ماذا نعملُ حتى نكونَ متعلمين على يد أعلم العالمين وأحكم الحاكمين؟!..بقلم/ نوح جلّاس
Share
قال الله تعالى: (واتقوا الله ويعلِّمُكم الله) بغضِّ النظر عن الفوائد العظيمة للتقوى..
نركّز كلنا في هذه العبارة الربانية العميقة (واتقوا الله ويعلِّمُكم الله).. يعني لمّا نتقي الله ونحن في مسار حياتنا سيعلمنا الله كُـلّ شيء!! وبأعلى مستوى..
تخيّلوا لو أن أحدَنا يدرُسُ في أعظم صرح أكاديمي في العالم.. ويتعلم على يد كبار الأكاديميين والدكاترة والخبراء.. كيف سيكون مستوانا العلمي؟
أكيد سيكون مستوًى علميًّا وتحصيلًا علميًّا في قمة الفهم والاستيعاب والإجادة..
فما بالكم لما يكون أعلم العالمين وأحكم الحاكمين وأخبر الخبراء، هو من يعلِّمنا ويدرسنا؟!
كيف ستكون النتيجة؟.. يعني سؤال ما يحتاج إجَابَة..
لذلك نحن يجب علينا أن نحرص بأن نكونَ ممن يعلِّمهم الله؛ كي نخرج بأعلى تحصيل علمي على الإطلاق.. وهنا شرط بسيط؛ كي نتلقى العلوم من مالك الملك وخالق كُـلّ شيء، وهو واضح في قوله: (واتقوا الله ويعلِّمُكم الله).. وإلى جانب ذلك نسير في مساراتنا التعليمية التي نحصل عليها في المدارس والجامعات ومراكز البحث والأكاديميات… إلخ..
الخلاصة: أن طلب العلم مع التزود بالتقوى تخرجنا جميعنا إلى نتائجَ عملية عظيمة جِـدًّا..؛ لذلك فالمراكز الصيفية؛ لأَنَّها مقرونة بالتقوى والتزود بالتقوى وهدى الله، وما تتضمنه من برامج تعليمية أُخرى مهنية أَو أدبية أَو فكرية الخ.. تنشئ أجيالاً لا تعرف المستحيل..
وإن كان البعض يستهتر بها أَو يتجاهلها.. نريد منه فقط أن ينظر إلى بعض النماذج التي أخرجتها المدارس الصيفية..
وللتقريب أكثر وأكثر: ننظر إلى واقعنا السياسي اليوم.. من يدير الاقتصاد وقد تغلب على كُـلّ الخبراء الاقتصاديين والوسائل العدوانية التي استخدمها العدوّ في الحرب الاقتصادية؟
من يدير الجانب الأمني، وقد تغلب على كُـلّ مؤامرات الاختراق الأمني وأفشل العبوات والناسفات والسيارات المدجَّجة بالمفخخات وضبط الجرائم بكل أنواعها، والكلام يطول عن إحصائيات الإنجازات الأمنية خلال السنوات الأخيرة.
من يدير الجانب العسكري، وقد تغلب على كُـلّ الآلات الحربية والعسكرية وسطّر ملاحمَ رآها الجميعُ ويصعُبُ وصفُها أَو الحديث عنها.. فثماني سنوات من التصدي لعدوان بهذا الحجم كفيلةٌ بالتحدث وكفيلة بأن تُنطِق الحجر والشجر قبل البشر..
من يدير الجانب السياسي، وقد تمكّن في تثبيت الوضع السياسي بأقل الإمْكَانيات وأظهر التخبط السياسي الفظيع الذي ظهر به العدوّ الذي اضطر حتى للتخلي عن المشهد السياسي الذي كان يبرّر به عدوان ثماني سنوات… إلخ.
وهكذا كُـلّ القطاعات النموذجية التي يديرُها الأحرار الشرفاء والمتقون.. رغم أنهم ليسوا خريّجي أكاديميات دولية، سواء عسكرية أَو اقتصادية أَو سياسية أَو إدارية.. وشهاداتهم تكاد لا تصل للماجستير، ومعظمهم لم تصل حتى للبكالوريوس.. فكانت النتيجة أنهم تغلّبوا على العدوّ في جميع المسارات.. رغم أن العدوّ قد حشد الخبراء من جميع أنحاء العالم.. وحشد كُـلّ قوته!!!.. (وإن كان هناك إخفاقات جزئية في بعض الجوانب، إلا أنها بسَببِ تقصير المجتمع ككل؛ وبسبب أَيْـضاً البيئة الملوثة التي أنشأتها طبيعة العدوان والحصار)..
