مبادرة المصالحة إلى أين ؟..بقلم/ عبدالله علي صبري
قبيل المستجدات العسكرية بمحافظة الجوف أعلن فريق المصالحة الوطنية عن مبادرة سياسية بهدف تجيب المدنيين في محافظة مارب خطر المواجهات المحتملة حال قررت القوات المسلحة دخولها وتحريرها من دنس الغزاة والمرتزقة، إلا أن الطرف الآخر لم يتعاط مع المبادرة أو ينصت إلى أهميتها كمخرج طوارئ قد لا يتكرر في قادم الأيام، خاصة وأن الضغط الشعبي يدفع باتجاه حسم معركة مارب بشكل نهائي، كيف ولا وهي المحافظة التي استثمرها الغزاة والمرتزقة طوال الفترة الماضية، ونهبوا خيراتها النفطية التي كانت تفيض على كل اليمن.
مع ذلك، نقول إن خيار السلم لا يزال متاحا ومناسبا، سواء أكان في إطار الاستجابة لمبادرة صنعاء، أو في إطار اتفاق ترعاه الأمم المتحدة على النحو الذي جرى في السويد نهاية العام 2018م، والكرة الآن في مرمى ما يسمى بالشرعية، أو الطرف الأهم فيها الإخوان المسلمين وميليشياتهم.
المكابرة لم تعد مجدية، كذلك فإن معنويات المرتزقة التي باتت في الحضيض قد لا تستعيد عافيتها البتة، إنها ساعة النهاية، وما المضي في الخيار العسكري إلا نوع من الانتحار، قد يقبل عليه بعض شجعانهم، أما الغالبية فقد رتَّبوا أمر الفرار على النحو المعروف للجميع، وإذاً فلا مناص من التعقل والقبول بأي حل سلمي، وإن انطوى في الأخير على صيغة استسلامية.
صحيح نحن من جانبنا لا نرضى لأنفسنا استسلاما على هذا النحو، إلا أن الفارق كبير بين فئة تدافع عن وطنها وحقها في الوجود وفي الحياة مسنودة بتضحيات شعبية آن لها أن تثمر النصر الكبير، وبين فئة لا هم لها سوى السلطة والمصالح الشخصية وربما الحزبية في الحد الأوسع نسبيا.
ولعل من حسن حظ الطرف الآخر، أن في صنعاء أصواتاً عقلانية تحض على السلام والمصالحة، وتسعى إلى تجنيب اليمن مزيدا من الصراع، شرط الانخراط في مفاوضات بنَّاءة على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية في السلطة والمسؤولية، وإعادة بناء الدولة وضمان سيادة واستقلال كل شبر فيها من صعدة إلى المهرة، أما الحديث الأجوف عن استعادة ( الشرعية ) فلم يعد له محل من الإعراب، وحتى تحالف العدوان نفسه، فقد بات على قناعة أن لا مصداقية لهذا المصطلح ولا لشخوصه، ولن نستغرب إن جاء اليوم الذي يصبح فيه نزلاء فنادق الرياض ضمن المطرودين من المملكة أو المعتقلين في سجونها..!