ماذا وراء تفكك التحالف السعودي في اليمن؟
الحقيقة/علي الذهب
تدريجياً تنهار صفوف تحالف العدوان على اليمن وتبدو المؤشرات واضحة أن هذا التحالف في طريقه الى التشظي والتفكك، إن لم يكن هذا الأمر قد أصبح واقعاً مع إعلان الإمارات والسودان مؤخراً انسحاب قواتهما المشاركة في الحرب على اليمن.
ورغم انه مازالت حالة من الغموض تسود هذه المواقف لأبوظبي والخرطوم، وثمة من ينظر إليها بأنها مجرد تكتيكات غرضها تخفيف الضغوط على التحالف دولياً مع بدء العام السادس لإعلان حربه وحصاره على الشعب اليمني، إلا أن الخطوة بمجملها -حسب سياسيين- تكشف حالة الفشل العسكري وربما السياسي للسعودية وتحالفها وحالة تفكك هذا التحالف بدأ بانسحاب قطر والمغرب، ثم امتناع عدة دول من المشاركة في الحرب البرية، ما جعل السعودية والإمارات تلجئان الى البحث عن مرتزقة ومقاتلين مأجورين، ومن بينهم المجاميع السودانية التي شاركت في الحرب البرية وقدمها التحالف كبش فداء في كثير من الجبهات، ما يشير أن قرار الانسحاب التدريجي للقوات السودانية من حرب اليمن خطوة تأخرت كثيراً، رغم أن الخطوة لم تعد ذات أهمية كبيرة خاصة بعد أن باشرت الإمارات بنفسها الى الانسحاب العسكري وتركت السعودية وحيدة في مواجهة تبعات عدوانها على اليمن.
وتتعدد التفسيرات بخصوص تزامن انسحاب القوات الإماراتية والسودانية في آن واحد، ويذهب البعض أن الرئيس السوداني المعزول عمر البشير كان متقارباً مع السعودية أكثر وكان يرسل قواته وفقا لرغبة الرياض، لكن بعد الإطاحة به توقف دعم السلطة السودانية الحالية وأصبح نظام ما بعد البشير يواجه ضغطاً خارجياً ممثلاً بالسعودية من خلال قطع الدعم الذي كان يُمنح للبشير، وكذلك ضغطاً داخلياً تمثل في المطالبات الشعبية السودانية بسحب هذه القوات من اليمن، الى جانب ادراك النظام السوداني الحالي أن بلده باتت متورطة في العدوان والجرائم على الشعب اليمني وأن للأمر تبعات أمام المحاكم الدولية.
ويذهب تفسير آخر أن الانسحاب الإماراتي غرضه محاولة الظهور بمظهر المنتصر، فيما الأمر يعود لما قُوبل به التواجد الاماراتي من حالة سخط ورفض شعبي يمني، وكذلك لحالة الخوف من أن تُستهدف منشآتها بضربات صاروخية أو الطيران المسيّر مع تطوير الجانب اليمني لقدراته العسكرية ونجاحه في تنفيذ عمليات نوعية بالعمق السعودي، بينما يرى البعض أن الأمر مازال في إطار الخدعة وله بُعد تكتيكي يتمثل في محاولة الإمارات إظهار أنها لم تعد مشاركة في الحرب على اليمن علناً بينما في الباطن لازال قادتها يديرون عن بُعد فصائل عسكرية في مناطق الجنوب والساحل الغربي ويحركونها متى شاؤوا بما يخدم أهدافهم.
ومهما اختلفت الآراء بشأن ما وراء انسحاب الإمارات والسودان فإن الأمر -برأي المراقبين للمشهد- يُظهر هشاشة التحالف السعودي وحالة انكسارات هذا التحالف، وأنه بدى كياناً غير حقيقي وأن السعودية هي المسيطرة عليه ومشاركة بقية الدول إنما هو شراء من الرياض لدول وجنود تلك الأنظمة لغرض الإيهام بأنها ليست وحيدة، وحتى الإمارات التي كان يمكن اعتبارها الدولة الوحيدة الشريكة في التحالف اثبتت المعطيات أنها فقط تبحث هي الأخرى عن مطامع وأهداف خاصة.
وبالمحصلة، يلخص البعض أن تطوراً كهذا من شأنه مضاعفة الضغط على النظام السعودي الذي بات أمنه القومي اكثر انكشافاً مع الضربات النوعية للقوة الصاروخية والطائرات اليمنية المسيّرة، كما أن العملية العسكرية الكبيرة “نصر من الله” في محور نجران والنجاحات العسكرية اجمالاً يبدو أنها جعلت هذه الدول الشريكة في تحالف العدوان تراجع حساباتها، لما حملت من تأكيدات ان حماية البلدان لا تكون الا على يد ابنائها، أما المقاتلون المرتزقة فلم يسبق لهم أن حسموا معركة قط.