على كُـلّ.. السرد يطول والشرح بسيط.. أعلم العالمين وأحكم الحاكمين وأخبر الخبراء دلنا كيف نتلقى العلم على يده وهو مالك الملك وخالق كُـلّ شيء ورب كُـلّ شيء والذي ليس كمثله شيء وقال لنا: (واتقوا الله ويعلمكم الله).. هذا عرض عظيم وفرصة عظيمة وطريقها بسيط (واتقوا).
لذلك طلب العلم في جنب الله هو سر نجاحنا وصمودنا وانتصاراتنا.. والفضل هنا (بعد رب العباد الذي عرض علينا بأن يعلمنا)، هو للمدارس القرآنية والتي انبثقت منها المدارس الصيفية الشاملة التي تفتح أبوابها الواسعة اليوم.
لذلك من يستهتر بها أَو يتثاقل عنها ويتجاهل هذا العرض العظيم (واتقوا الله ويعلمكم الله) وينسحب من الصرح العلمي الذي معلِّمُه خالقُ كُـلّ شيء وأعلم العالمين، إنسان خاسر؛ لأَنَّه ظن أن المدارس الفخمة والمعاهدَ الراقية والجامعات والأكاديميات المرموقة ستؤدّي تحصيلًا علميًّا أفضلَ من التعليم الذي يكون فيه المعلم هو خالق الكون!.
ختامًا.. أذكر أني لم أقصد بأن نعتمد فقط على المراكز الصيفية ونترك الجامعات والمدراس والأكاديميات… إلخ.. فقط قصدت أن نتزود بالتقوى ونتعلّم على أَسَاس من هدى الله وتقواه؛ كي تكون النتيجة الخروجَ بالفائدة الأعظم والأجدى نفعاً دنيا وديناً..؛ ولأن الكلام يطول لا أريد نشر ما قاله مختلف الدكاترة والخبراء بكل مجالاتهم، عن الشهيد الصماد ورؤيته وإجادته العالية في كُـلّ شيء.. (فقط أذكر ما قاله الفريق سلطان السامعي عندما أجريت معه مقابلة في العام 2018م.. قال كان الصماد يكلِّفهم بإعداد مشروع اقتصادي أَو تنموي أَو أي شيء.. فكانوا يستعينون بأفضل الخبراء والأكاديميين؛ كي يعدوا رؤيةَ مشروع..
وعند تسليم المشروع، يحلّل الشهيد الصماد المشروع كاملًا ويُظهِرُ لهم مكامنَ الضعف ويضيفُ للمشروع نقاطَ قوة وخطواٍت منطقية بناءة، رغم أن الصماد لم يكن خريجَ أكاديميات اقتصادية أَو سياسية أَو إدارية أَو تنموية أَو غيرها).
وَأَضَـافَ السامعي في مقابلته (عندما وجدتُ الصماد بهذه الرؤية عكفت وقتًا طويلًا؛ كي أعرف من أين خرج رجل بهذه العقلية.. ومع معرفتي بأنه ليس أكاديمياً أَو خريجاً من أيٍّ من الأكاديميات الشهيرة، وعرفت أين تعلم وعلى يد من تخرج، أدركت أن المدرسة القرآنية الشاملة هي من أخرجت الصماد بهذا الشكل).
الشهاداتُ عديدة والشواهد حية وكثيرة وقريبة.. فقط تحتاج منا الحرص على عدم تفويت أية فرصة أَو عرض عرضه علينا خالق هذا الكون.. (واتقوا الله ويعلِّمُكم الله)؛ فلنحرص على أن نتلقى العلم من العظيم العليم الحكيم.. ونلتحق جميعاً في كُـلّ الصروح العلمية المبنية على هدى الله وهديه العظيم.. لذلك فالمدارس الصيفية موسم عظيم وهام.. وبعدها نعود إلى المراكز العلمية التي نتعلم فيها.. ونحرص على التزود بالتقوى؛ كي تكون النتيجة هذه التي يراها الجميع وأذهلت العدوَّ قبل الصديق ونصلَ إلى أن يكون معلمنا هو الله.