ماذا لو خرج مطار أبها السعودي قريباً من الخدمة؟
الحقيقة/شارل أبي نادر
بعد أن عاش تحالف العدوان على اليمن وخاصة قائدته السعودية فترة غير بسيطة من الانكار، حول مسار حربه على اليمن وما آلت اليه من فشل وجمود، اولا لناحية تجاهل ما يجري من عجز وتقهقرفي الميدان والمواجهات المباشرة بين وحداته ومرتزقته من جهة، وبين وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية من جهة اخرى، وثانيا لناحية تكبد وحداته خسائر ضخمة في العديد المدعوم بعشرات الاف المرتزقة، وفي العتاد الاكثر تطورا وكلفة، ها هو اليوم (تحالف العدوان) ينتقل مباشرة، ودون المرور بنقطة وسطية، من وضع “ممتاز” لوحداته في الميدان وفي المواجهات، الى وضع ميؤوس منه لناحية فقدانه المبادرة بالكامل، ليس فقط على جبهات المواجهة في الداخل او على الحدود، انما لناحية استسلامه العلني وعجزه الكامل عن حماية مطاراته جنوب غرب المملكة.
كان لافتاً هذا الانتقال الدراماتيكي لخطاب التحالف السعودي، من الانكار بداية والتجاهل الى الصراخ والبكاء فجأة، ومناشدة المجتمع الدولي لحماية منشآته الحيوية ومطاراته من صواريخ وطائرات انصار الله، والذين كانوا بداية عدوانه على اليمن بنظره، ليسوا باكثر من مجموعة من متمردين، سوف يسقطون مستسلمين خلال عدة ايام او بضعة اسابيع حد اقصى، ها هم اليوم يقودون وبنجاح لافت معركة اقليمية شبه دولية، ضد تحالف واسع من اغنى دول الاقليم، ومدعوم بترسانة ضخمة من احدث الاسلحة والعتاد الغربي المتطور.
هذا الانحدار الدراماتيكي لجهوزية وفعالية ومعركة تحالف العدوان على اليمن، قابله وفرضه من جهة اخرى، تصاعدٌ دراماتيكي واضح لوحدات الجيش واللجان الشعبية اليمينة، ظهر من خلال:
ـ الصمود في الميدان من خلال اعتماد مناورة قتال متقدمة في تكتيكات الهجوم والدفاع، بحيث نتج عنها سيطرة شبه كاملة للجيش وللجان الشعبية في اغلب مواجهات الداخل والحدود، وبحيث أخرجت امكانية انتصار وحدات العدوان في اية معركة برية هجومية او دفاعية من المعادلة نهائيا …
ـ تطوير وتحديث وتصنيع قدرات استراتيجية من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، كانت لافتة في تدرُّجِها المواكِب للمعركة ولحاجة الميدان من تغطية الاهداف، القريبة داخليا اولا، والمتوسطة خارج الحدود مرحلة ثانية، والاستراتيجية البعيدة خارج الحدود وفي عمق دول العدوان مرحلة ثالثة.
ـ ايضاً تمثل هذا التصاعد الدارماتيكي وتجلى مؤخرا في مناورة اختيار بنك واسع من الاهداف الاستراتيجية، منها على سبيل المثال لا الحصر، مطار ابها في محافظة عسير، واعتماده نقطة ضغط اساسية من ضمن رزمة واسعة من الاهداف الحيوية او نقاط الضغط الاستراتيجي.
هذه المناورة المركزة من الضغط على مطار “أبها”، والتي يمكن اسقاطها على اغلب الاهداف الحيوية الاخرى التي اعتمدتها وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمينة ، نستطيع ان نربطها بالتالي:
اولاً: لناحية قيمة الهدف
لا شك ان مطار “أبها” يعتبر من الاهداف الاكثر حيوية اهمية في مسار المعركة الاستراتيجية حالياً، فهو المطار الاهم في جنوب غرب المملكة ، مدنيا وعسكرياً، نظرا لما يقدمه اولا من خدمات اساسية للنقل الجوي بين جنوب غرب المملكة وداخلها وشمالها وشرقها، وثانيا كونه نقطة الارتكاز الاولى لمعركة التحالف الجوية والتي تخدم معاركه في وسط وشرق وشمال شرق اليمن، أي انه يُعتمد لانطلاق قاذفات التحالف التي تغطي معارك محافظات بيضاء والضالع ومأرب والجوف وصعدة ونجران وعسير.
ثانياً: لناحية حساسية الهدف
اللافت في مناورة استهداف مطار “أبها” حتى الان، أن وحدات سلاح الجو اليمني المسير او وحدات القوة الصاروخية لم تعمد في أية مرة، الى استهدافه بشكل مفاجىء، بل كان دائما يتم الابلاغ والتحذير وتأكيد الاستهداف ومعاودته اكثر من مرة مع إعادة التحذير، واللافت بالمقابل ان سلاح الدفاع الجوي السعودي، والذي يمتلك احدث منظومات الصواريخ الدفاعية والهجومية، كان يفشل دائما بالرغم من التحذيرالمسبق، في حماية المطار ومنشآته ومرابض الطائرات وابراج المراقبة وحتى كان يفشل في حماية بطاريات الباتريوت المكلفة بحماية المطار.
لا شك ان مطار “أبها” هو اليوم على الطريق للخروج من الخدمة، اولا من الناحية العسكرية، حيث اصبحت اغلب منشآته معرضة للاستهداف الاكيد كما اسلفنا، حتى ولو واظبت الوحدات السعودية على ترميم النقاط المتضررة وعلى اصلاح الاعطال الناشئة عن الاستهدافات المتواصلة ، وهذا الموضوع اشار اليه مؤخرا العميد يحيى سريع الناطق العسكري اليمني، وثانياً من الناحية المعنوية حيث من المستحيل بعد الان ان يُعتمده بسهولة في الانتقال جوا داخل المملكة، من والى المنطقة الغربية الجنوبية، لما يشكله ذلك من خطر اكيد على حياة المسافرين.
انطلاقا من ذلك ، وحيث ننتظر بين ساعة واخرى اعلانا من المملكة بخروج مطار “أبها” عن الخدمة، يمكن القول انه سوف يكون لهذا الخروج المرتقب والاكيد تأثيرا هاما على مسار الحرب على اليمن، والتي تدرجت من صمود موضعي ومحدد على جبهات داخلية معروفة، فنقل للمعركة الى الحدود المباشرة مع المملكة وخارجها، ثم الى انتقال لمواجهة استراتيجية خارج اليمن بالكامل، والى داخل عواصم ونقاط دول العدوان الحيوية ومطاراتها الاساسية، الامر الذي سيشكل نقطة مفصلية، تؤكد عبرها وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية انها انتصرت في معركة الدفاع عن وطنها ، وتعترف قوى العدوان مرغمة، وحيث لم يعد من مجال بعد الان للانكار، انها خسرت الحرب وما عليها الا البحث عن مخرج، لا بديل عنه وطالما تجاهلته وتهربت منه ، وهو التسوية السلمية والسياسية العادلة.