشيطان؟ بصورة عامة {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76).
ويأتي إلى تصنيفهم: يهود, ونصارى, وكافرين.. فيقول عنهم ما أسلفنا من قوله تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} هكذا يقول عن اليهود والنصارى، هل هناك عدوا آخر غير هؤلاء؟ هل هناك عدو للحق، هل هناك عدو للإسلام إلا وهو داخل ضمن أولياء الشيطان.
إذاً فهم أولياء الشيطان، وكيد الشيطان كان ضعيفاً؛ لأنهم يستمدون قوتهم من الشيطان، وأنت إذا استمديت قوتك من الله فلا يمكن إطلاقاً أن يساوي مكر الشيطان, وكيده ذرة واحدة من قوة الله وتأييده لك، هكذا يريد الله لأوليائه أن يكونوا.
#الشهيد_القائد: السيد حسين بدر الدين الحوثي
#قبس_من_خطر_دخول_أمريكا_اليمن